السلطة الجديدة في ليبيا.. خارطة العبور
تحديات جمة تزرع جسرا من الألغام أمام السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، وتستدعي جملة من العوامل لتأمين خارطة العبور نحو الاستقرار.
خبراء ليبيون أجمعوا على وجود تحديات جمة تنتظر السلطة الجديدة، بينها إخراج المرتزقة، وتفكيك المليشيات، وتمهيد الطريق للانتخابات.
وأكد الخبراء، في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية"، أن نجاح الحكومة الجديدة في المهام الشائكة المكلفة بها، يتوقف على التزام المجتمع الدولي أخلاقيا وقانونيا بدعمها، ومحاولة تمهيد الطريق لها، للوصول إلى انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021.
والجمعة، أعلنت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، فوز قائمة محمد المنفي برئاسة السلطة التنفيذية المؤقتة في البلاد، ومعه عبدالحميد دبيبة لرئاسة الحكومة، بعد حصولها على 39 صوتا، مقابل 34 لقائمة عقيلة صالح.
وأضافت وليامز، عقب إعلان النتائج، أن المجتمع الدولي سيدعم نتائج الانتخابات، وسيراقب من تمّ انتخابه، مطالبة الحكومة الليبية المقبلة بالحصول على ثقة البرلمان خلال 21 يوما.
فرض الأمن
طاهر الطيب، المحلل السياسي الليبي، يرى أن ليبيا بحاجة إلى أشخاص أقوياء، ولهم قوات على الأرض لفرض الأمن وتوحيد المؤسسات، رغم أن السلطة الجديدة تضم شخصيات غير جدلية.
ليبيا الجديدة.. ترحيب أممي وتعهد بدعم السلطة المؤقتة
وقال الطيب إن أول اختبار للسلطة الجديدة هو مقر ممارسة عملها، فإن تمسكت بالعاصمة طرابلس فإنها ستكون دوما تحت رحمة المليشيات، ما يجعلها عاجزة عن تنفيذ برنامجها، وأولها توحيد المؤسسات ناهيك عن توحيد البلاد.
وأوضح أنه على الحكومة الجديدة الانتقال من طرابلس للعمل في سرت (الساحل) إن كانت راغبة في تنفيذ مهمتها بنجاح، مشيرًا إلى أن بقاءها في طرابلس يجعل الوضع كما هو عليه في زمن الحكومات السابقة.
وأكد أن طريقة أداء الحكومة وتوزيع المناصب بشكل عادل على الأقاليم وتمثيل كل المكونات بها، سيكون أحد عوامل نجاحها، في حال اجتازت هذا المنعطف الحاسم.
وحول قبول المليشيات المسلحة بالسلطة الجديدة، قال الخبير إنها ستقبل ظاهريا، لكنها ستحاول جعلها دوما تحت الابتزاز، ولن تجعلها تعمل بأريحية ويسر، وستحاول إعاقة عملها إلا إذا كان المجتمع الدولي جادًا في مساعدة هذه السلطة والضغط بشكل فعلي، واتخاذ إجراءات رادعة حقيقية وليست صورية، عندها فقط يمكن لهذه السلطة أن تنجز شيئًا من برنامجها.
من جانبه، يعتبر مختار الجدال، المحلل السياسي الليبي، أن السلطة الجديدة ستواجه عراقيل، ونجاحها في اجتيازها يتوقف على تمثيل واسع لإرضاء المكونات الاجتماعية في ليبيا، عبر اختيار وزراء الحكومة والمؤسسات السيادية للدولة.
خطوة نحو السلام.. التزام أفريقي بدعم السلطة الليبية الجديدة
وأشار الجدال إلى أن قبول السلطة الجديدة شعبيًا يتوقف على مدى قيامها بتوفير الأمن والاستقرار، وحلحلة الإشكاليات التي يعاني منها الليبيون، وصولا إلى إنجاز خارطة الطريق التي تنتهي بالانتخابات.
وحول تفكيك المليشيات وجمع السلاح وإخراج المرتزقة، اعتبر المحلل السياسي أن هذه الملفات ستكون حجر عثرة أمام الحكومة المقبلة، لافتا إلى أنه رغم أن هذه المهام من اختصاص المسار العسكري والأمني، إلا أن التنفيذ يحتاج إلى سلطة حكومة قوية.
واستبعد المحلل السياسي تتويج الفترة الانتقالية بإجراء انتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفقا للظروف الحالية، مستدركا: "إلا إذا اتخذت خطوات حاسمة في موضوع حل المليشيات وإدماجها وجمع السلاح وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية".
التزام دولي
عز الدين عقيل، المحلل السياسي الليبي، يرى من جهته، أن نجاح الحكومة الجديدة في مهامها يتوقف على التزام المجتمع الدولي تجاهها أخلاقيًا وقانونيًا.
وقال عقيل إن المجتمع الدولي لم يضع (كما حدث في اتفاق الصخيرات/ المغرب 2015) أي التزامات دولية على نفسه حيال مساعدة السلطة الجديدة على صناعة الاستقرار، سوى الترديد النظري الأجوف لوعود وعبارات الدعم والمساندة الافتراضية التي صدرت عن أطراف مختلفة.
واعتبر أن السلطة الجديدة أمام تحدٍ كبير، يتمثل في القدرات العسكرية الهائلة للميليشيات المسلحة، والتي بلغت حد امتلاكها طائرات بدون طيار وغرف تحكم متطورة، ما يمكنها من تنفيذ أي عملية جوية ضد السلطة الجديدة، إلى جانب قدرتها على مهاجمتها من الأرض.
الإفلات من العقاب
ووفق عقيل، فإن مبدأ الإفلات من العقاب السائد في طرابلس، والنهب المروع للمال العام يخلق جوا يحرض بشكل مرعب على الاستعصاء بالمناصب، محذرًا من أن هذه الأجواء يمكنها أن تنقلب بأي لحظة ضد هذه الحكومة.
وأشار إلى أن هناك أولويات للشعب الليبي على الحكومة الجديدة الإنصات لها والبدء في العمل عليها بشكل عاجل، على رأسها نزع السلاح وتفكيك المليشيات، وإعادة تنظيم وهيكلة القوتين العسكرية والأمنية، وإعادة المهجرين والنازحين وإعادة توحيد المؤسسات والمجتمعات المحلية، وحل المشاكل الاقتصادية المؤلمة.
وأكد أن المواطن الذي لا يتمكن من سحب أمواله من حسابه المصرفي ويعيش على الاقتراض بسبب وجود مليشيات تحاصر المصارف وتمنعه من الوصول لأمواله، لا يمكنه أبدا أن يعتبر الانتخابات حلا لمشاكله.
وأشار إلى أن "الانتخابات نتيجة طبيعية لاستقرار مجتمعي، إلا أنها بالنسبة لظروف الليبيين اليوم، لا تعتبر الأداة المناسبة لصناعة الاستقرار، بل إن إقامتها في ظل فوضى السلاح والمليشيات وتشرد المجتمع الليبي بالتهجير والنزوح، لن تزيد طين مشاكل الليبيين المعقدة إلا بلة".
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMjgg جزيرة ام اند امز