الورفلي.. "قاهر الإرهاب" المطلوب للعدالة الدولية
"قاهر الإرهاب" و"مطلوب للعدالة"، "محبوب" و"مثير للمشاكل".. كل هذه الأوصاف تنطبق على رجل واحد، هو العسكري الليبي الراحل محمود الورفلي.
ولفظ الورفلي أنفاسه الأخيرة، الأربعاء، متأثرا بجراحه إثر تعرض سيارته لوابل من الرصاص أثناء توجهه إلى منزله في بنغازي شرقي ليبيا، وفق مصدر أمني ليبي.
وأكد المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية": "نُصب كمين مسلح للورفلي وشقيقه، وتعرضا لوابل من الرصاص قرب جامعة الطب البشري، في مدينة بنغازي".
ويعتبر اغتيال الورفلي لغزا كبيرا في ليبيا في الوقت الحالي، إذ وقع في وسط بنغازي التي تشهد تراجعا أمنيا يصل إلى "الانفلات"، يراه مراقبون "مفتعلا" و"سياسيا" وليس "جنائيا".
والورفلي المعروف بقاهر "داعش"، يعد من القيادات العسكرية التي قدمت مساهمات بارزة في تحرير ليبيا من كابوس الجماعات الإرهابية التي احتلت مدن الشرق بعد 2011.
وكان محمود مصطفى بوسيف الورفلي المولود عام 1978 قياديا بارزا في "قوات الصاعقة" التي حاربت تنظيمي "داعش" و"أنصار الشريعة" الإرهابيين لسنوات طويلة.
وتحصل القيادي العسكري على رتبة نقيب بعد أن تخرج في الكلية العسكرية الليبية عام 2009، ثم انخرط في الخدمة بكتيبة الصاعقة، ونال رتبة رائد عام 2017.
ومع اندلاع الحرب ضد الإرهاب وانطلاق عملية "الكرامة"، أعلنت كتيبة الصاعقة تبعيتها للقوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، ودعمت حربها ضد مجلس شورى الثوار في بنغازي خلال الفترة بين 2014 و2017.
والأربعاء، نعت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية الورفلي، وأكدت أنه "كان مثالا للشجاعة والفداء في معارك العزة والكرامة ضد الخوارج والتكفيريين".
وكان الورفلي مطلوبا من عدد من التنظيمات الإرهابية بسبب دوره في الحرب ضد الإرهاب، ومطلوبا أيضا للعدالة.
وأخيرا، انتشرت منشورات لجماعات إرهابية في الشرق الليبي تؤكد أن الورفلي سيتعرض للاغتيال، وهو ما حدث بالفعل أمس.
في المقابل، حركت حكومة فايز السراج مذكرة ضد العسكري البارز في المحكمة الجنائية الدولية في 2017 على خلفية اتهامه بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق من قالت إنهم "منتسبون إلى التنظيمات الإرهابية في بنغازي".
كما أن الورفلي كان مطلوبا للعدالة داخليا أيضا، إذ خضع للتحقيق أمام المدعي العام العسكري بالجيش الليبي في أغسطس/ آب 2017، على خلفية تهم غير معروفة، لكن الضغط الشعبي أفشل المحاكمة.
وشعبيا، أثار التحقيق مع الورفلي سخطا وغضبا كبيرا، إذ رأى قطاع كبير من الليبيين أن هذا الرجل لا يستحق هذا المسار، لأنه أدى واجبه الوطني والديني.
وفي الفترة الأخيرة، ظهرت العديد من الدعوات لتكريم الورفلي بعد مشاركته الكبيرة في الحرب ضد الإرهاب في كل من بنغازي ودرنة والهلال النفطي، بل إن صوره معلقة على السيارات والمنازل في بنغازي.
وظهر القيادي العسكري الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الأوساط الليبية بمدينة بنغازي، مؤخرا، وهو يقدم مساعدات مالية لأسر شهداء وجرحي العمليات الإرهابية.
فتش عن الإخوان
وفي الفترة الأخيرة، خرج الورفلي من عباءة الجيش الليبي، وأحرج القيادة العسكرية بعد إقدامه على أفعال مثل اقتحام مقر وكالة "تويوتا" في ليبيا، وتخريبه، بدعوى أن مالكه من سارقي المال العام.
كما ظهر بالفترة الأخيرة في مقاطع مصورة يهدد من سماهم "دواعش" المال العام بالانتقام، ما وصفه البعض بأنه "خروج عن عباءة الجيش"، و"إثارة للمشاكل".
ووفق مراقبين، فإن توقيت اغتيال الورفلي يشير إلى وجود محاولات لإحداث ارتباك في الشرق عموما، وفي صفوف الجيش الوطني الليبي خصوصا بعد فشل محاولات محاكمة الورفلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهو مسعى كان تنظيم "الإخوان" يقف وراءه في إطار محاولات إدانة الجيش.
كما يمكن أن يكون هذا الاغتيال محاولة لضرب التوافق على الحكومة الانتقالية، بعد الاختراق السياسي ونجاح اللجنة العسكرية المشتركة والدعم الدولي لقراراتها القاضية بتفكيك المليشيات وإخراج المرتزقة من ليبيا والسعي لفتح الطرق بين سرت ومصراتة وباقي المدن.
وقال المراقبون إن "اغتيال الورفلي يحمل رسالة واضحة تتمثل في عودة جيوب التنظيمات الإرهابية في الشرق، في محاولة لكسر إرادة الجيش الليبي تمهيدا للانتخابات المقبلة التي يراهن عليها تنظيم "الإخوان" للعودة للمشهد في البلاد".