المصالحة الليبية.. جهود رئاسية وانتقادات حقوقية
يسعى المجلس الرئاسي الليبي لإعداد مشروع قانون للمصالحة الوطنية يكون أساسا للاستقرار في البلاد التي عانت أعواما من الحروب والتهجير.
وشكل المجلس الرئاسي الليبي، ممثلا في النائب عبدالله اللافي، لجة لصياغة مشروع قانون المصالحة، إلا أنه تعرض لانتقادات واتهامات بتمثيلها صوتا واحدا ومخالفة الاتفاق السياسي وخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.
ملف المصالحة الوطنية هو أحد أولويات المجلس الرئاسي والحكومة الليبية، وفقا لتعهداتهما منذ تكيلفهما في ملتقى الحوار السياسي بجنيف في فبراير/شباط الماضي، وصولا بالبلاد إلى انتخابات وطنية كان مقررا أن تعقد 24 ديسمبر/كانون الأول، ولكنها تأجلت.
انتقادات حقوقية
ترى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أن هناك تهميشا وإقصاء وتغييبا وصفته بالمتعمد من جانب الرئاسي الليبي لمؤسسات المجتمع المدني العاملة في ميدان حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعدم تمثيلها في مسار المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
وقالت اللجنة، في بيان لها السبت، إن استمرار تغييب هذه المؤسسات الفاعلة عن المشاركة في أعمال الإجتماعات التحضيرية لوضع الأطر القانونية لمشروع قانون المصالحة الوطنية، الذي يُشرف عليه الرئاسي الليبي، يمثل إخفاقاً في وضع أسس وقواعد وركائز ثابتة لملف المصالحة الوطنية.
وأكدت أن عدم إشراك أكبر قدر ممكن من الأطراف والكيانات الفاعلة، سيُهدد كل ما تم التوصل له من جهود وطنية ومجتمعية والاتفاقيات السياسية التي أبرمت طيلة السنوات الماضية.
وشددت اللجنة على أن مشروع المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة في ليبيا لا يمكن أن تستأثر أو تستفرد به جهة بعينها، وإنما هو هدف وطني جامع لجميع فئات ومكونات المجتمع ومؤسسات الدولة الليبية الحكومية وغير الحكومية.
وقالت إن استفراد المؤسسات الحكومية فقط دون سواها في الأعداد والتحضير لمشروع قانون المصالحة الوطنية، عمل غير مهني ولا يسهم في خلق أرضية مشتركة لصياغة رؤية وطنية جامعة حول مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
وتابعت اللجنة في بيانها أن النهج القائم في الإعداد لمشروع مسودة قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية لا يمكن أن يؤسس لأسس متينة وعادلة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، تكفل وتضمن حقوق الضحايا والمتضررين، وجبر الضرر وعودة المواطنين النازحين والمهجرين بالداخل والخارج، وإنهاء الإفلات من العقاب المبني على أساس العدالة التصالحية والعدالة الانتقالية أيضاً.
حوارات مجتمعية
اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا أكدت أنه كان لزاماً على المجلس الرئاسي الليبي أن يطلق سلسلة من الحوارات المجتمعية والقانونية والحقوقية والثقافية ولقاءات تشاورية مع الأكاديميين والخبراء في مجالات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وحلقات نقاش علمية حول مشروع مسودة القانون.
وأشارت إلى وجوب والتشاور والتنسيق مع المؤسسات القانونية والحقوقية الفاعلة على الساحة الحقوقية والقانونية في عموم البلاد وإشراكها في الاجتماعات التشاورية لإعداد مسودة مشروع القانون وفقاً لما نصت عليه خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.
ونوهت إلى أن الاكتفاء بجهات حكومية في كتابة مسودة مشروع قانون المصالحية يجعلها لا تمثل إلا رؤية أحادية الجانب، وأن ما هو قائم الآن من عمل على ملف المصالحة الوطنية لا يعدوا كونه محاولة للاستثمار والتوظيف السياسي لمشروع المصالحة الوطنية في ليبيا.
واعتبرت اللجنة أن الخطوات الحالية ستُفرغ وتُهدر مشروع المصالحة من قيمته الإنسانية والوطنية النبيلة قبل إنجازه، جراء السياسات الانتقائية والإقصائية التي يتبعها النائب بالمجلس الرئاسي الليبي المشرف على مسار المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وفق بيان اللجنة.
واختتمت اللجنة مطالبة المجلس الرئاسي الليبي بالعمل على معالجة الاختلالات التي وقعت في التعاطي مع مسار المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والذي انحرفت به عن مساره وأهدرت قيمته الوطنية والاجتماعية.
قطار المصالحة
ومنذ بداية عام 2021، يسعى الليبيون برعاية أممية في مسارات أربعة للمصالحة، عسكرية وسياسية واقتصادية ودستورية، من أجل حل الأزمة وتوحيد المؤسسات وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة بعد سنوات من الحرب والانقسام.
ومر قطار المصالحة الوطنية الليبية بعدة محطات، بدعم من الأمم المتحدة، تمثل في فتح الطريق بين الشرق والغرب والإفراج عن عدد كبير من المحتجزين، وتشكيل مفوضية وطنية عليا للمصالحة.
aXA6IDMuMTMzLjEyOC4yMjcg جزيرة ام اند امز