مرشح لرئاسة "المركزي الليبي" عن اتفاق المناصب: طريق نحو الوحدة
بعد أكثر من 8 أعوام من الانقسام السياسي في ليبيا، اتفق أطراف النزاع أخيرا على توحيد المؤسسات السيادية وتعيين شاغليها.
ومطلع العام الجاري، أحال مجلس النواب الليبي عددا من أسماء المرشحين للمناصب السيادية لمجلس الدولة؛ للحصول على التزكيات اللازمة، من بينهم ياسين كمرشح لمنصب محافظ المصرف المركزي؛ إلا أن مجلس الدولة امتنع عن الرد، ما عطل جهود توحيد هذه المؤسسات.
وفي اجتماع بين رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، ورئيس ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري خالد المشري، تم الاتفاق أخيرا على توحيد المؤسسات السيادية وإعادة تسمية رؤسائها.
وفتح الاتفاق المجال أمام المرشحين لهذه المناصب للتحرك من أجل تأمين الشروط المطلوبة لشغل المناصب، بناء على قواعد تم تحديدها في وقت سابق خلال اجتماعات بمدينة بوزنيقة المغربية، لتوزيع المناصب على الأقاليم الثلاثة الشرقية والغربية والجنوبية.
ووفقا للاتفاق، فإنه يجب إعادة تسمية شاغلي منصبي محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، ليكون من إقليم "برقة" شرقي البلاد، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات والنائب العام وديوان المحاسبة من إقليم طرابلس -غرب-، ومنصبي رئيس هيئة مكافحة الفساد ورئيس المحكمة العليا من إقليم "فزان".
تفاهمات إيجابية
وفي تعقيب على الموضوع، يرى الخبير الاقتصادي والسياسي الليبي، أنور ياسين، وهو أحد المرشحين لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، أن لقاء صالح والمشري لم يكن وليد مبادرة جديدة ولا تمهيدا لعملية تنظيمية تتطلبها المرحلة.
وقال ياسين، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن اللقاء يشكل استمرارا لتنفيذ اتفاق الصخيرات 1 و2 المنعقد في المغرب، والذي تمحور حول اختيار وإعادة تنصيب القيادات الإدارية للمناصب السيادية المتفق عليها.
وأضاف أن المجلسين سبق واتفقا حول هذه المناصب وطريقة تسميتها من خلال لجان تمثل كل منهما، وتم الإعلان عن قبول ملفات المرشحين لشغل هذه المناصب من الطرفين منذ نحو عامين.
كما عقدت الاجتماعات والجلسات وشكلت لجان فرز وقبول ولكن، ولعدة أسباب لم يتم استكمال هذه العملية ولم تعقد جلسة اختيار المرشحين.
ووفق الخبير، فإنه بغض النظر عما شاب الفترة السابقة من توتر بين الطرفين وبين السلطات التنفيذية، إلا أن اللقاء في هذا الوقت تحديدا مؤشر إيجابي على تفاهمات بين الفرقاء.
ولفت إلى أن اللقاء يشي أيضا بتقارب يصب في مصلحة توحيد المؤسسات وتحييدها عن الصراع السياسي وكذلك إيجاد نقاط تلاقي تصلح للانطلاق في إعداد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أجل قريب.
وأشار إلى أن مجرد توحيد المؤسسات السيادية والسلطة التنفيذية سيعود على ليبيا بالاستقرار النسبي حتى لو تأخرت الانتخابات قليلا، إذ أن الانتخابات في حد ذاتها -وفقا لياسين- ليست هدفا، ولكن الهدف هو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بتوحيد المؤسسات والتي هي الأساس الذي يعتمد عليه إجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
مرحلة تمهيدية
وشدد ياسين على أن هذا الاتفاق مهم جدا في المرحلة التمهيدية التي تسبق بناء الدولة والذي لا يمكن أن يتحقق في ظل سلطات متنازعة ومؤسسات متوازية.
واعتبر أن الحال في ليبيا بالإضافة لمعضلة الصراع السياسي وتنازع الاختصاصات بين السلطات ليس بمعزل عما يجري في العالم من أزمة اقتصادية وركود عام وتحالفات كبرى وتبعات أزمة كورونا وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية وما تلقيه بظلالها على إمدادات الغاز والنفط والطاقة والنقل البحري وارتفاع أسعار الغلال وغيرها من المؤثرات.
وأشار إلى أنه لحساسية الوضع في ليبيا سواء من ناحية الموقع الجغرافي أو من ناحية اعتبارها مصدرا مهما للنفط والغاز أو لاعتبارات دول الجوار وعلاقتها بمحيطها وجوارها، فإن التوافق السياسي الداخلي مهم ومصيري.
عكس ذلك، حذر الخبير من أن المؤسسات المنقسمة لن تستطيع الصمود في ظل كل هذه المعطيات وستستنفذ مواردها وستكون مطمعا للمتنفذين وتجار الأزمات.
أهمية الخطوة
ونوه ياسين، المرشح لمنصب محافظ المصرف المركزي، إلى أن إعادة اختيار رؤساء جدد للمناصب السيادية أمر بالغ الأهمية، لاعتبارات تخص الفترة السابقة.
ولفت إلى أن أغلب من كانوا في هذه المناصب انحازوا بشكل أو بآخر إلى طرف دون آخر، وتأثر بعضهم بتيارات معينة وتبني بعضهم سياسات لم تكن محايدة في أغلب الأحداث وهذا في حد ذاته قد يؤدي بهذه المؤسسات إلى الاستمرار في هذا النهج.
وأكد أن ضخ دماء شابة وجديدة من خلال إعادة اختيار رؤساء جدد للمناصب السيادية ممن لم ينخرطوا سابقا في التجاذبات والاستقطابات ولم ينحازوا لأيديولوجيات أو تيارات معينة، من شأنه أن يسرع في عملية الاستقرار والعمل بحياد وإعلاء المصلحة العامة للدولة الليبية.
الصراع الليبي والاقتصاد
ياسين يرى أيضا أن الصراعات والانقسام تمثل هجوما متعدد الأشكال، وتسببت بضرر بالغ في جميع قطاعات الاقتصاد الليبي، ومنها: الدخل والعملة والدين العام وإنتاج النفط، وواردات السلع الأساسية والتبعات السلبية التي أحدثتها على مصدر الدخل الأساسي في البلاد، وهو قطاع النفط.
وشدد على أهمية ضرورة توحيد مصرف ليبيا المركزي حتى يتسنى له القيام بدوره المنوط به وأداء مهامه التي نص عليها القانون، وألا يقتصر دوره على ممارسة بعض الاختصاصات التقليدية، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية، مع الصراعات الإقليمية وتداعياتها على اقتصادات العالم والحروب الدولية وآثارها وأزمات الغذاء وموجات الركود والإفلاس التي تعصف بدول الجوار والتسارع التكنولوجي والتسابق الرقمي.
وأشار إلى أن هذه المتغيرات إن لم يكن الليبيون مستعدين لها فإنها ستضعهم بمواضع الضعف والتأخر وتنعكس سلبا على المواطن والتنمية، ولذلك فإن النجاح والاستقرار مرتبطان بإدارة موارد البلاد بحكمة، وتنمية المجتمع وتعزيز قيمة العملة وتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين.
المصرف المركزي
يقول المرشح الليبي إن المصرف المركزي بالإضافة لمهامه العامة هو المستشار المالي للسلطة التنفيذية، وهو أيضا ذراع من أذرع السلطة التشريعية، ولا يمكن للمصرف المركزي أن ينجح في مهامه ما لم يلتزم بموقعه القانوني الذي حددته التشريعات والتزامه الأخلاقي الذي سنته الأعراف المحلية والدولية.
وأشار إلى وجود عدة ملفات يجب الانتباه إليها لحل الأزمة المالية والاقتصادية في ليبيا خاصة في مسألة توحيد المصرف المركزي وقد ضمنها في برنامجه، من بينها العمل تحت إشراف السلطة التشريعية وبمعية السلطة التنفيذية لوضع نهاية الصراع والفوضى، عبر إعادة النظر في سعر الصرف الحالي ووضع جدول زمني معلن وملزم للتغيرات اللاحقة حتى الوصول إلى سعر توازني يتحقق عنده الاستقرار .
حلول
بحسب الخبير، فإنه من الضروري فتح المقاصة فورا بين البنوك وفروعها والعمل على نقل غرفة المقاصة إلى مقر أكثر اتساعا لاستيعاب العدد المناسب من العاملين وتزويدها بأحدث المنظومات والمعدات لضمان إنجاز الأعمال بسرعة وكفاءة.
وأشار إلى أن الرقابة على المصارف التجارية والنوعية مهمة أساسية يجب القيام بها بالشكل الصحيح وعلى أسس قانونية وعملية، وكذلك توفير السيولة النقدية باعتباره أمرا حتميا ومطلبا أساسيا يجب أن يتم تلبيته بدون قيود وبشكل عاجل.
ونوه إلى وجوب دعم الاستثمار والتنمية عبر التسهيلات الائتمانية للشركات الخاصة والتسهيلات للأغراض الاجتماعية للأفراد في مقدمة الأولويات، إلى جانب إعادة هيكلة خارطة توزيع المصارف بين المدن ودفعها إلى فتح المزيد من الفروع لاستيعاب عدد أكبر من الخريجين والوصول الى عدد أكبر من الزبائن.
كما يجب تطوير العمل المصرفي الرقمي خاصة ملف بطاقات السحب والمعاملات الإلكترونية بشكل أبسط وأكثر أمانا من خلال شركات مرخصة من المصرف المركزي وتحت رقابته وإشرافه، والتوسع في منح تراخيص المصارف التجارية والمتخصصة وتراخيص شركات الصرافة، ووضع الضوابط اللازمة لضمان حسن أدائها، بالتعاون مع بيوت الخبرة من الدول الصديقة والمنظمات الأممية المتخصصة التي تربطنا بها علاقات ممتازة وفتح آفاق التعاون من الشركاء الدوليين عبر القنوات الرسمية.
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg جزيرة ام اند امز