رفع العقوبات عن غزة.. اختبار "صدقية" اتفاق فتح وحماس
حركتا فتح وحماس أعلنتا، الخميس، التوصل إلى اتفاق لإجراء الانتخابات العامة في أراضي السلطة الفلسطينية
يعتقد خبراء فلسطينيون أن الكثير من الخطوات مطلوبة من حركتي فتح وحماس في مقدمتها رفع العقوبات عن غزة كاختبار لجدية التوجه للمسار الديمقراطي.
وأعلنت فتح وحماس، في بيانٍ مشترك الخميس الماضي، توصلهما إلى اتفاق لإجراء الانتخابات العامة في أراضي السلطة الفلسطينية، على أن يجري تحديد الموعد بمرسوم يصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ومع ترقب تحديد موعد الانتخابات، تبقى الكثير من الأسئلة العالقة، حول الكثير من العقبات التي بحاجة لتفكيك لضمان الذهاب لصندوق الاقتراع هذه المرة، بما في ذلك تهيئة الأجواء لإجراء هذه الانتخابات.
ويعتقد خبراء أن العقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة عام 2017 للضغط على حماس لتسليم السلطة للحكومة الشرعية، تطرح كاختبار أمام جدية الاتفاقات الحالية للمصالحة.
السكين على الرقبة!
ولا يبدي وزير التخطيط الأسبق سمير عبد الله تفاؤلا كبيرا حول فرص النجاح هذه المرة، ومع ذلك يرى، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "السكين أصبح على رقبة الجميع، والمتطلب الرئيسي والأهم الآن أن نمضي في موضوع المصالحة وتحقيقها على أرض الواقع وإعادة الأمور لأفضل مما كانت عليه قبل عام 2007".
ورأى ضرورة إعادة النظر في الإجراءات التي اتخذتها السلطة خصوصا إذا كانت تعسفية، مستدركا "لا أتصور أن الأمور ستنتهي بقرار قطعي لأن بعض الإجراءات التي اتخذتها السلطة يمكن أن يكون لها مبرر".
وأضاف "يجب أن يجرى النظر في العقوبات من زاوية قانونية ويجري تفاوض فيها"، مشيرا إلى أن الأزمة المالية للسلطة حادة وإمكانية إعادة النصاب لما قبل العقوبات غير واردة لو اتخذ قرارا برفع كل الإجراءات المتخذة ضد غزة.
وتشتمل قرارات السلطة، على قطع رواتب، وتقليص أخرى، وإلغاء موازنات التشغيل، وخفض نسبة التحويلات الطبية.
استحقاقات وحقوق
الدكتور زكريا الأغا، وهو قيادي بارز في حركة فتح من قطاع غزة، وشغل سابقا عضوية اللجنة التنفيذي لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، تحدث بوضوح عن موضوع إجراءات السلطة.
وفي رسالة وجهها لرئيس الحكومة د. محمد أشتية كتب، عبر صفحته على فيسبوك،: "إذا صدقت الأخبار والنوايا هذه المرة حول الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة في دوله فلسطين في الفترة القريبة القادمة فإن هناك استحقاقات وإجراءات يتحتم على حكومتكم القيام بها إزاء المحافظات الجنوبية (غزة) وخاصة إلغاء جميع الإجراءات التي صدرت بخصوص هذه المحافظات في مارس 2017".
ورأى أنه في مقدمة هذه الأمور ما يتعلق بموظفي الحكومة، التي كان لها الأثر السلبي والمدمر على أبناء المحافظات الجنوبية، والتي لا زالت للأسف مستمرة طيله السنوات الماضية رغم كل الوعود بإنهائها.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات "تركت انطباعا لدي المواطنين هنا وكأنهم من كوكب آخر أو حمولة زائدة وتولد الأحساس لديهم بالتمييز الجغرافي بينهم وبين إخوانهم بالمحافظات الشماليه".
وحذر من أن يكون لذلك "رد فعل في صناديق الاقتراع وخاصه أبناء حركة فتح أكثر الفئات تضررا من هذه الإجراءات".
وقال: "الوضع جد خطير ولا نتمنى أن تكون نتائج الانتخابات صادمة لنا ولكم وللقيادة وأية تقارير تصلكم بغير ذلك تقارير مضللة وغير صادقه وعلى حكومتكم، وبالتنسيق مع الأخ الرئيس، أن تباشر فورا باتخاد القرارات اللازمة لتصحيح هذا الخلل في العلاقة بين شطري الوطن وإلغاء كل ما يعيق المساواة التامة في الحقوق والواجبات والمواطنة الواحدة".
تقسيم الملفات
ويرى هشام الشرباتي، المحلل السياسي، أن المباحثات بين فتح وحماس قد لا تشمل بالضرورة إنهاء كل ملفات الانقسام، مقدرا أنهم قد يتجهوا إلى تقسيم الملفات وفق جداول زمنية.
وقال الشرباتي، لـ"العين الإخبارية"،: "المتوقع أن يذهبوا للانتخابات أولا ويتركوا الملفات الأخرى لما بعد نتائج الانتخابات، إن كانت لصالح أي من الطرفين سيقرر المتقدم كيف يتصرف".
ورأى أن هناك ظروفا إقليمية ودولية ضاغطة على الطرفين ليتقربا أكثر لتحقيق المصالحة.
وأشار إلى أن السلطة في مأزق حقيقي لذلك اعتقد أن ما يحصل الأن كله تكتيك ممكن يتغير في أي لحظة حال حصلت أي إنفراجة إقليمية ودولية مع السلطة خصوصا مع نتائج الانتخابات حينها يمكن أن تتراجع السلطة عن كل اتفاقاتها مع حماس.
وأضاف أن السلطة حذرة وتستخدم المصالحة للتخفيف من الضغوط التي تتعرض لها لذلك يمكن أن يحلحلوا الملفات بالحد الأدنى لإرضاء الشارع المنتظر تحقيق اختراقات حقيقية على كل الصعدة.
مطالبة حقوقية برفع العقوبات
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان طالب الحكومة الفلسطينية بالوفاء بالتزاماتها القانونية، وتحمل مسؤولياتها والتراجع عن الإجراءات العقابية التي فرضتها على قطاع غزة منذ مارس/آذار 2017، بذريعة الانقسام السياسي والجغرافي.
ورأى المركز، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أنه لم يعد أي مبرر لاستمرار هذه العقوبات، مؤكدا أنه جرى إنضاج رؤية متفق عليها بين وفدي الحركتين بشأن تنظيم الانتخابات العامة: التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، تبدأ بالانتخابات التشريعية في غضون 6 أشهر.
وشدد المركز الحقوقي على أن التطورات الحالية، تفرض على الحكومة استحقاقات ضرورية، تهيئةً لمناخ إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وأهمها التراجع عن قرار قطع رواتب المئات من موظفي السلطة الفلسطينية على خلفيات سياسية، والتراجع عن قرار التقاعد المبكر، ووقف العمل بنظام التقاعد المالي.