ضربة مفاجئة لـ"لندن".. باريس قبلة مستثمري العالم في أوروبا
وسط الأزمات والتحديات المتشعبة التي تخيم على بريطانيا، بزغ نجم مدينة النور من أعلى برج إيفل لتزيح لندن عن صدارة مراكز المال بأوروبا.
كيف تنتزع باريس عرش مراكز المال الأوروبية؟
وتتقدم بورصة باريس بقوة لإزاحة لندن من صدارة مراكز أسواق المال في القارة الأوروبية ما يرجع في جزء منه إلى المشكلات الاقتصادية التي باتت تعاني منها المملكة المتحدة منذ خروجها من تكتل الاتحاد الأوروبي وحتى الأزمات العاصفة التي أحاطت بحكومة "ليز تراس" وأدت إلى استقالتها فائقة السرعة.
وكانت الفجوة بين سوقي الأسهم في بريطانيا وفرنسا تصل إلى 1.5 تريليون دولار لكنها تنكمش منذ انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في 2016.
وارتفعت القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة في بورصة باريس من 1.8 تريليون دولار في 2016 إلى 2.823 تريليون دولار لتتفوق على قيمة الأسهم في لندن والبالغة نحو 2.821 تريليون دولار وذلك في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2022؛ وفقا لبيانات جمعتها بلومبرج.
ويشكل ذلك تحديًا قاسيًا لمكانة لندن باعتبارها موطنًا لأكبر أسواق المال في أوروبا، مما يقوض من مكانة بريطانيا بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي باعتبارها أهم مركز مالي في القارة العجوز، وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد البريطاني سيسجل ركودا هذا العام لكن التوقعات تشير أيضا إلى أن فرنسا تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة.
ويثير تراجع مركز لندن السوقي قلق صانعي السياسات في المملكة المتحدة الحريصين على الترويج لمنافع الانفصال عن التكتل التجاري وإعادة تأسيس جاذبية ما بعد الخروج من الاتحاد في الوقت الذي تستحوذ فيه باريس وفرانكفورت وأمستردام على أجزاء من نشاط لندن اليومي.
إن خسارة لندن للمركز الأول في تقييم سوق الأسهم لصالح باريس "ضربة لمكانة المدينة"، فمنذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016، ارتفع مؤشر كاك 40 الفرنسي 47% وتقدم المؤشر "فوتسي 100" في لندن 16% فقط، لكن الفجوة لا تعود إلى الانفصال البريطاني وحده. سوق لندن أكثر انكشافا على قطاعات لا يمكن التنبؤ بها مثل شركات التعدين والنفط، وقطاعات أخرى تعاني من بيئة صفرية الفائدة مثل البنوك وشركات التأمين.
سر جاذبية وتوهج باريس
من ناحية أخرى، قالت وكالة بلومبرج للأنباء إن المشكلة لا تكمن في الصعوبات التي تعانيها بريطانيا فحسب، لكن باريس عكفت على تعزيز جاذبيتها للمستثمرين الأجانب، فضلا عن متانة قطاع المنتجات الفاخرة الفرنسي لهذا فإنها لا تشعر بالدهشة من أن تحل المملكة المتحدة حاليا في المركز الثاني.
إن الإعداد لذلك التطور استغرق وقتا طويلا. إنها ليست فقط المشاكل التي تواجهها المملكة المتحدة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إنها أيضا خمس سنوات أخرى من حكم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي ساعدت في منح المستثمرين الثقة.
وتهيمن شركات السلع الفاخرة في فرنسا على سوق الأسهم الأوروبية، و"إل في ام اتش" المالكة للعلامة التجارية "لوي فيتون" تبلغ قيمتها حاليا 360 مليار دولار تقريبا وهي أكبر شركة في أوروبا من حيث القيمة السوقية.
ومثّل المشترون الصينيون 35% من الطلب العالمي على السلع الفاخرة قبل وباء كورونا على الرغم من أن حصتهم كانت تبلغ نصف ذلك الرقم فحسب في 2022 وفقا لتقديرات "بلومبرج انتليجنس".
ومن المقرر أن تشتد المنافسة مع باريس إذ أن مديري الصناديق يصنفون فرنسا باعتبارها سوق الأسهم الأوروبية المفضلة.
وقال 17% من مديري الصناديق في نوفمبر إنهم يعتزمون "زيادة وزن" الأسهم الفرنسية على مدى 12 شهرا وفقا لمسح أجراه بنك أوف أمريكا شمل 161 مدير استثمار يديرون أصولا بقيمة 313 مليار دولار.
aXA6IDMuMTQzLjIzNy4xNDAg جزيرة ام اند امز