انتخابات فرنسا التشريعية.. ماكرون يخوض معركة الأغلبية
يحتاج ماكرون إلى الحصول على 289 مقعدًا من أصل 577 لتكوين أغلبية كافية ليتمكن من الحكم وتمرير تشريعاته وإدخال الإصلاحات التي وعد بها.
"علينا إنجاز مهمة كبيرة بدءًا من الغد وهي تكوين وخلق أغلبية برلمانية حقيقية وقوية، أغلبية تنتظرها بل وتستحقها فرنسا، أغلبية من أجل التغيير"... هكذا ناشد إيمانويل ماكرون الشعب الفرنسي في خطاب النصر، بعد صراع حاد مع اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان.
يواجه الرئيس الشاب وحزبه الحديث في العمل السياسي "الجمهورية إلى الأمام"، اختبار صعب اليوم الأحد، مع بدء الانتخابات التشريعية، لتأكيد فوزه ودعمه حتى يتمكنوا من حكم فرنسا وتنفيذ برامجهم الانتخابية دون تعطيلات.
صراع من أجل الحصول على الأغلبية
فاز مرشحو حزب ماكرون بـ 10 من 11 دائرة انتخابية للمواطنين الفرنسيين المقيمين خارج البلاد، حيث جرى الاقتراع مبكرا قبل نحو أسبوع في 3 و4 يونيو/حزيران.
الانتخابات التشريعية مقرر إجراؤها على جولتين الأولى اليوم الأحد 11 يونيو/حزيران، والثانية في 18 من الشهر نفسه، ويتطلع ماكرون للحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من الحكم بلا تعقيدات وتحقيق وعوده التي قطعها على نفسه إبان حملته الانتخابية الرئاسية.
يحتاج ماكرون إلى الحصول على 289 مقعدًا من أصل 577 لتكوين الأغلبية الكافية ليتمكن من الحكم وتمرير تشريعاته وإدخال الإصلاحات التي وعد بها، ودون هذه الأغلبية يضطر ماكرون لتبديل اختياره برئيس وزراء من حزب معارض.
وستكون تلك مهمة شاقة، لأن ماكرون وحزبهلا يمتلك أي تمثيل في البرلمان، فالرئيس الجديد يبدأ من الصفر، وعلى الرغم من تعهده بوضع مرشحين في جميع الدوائر البرلمانية البالغ عددها 577 دائرة، فلا توجد أية ضمانات أنه سيأتي في المقدمة.
ويرى محللون أنه في حالة فشل ماكرون في الحصول على الأغلبية البرلمانية، ستعود فرنسا لما حدث عام 1986 في عهد الرئيس فرانسوا ميتيران، عندما فشل في الحصول على الأغلبية البرلمانية ما أدى إلى دخول البلاد في جمود سياسي، قام على أثره الفرنسيون بعمل ما يشبه "التعايش السياسي" بحيث يشارك الجمهوريون المسيطرون على البرلمان في الحكم مع الرئيس.
وقبل بدأ الجولة الأولى أعلن الأمين العام لحركة ماكرون ريشار فيرون أن 95% من مرشحي الحركة ليسوا نوابًا برلمانيين سابقين، بينما قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أكثر من نصف المرشحين المقترحين ينشطون في المجتمع المدني الفرنسي، وأدى تدفق الترشيحات بعد فوز ماكرون إلى تعقيد اختيار المرشحين الذين يجب أن يطبقوا الوعد المزدوج بالتجديد والتعددية السياسية.
الأحزاب الفرنسية والانتخابات التشريعية
عملت الأحزاب السياسية الفرنسية على إعادة ترتيب أوضاعها الفترة الماضية، ورسم خطط تكتيكية جديدة لتكسب الانتخابات التشريعية، حيث قام الحزب الاشتراكي، بحملته للانتخابات التشريعية بقيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته برنار كازنوف، معبراً عن مخاوفه من الموت الوشيك لمعسكره السياسي، بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
كما أعلن المرشح السابق الاشتراكي للرئاسة بونوا هامون إنشاء حركة واسعة وجامعة لمختلف التوجهات الحزبية سعيا إلى "إعادة بناء اليسار"، أما اليمين الذي خاض الجولة الثانية في الانتخابية الرئاسية يأمل في إعادة اعتباره في الانتخابات التشريعية، وأن يفرض على ماكرون التعايش مع حكومة يمينية.
ولم تسلم "الجبهة الوطنية" من الهزات، مع إعلان ماريون ماريشال لوبان (27 عاما) الانسحاب من الحياة السياسية، بعد هزيمة خالتها زعيمة أقصى اليمين ماري لوبان، أما اليسار الراديكالي، فقد أعلن جان لوك ميلانشون، ترشحه إلى الانتخابات التشريعية ليستفيد بذلك من الزخم الذي حققته حركته "فرنسا المتمردة" بعد حصوله على 19,6% من الأصوات في الدورة الأولى.
استطلاعات الرأي
أظهرت استطلاعات الراي الفرنسية، والتي صدقت في توقعاتها بفوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية، أنّ 27% من الذين شملهم الاستطلاع، يمنحون الثقة لحركة "الجمهورية إلى الأمام"، التي لا يزيد عمرها السياسي على العام الواحد، فيما حصل حزبا "الجمهوريون" و"الجبهة الوطنية"، على 20% لكل منهما، وحركة اليساري جان لوك ميلانشون على 14%، والحزب الاشتراكي على 11%.
ووفق آخر الاستطلاع والتي أجريت الجمعة الماضية، فإنّ حركة "الجمهورية إلى الأمام"، يمكن لها أن تفوز في الانتخابات بما بين 280 و300 مقعد، من أصل 577 مقعدًا (عدد أعضاء البرلمان)، مقابل 150 نائبًا عن تحالف "الجمهوريون" و"الحزب الديمقراطي المستقل"، أما الحزب الاشتراكي وحلفاؤه، فسيكون لهم ما بين 40 و50 نائبًا، في حين أنّ حركة "فرنسا غير الخاضعة" والحزب الشيوعي، معًا، لهم ما بين 20 و25 نائبًا، بينما يمكن لحزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرّف، مضاعفة عدد نوابه، فيدخل ما بين 10 و15 نائبًا منه إلى البرلمان الجديد.