ماكرون وملف الذاكرة الجزائرية الفرنسية.. الاعتراف المبتور
ماكرون وصل إلى الجزائر في زيارة تستغرق 24 ساعة، لكنها حافلة بملفات اقتصادية وأمنية، إضافة إلى موضوع الذاكرة المثير للجدل
وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، الجزائر، في زيارة تستغرق 24 ساعة، لكنها حافلة بملفات اقتصادية وأمنية، إضافة إلى موضوع الذاكرة المثير للجدل والمتعلق بموقف باريس من جرائمها في 132 عاما من احتلالها للجزائر.
وملف الذاكرة ظل لسنوات طويلة، العقدة أو حجر العثرة الذي يخنق ويكبل التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، في ظل انتظار طال أمده من قبل الجزائريين لاعتراف من فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار (1830ـ 1962).
الاستعمار.. ذاكرة مثقلة تعرقل التطبيع
فرنسا من جانبها، تركت الملف معلقا، مصرة على إنكار تدرك جيدا أنه حصنها الوحيد للإفلات من المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، وذلك رغم شبح الأمل الذي داعب الجزائريين في فبراير شباط الماضي، حين وصف ماكرون، في زيارته للجزائر قبل الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوزه، استعمار بلاده لهذا البلد بـ «الجرائم ضد الإنسانية».
اعتراف صريح ضمنه دعوة إلى ضرورة إرفاقه بـ "تقديم الاعتذار"، إلا أنه سرعان ما تراجع ضمنيا غداة زيارته إلى الجزائر، وبعث بعدة رسائل تفيد بأنه لا ينوي تقديم أي اعتذار.
ففي حديث مع قناة فرنسية، قال ماكرون: "قلت دائما لا إنكار ولا توبة (يقصد لا اعتذار)، لابد من رؤية الأشياء أمامنا.. هذا تاريخنا المشترك، وإلا سنبقى في فخ هذا التاريخ الذي هو بلا نهاية".
وفي مقابلة جرت اليوم مع صحيفتي "الخبر" و"الوطن" الجزائريتين، كشف الرجل الأول في الإليزيه عن نظرته الجديدة في العلاقات مع الجزائر، أساسها "عدم البقاء أسرى للماضي والنظر إلى المستقبل".
ودعا ماكرون إلى "بناء علاقة قاعدتها الندية والصراحة والمعاملة بالمثل والطموح"، ما يعني بحسب المراقبين أن هناك توجها أحادي الجانب لإعادة تقييم شامل للعلاقات مع الجزائر، في انتظار الموقف الرسمي في هذا البلد.
كما كشف ماكرون عن نية بلاده إعادة النظر في اتفاق الهجرة بين البلدين الذي وُقع في 1968، ورغم أنه مطلب جزائري إلا أن الرئيس الفرنسي أشار إلى أنه سيطرح على المسؤولين الجزائريين صيغة تلغي القيود وتزيد من المزايا للجزائريين في مقابل كبح الهجرة غير الشرعية.
ويوجد في فرنسا أكثر من مليوني جزائري، إضافة إلى وجود 26 ألف طالب يدرسون في المؤسسات والمعاهد التربوية والجامعية الفرنسية.
وتعد سواحل شمال إفريقيا أبرز بوابات الهجرة غير الشرعية التي تؤرق أوروبا في السنوات الأخيرة.
الشراكة الاقتصادية.. دفع وسط التراكمات
ووسط تراكمات التاريخ، تُعول الجزائر وباريس على إعطاء دفع كبير للشراكة الاقتصادية بينهما.
ومن خلال الحراك الدبلوماسي بين الجزائر وباريس هذا الأسبوع، يتضح أن عائق ملف الذاكرة سيتم تجاوزه مؤقتا "بمرافقة فرنسا للجزائر في نظرتها الاستراتيجية للتنمية" كما وصفها الإليزيه.
وتحاول باريس الحفاظ على مكانتها الاقتصادية في الجزائر في ظل تزايد التنافس مع قوى اقتصادية كالصين والولايات المتحدة، خاصة وأن فرنسا تعتبر أول مستثمر أجنبي في الجزائر خارج المحروقات بقيمة 2.3 مليار يورو، كان آخرها تدشين مصنع بيجو بحجم استثماري يفوق 230 مليون يورو.
كما سيبحث ماكرون مع كبار المسؤولين في الجزائر وعلى رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الملفات الأمنية، من بينها مكافحة الإرهاب خاصة في منطقة الساحل الإفريقي، والوضع في ليبيا، والهجرة السرية.
aXA6IDMuMTQ4LjEwNi40OSA= جزيرة ام اند امز