إنفوجراف.. "صنع في الصين 2025".. خطة بكين للسيطرة على سوق التكنولوجيا العالمي
في مايو 2015 أعلنت بكين استراتيجية تستهدف زيادة قدرتها التنافسية في الصناعات التكنولوجية تحت شعار "صنع في الصين 2025".
في مايو 2015 أعلن لي كه تشيانج رئيس مجلس الدولة الصيني خطة استراتيجية تستهدف زيادة القدرة التنافسية لبلاده في الصناعات المتطورة والتكنولوجية تحت شعار "صنع في الصين 2025".
وقوبلت الخطة بشكل عدائي من الولايات المتحدة التي تهيمن حاليا على قطاع التكنولوجيا، معتبرة أن بكين تستهدف "سرقة" مجهودها العلمي وابتكاراتها ومن ثم البناء عليها للسيطرة على القطاع التكنولوجي وإزاحتها من القمة التي تربعت عليها لسنوات طويلة.
ووفقا لموقع "supchina" وهو موقع إخباري أمريكي معني بأخبار الصين، فإن خطة بكين ترمي إلى خفض اعتماد البلاد على التكنولوجيا الأجنبية، وهدفها الأساسي زيادة المكون محلي الصنع في الصناعات الأساسية إلى 40% بحلول عام 2020 ثم إلى 70% بحلول عام 2025.
وخلال الفترة التي تلت الإعلان عن الخطة الصينية، كرر المسؤولون الصينيون أكثر من مرة أن الاستراتيجية عادلة ولا تستهدف سرقة مجهود أحد، مشيرين إلى أنها تتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO) لأن الخطة "نظريا" منفتحة على مشاركة المستثمرين الأجانب وقالوا إنها "استراتيجية شفافة" وأهدافها "إرشادية" وليست إلزامية.
لكن تلك التصريحات لم تقنع الجانب الأمريكي والعديد من الشركات الأجنبية، ووصفوا الاستراتيجية بأنها تطمح لافتراسهم، لا سيما في ظل التاريخ الطويل من الشكاوى ضد بكين بسبب ما قالوا إنه "سرقة للملكية الفكرية" أو نقل للتكنولوجيا بالإكراه، والقواعد الحمائية المتشددة في السوق الصينية.
الرفض الغربي لمساعي الصين، مهد الطريق أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل شن حرب تجارية على الصين، بدأها عبر فرض رسوم جمركية على العديد من الواردات الصينية إلى بلاده ضمن عدة مراحل، فضلا عن تشديد قواعد بيع شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى مستثمرين صينيين أو مستثمرين أجانب أو أمريكيين تربطهم علاقات بالمال الصيني، ضمن رؤية اعتبرها مسئولو الأمن القومي الأمريكي محاولة لمنع انتقال التكنولوجيا من بلادهم إلى بكين.
لكن تلك الحرب سرعان ما أصبحت رمزا للقومية المتنامية داخل الصين، وشحذ همم مسؤوليها ومواطنيها للمضي في خطتهم نحو السيطرة على التكنولوجيا في العالم.
وأضاف موقع " supchina" أن خطة "صنع في الصين 2025" هي جوهر النزاع بين الولايات المتحدة والصين، وأن الأمر لا يتعلق فقط بفارق التجارة البينية بين البلدين والبالغ أكثر من 500 مليار دولار لصالح الصين، على الرغم من تركيز دونالد ترامب على ذكر هذا الرقم أكثر من مرة لكنه ليس أصل الخلاف.
وأوضح "لو كان الأمر يتعلق بالتجارة فقط كان يمكن تجنب الحرب التجارية الحالية بعد أن عرضت الصين بشكل علني في مطلع يونيو 2018 أنها يمكن أن تزيد وارداتها من السلع الأمريكية بقيمة 70 مليار دولار خلال عام، لكن هذا العرض رفض بشكل مباشر لأنه فشل في معالجة القضايا الأساسية بالنسبة لواشنطن، والمتعلقة في سرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا بالإكراه وحمائية السوق الصينية".
وبحسب الموقع فإن استراتيجية "صنع في الصين" مستوحاة من خطة الحكومة الألمانية "الصناعة 4.0" وهو المشروع الذي استهدف استخدام التكنولوجيا الفائقة وتشجيع الحوسبة والأتمتة في التصنيع، وقد استخدم اسم المشروع لاحقا كمصطلح يشير إلى ما تم اعتباره "الثورة الصناعية الرابعة".
من جهته، أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، أن خطة "صنع في الصين 2025" هي استراتيجية بعيدة المدى تسعى لتشجيع الابتكار المحلي في الصناعات المتطورة، وزيادة كفاءة الصين في صناعات التكنولوجيا الفائقة، ونقل منتجات البلاد إلى قمة سلسلة القيمة، وفي النهاية مساعدة الصين على الإفلات من ما يسمى "فخ الدخل المتوسط" الذي تشكو منه الدول النامية الأخرى.
وتستهدف الاستراتجية تعزيز 10 صناعات في الصين، هي تكنولوجيا المعلومات المتقدمة الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، وأتمتتة الآلات، والروبوتات، ومعدات الفضاء والطيران، والمعدات البحرية والشحن عالي التقنية، ومعدات النقل الحديثة للسكك الحديدية، والسيارات ذاتية القيادة والمعتمدة على الطاقة الجديدة، ومعدات الطاقة، والمعدات الزراعية، وتطوير الأجهزة العسكرية الجديدة، والمستحضرات الدوائية الحديثة والمنتجات الطبية المتقدمة.
وخلال العامين الأولين من الإعلان عن تلك الخطة، ظلت الاستراتيجية تحت رادار صانعي السياسة في واشنطن وأماكن أخرى، ثم نما إجماع حول فكرة أن الخطة تشكل تهديدًا تنافسيًا للصناعات الأوروبية والأمريكية.
مات شيهان، المحلل لدى مركز أبحاث "مارك بولو" المتخصص في الشأن الاقتصادي الصيني والتابع لمعهد بولسون في جامعة شيكاجو الأمريكية، حذر من أن نجاح استراتيجية "صنع في الصين" في قطاع الصناعات فائقة التكنولوجيا، معناه تكرار ما فعلته الصين سابقا في الصناعات منخفضة التكلفة خلال العقدين الماضيين، عندما استحوذت على جزء كبير من الإنتاج العالمي وركزته على أراضيها.
كما حذر لوراند لاسكاي المحلل لدى "مجلس العلاقات الخارجية" هي منظمة مستقلة أمريكية تعمل على تحليل سياسة الولايات المتحدة الخارجية والوضع السياسي العالمي، من أن الصين لا تستهدف من خلال استراتيجيتها تلك التقدم إلى مصاف الاقتصادات المتقدمة تكنولوجيا مثل ألمانيا، والولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان، لكنها تستهدف الإطاحة بهم والاستحواذ على حصصهم السوقية بالكامل.
يشار إلى أن "صنع في الصين 2025" هي مرحلة أولى من استراتيجية أطول تستمر لمرحلتين أخرتين خلال الفترة من 2025 إلى 2035، والمرحلة الثالثة من 2035-2045، وقد أدى طموح الخطة على المدى الطويل إلى إطلاق أجراس الإنذار في الغرب، الأمر الذي جعل بكين تخفف من دعايتها للخطة مؤخرا رداً على الذعر الدولي.
وعاى الرغم من ذلك، تمضي الصين في تحقيق خطتها عبر طريقة رئيسية هي ضخ استثماراتها في قطاعات التكنولوجيا الفائقة الحيوية التي تهيمن عليها حاليًا الولايات المتحدة وأوروبا.
ووفقًا لشركة الأبحاث CB Insights فقد بلغت الاستثمارات الصينية في الشركات الناشئة في الولايات المتحدة 2.3 مليار دولار في عام 2014، لكنها قفزت إلى 9.9 مليار دولار في عام 2015، وهو العام الذي تم الإعلان خلاله عن الخطة، وعلى الرغم من أن تلك المبالغ تراجعت في 2016 في ظل تشديد القواعد الأمريكية للاستحواذ على شركات التكنولوجيا، إلا أن شهية الصين لشراء الشركات والتكنولوجيا الأمريكية ظلت قوية، فشهد عام 2017 (165) صفقة مدعومة من الصين مع الشركات الناشئة الأمريكية.
وبحسب موقع فوربس، تحتل شركات التكنولوجيا الصينية "بايدو" و "علي بابا" و "تينسنت" الصدارة عالميا في عمليات الاستحواذ في جميع أنحاء العالم، حيث أنفقت الشركات الثلاث 25.1 مليار دولار للاستحواذ على شركات التكنولوجيا الأمريكية على مدى السنوات الخمس الماضية.
aXA6IDMuMTM3LjE2NC4yMjkg جزيرة ام اند امز