رئيس «حماية المنافسة» في مصر: أولويتنا مكافحة احتكارات الغذاء والتعليم والصحة (حوار)

أكد الدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، أن حماية السوق من الممارسات الاحتكارية تُعد أولوية استراتيجية للدولة المصرية، خاصة في القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، مثل الغذاء والتعليم والصحة.
وأوضح ممتاز في حوار مع ”العين الإخبارية" أن الجهاز يُعد حاليًا استراتيجية وطنية جديدة للفترة من 2026 إلى 2030، تتضمن آليات متطورة للتعامل مع الممارسات التي تهدد التنافسية في السوق المصري، بالتوازي مع جهود التوعية والتعاون مع القطاع الخاص لضمان الامتثال للقانون.
وإلى نص الحوار:
كيف ترون أهمية مكافحة الممارسات الاحتكارية في السياق الاقتصادي المصري حاليًا؟
الممارسات الاحتكارية تمثل تحديًا عالميًا، وجميع الدول تضعها في صدارة أجندتها الاقتصادية؛ لأنها تُضعف كفاءة السوق وتُرهق المستهلك. في الحالة المصرية، تُعد مكافحة تلك الممارسات أولوية قصوى، خصوصًا في قطاع الغذاء، لأن الدراسات تُظهر أن نحو 40% من إنفاق المستهلك المصري يذهب إلى الغذاء، وبالتالي أي اختلال في هذا القطاع يُؤثر مباشرة على ملايين المواطنين، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا.
ما هي أدوات الجهاز في الرقابة والمنع والتدخل؟
الجهاز يعمل من خلال أدوات رقابية وتشريعية متعددة، كما أننا نتعاون مع أجهزة الدولة الأخرى المعنية لضمان تنسيق الجهود. لدينا فرق فنية وقانونية تتابع الأسواق، ترصد وتُحقق وتتدخل عند الضرورة. كما أننا نولي أهمية كبيرة لبناء وعي لدى الفاعلين الاقتصاديين، من خلال ورش العمل، والمؤتمرات، والشراكات مع اتحاد الصناعات والغرف التجارية لضمان التوافق الطوعي مع قانون حماية المنافسة.
هل هناك إشادات دولية بدور الجهاز مؤخرًا؟
نعم، هناك تقدير دولي متزايد لدور مصر في مجال المنافسة. تم مؤخرًا انتخاب مصر ممثلة بجهاز حماية المنافسة كنائب لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) المعني بالمنافسة، وهي خطوة مهمة لنقل التجربة المصرية إلى المحافل الدولية، وأيضًا لترسيخ الفكر العربي في حماية المنافسة عبر الشبكة العربية للمنافسة، التي كان لمصر دور رائد في إنشائها.
ما أولويات الجهاز في المرحلة المقبلة؟
نركز بشكل خاص على ثلاثة قطاعات رئيسية تمس المواطن بشكل مباشر: الغذاء، التعليم، والصحة، هذه القطاعات تمثل ما يمكن تسميته بـ"الهوية اليومية للمستهلك"، وبالتالي فإن أي ممارسات احتكارية فيها تُعد الأكثر تأثيرًا وخطورة. هدفنا أن نحافظ على بيئة سوقية مفتوحة وتنافسية، تمنح المواطن أفضل جودة بأفضل سعر ممكن.
أين تقف استراتيجية الجهاز الآن؟ وماذا ينتظر السوق في المرحلة القادمة؟
انتهينا بالفعل من الاستراتيجية السابقة (2021–2025)، ونعمل حاليًا على الانتهاء من إعداد استراتيجية جديدة للفترة 2026–2030، والتي سيتم الإعلان عنها قريبًا. هذه الاستراتيجية تتضمن أدوات وآليات مبتكرة أكثر مرونة وفعالية في التعامل مع المخالفات. وستكون موجهة نحو تحقيق هدف مصر الاستراتيجي المتمثل في الوصول إلى اقتصاد قوي وتنافسي، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
هل ستركز الاستراتيجية الجديدة على الإجراءات الزجرية أم التعاون والوقاية؟
كلاهما. نحن نؤمن أن الردع ضروري، لكن الوقاية والتوعية هما الخط الأول للحماية، ولذلك، نعمل على رفع مستوى الفهم لدى كافة الشركاء، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأننا نطمح إلى بناء ثقافة احترام قانون المنافسة.
وهناك عدد كبير من ورش العمل والمؤتمرات التي نعقدها بالتعاون مع الجهات الاقتصادية، ونسعى لأن يكون هناك توافق طوعي أكبر مع القانون، وهو هدف نبيل نعمل جميعًا على تحقيقه من أجل اقتصاد أكثر عدالة وشفافية.
هل تعتقد أن الاستراتيجية كافية؟
حماية المنافسة ليست مهمة الدولة فقط، بل هي مسؤولية تشاركية بين الحكومة، والمصنعين، والموردين، والمستهلكين، نسعى جاهدين إلى أن يكون الاقتصاد المصري أكثر انفتاحًا وتوازنًا وتنافسية، لأن ذلك هو ما ينعكس إيجابًا على المواطن في نهاية المطاف، من حيث جودة المنتجات، وتنوعها، وسعرها المناسب، ونحن على يقين أن العمل الجماعي هو السبيل لتحقيق هذه الرؤية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز