اندماج حركات أزواد.. هل تودع مالي شمالها؟
عقارب الساعة في مالي تتوقف عند الشمال هناك، حيث تشير التطورات إلى أن المنطقة المضطربة دخلت بمدار قد يقطع صلتها بالحكومة المركزية في باماكو.
والأربعاء، أعلنت حركات أزوادية شمالي مالي الاندماج داخل حركة واحدة، في خطوة ترفع منسوب المخاوف من تعثر مسار السلام بالبلد الأفريقي بعد اتفاق وقعته باماكو، عام 2015 بالجزائر، مع عدد من المجموعات المسلحة.
ومن معقلها في كيدال، اختارت الحركات المنضوية ضمن "تنسيقية حركات أزواد" إعلان اندماجها في حركة رمزية بعثت برسائل مشفرة للمجلس العسكري الحاكم.
ومنذ أكثر من عقد تسيطر الحركات الأزوادية على المدينة الواقعة شمالي مالي، والتي تحولت إلى ما يشبه الجيب المنفصل الخاضع لها بشكل كامل.
واللافت أن خطوة الاندماج لا تعني فقط خلق مركزية للقرار بين الحركات الأزوادية، وإنما تسعى إلى دمج أذرعتها العسكرية والانخراط في جسم واحد، وفق ما أعلنه قادتها خلال مؤتمر عقد الأربعاء في كيدال.
ومع أنه لم يعلن بعد عن اسم المولود الجديد ولا شعاره، لكن المؤكد أنه سيكون الخنجر الذي سيجهز على الخيط الرفيع الرابط بين الشمال وباماكو، وقد يجهض جميع المساعي السابقة لتفعيل اتفاق السلام الموقع قبل سنوات.
انفصال!
تشترك "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" و"الحركة العربية الأزوادية" و"المجلس الأعلى لوحدة أزواد"، الحركات المكونة لـ"تنسيقية حركات أزواد"، في مطلب ما يعتبرونه دفاعا عن أزواد، المنطقة الواقعة شمالي مالي، حيث يطالب الطوارق بالانفصال، وهو ما أعلنوه في 2013.
وبإعلان اندماجها تعتزم الحركات بلا شك العودة لمسار تحقيق طموحها الأول، خصوصا بعد إدارة ظهورها لاتفاق السلام الموقع مع باماكو، وتعول في ذلك على دعم التنظيمات المسلحة الأخرى لتحريك ما تسميه من منظورها بـ"آلة السلام الكبيرة"، أي فصل الشمال.
وما يدعم الطرح ما ذكرته وكالة فرانس برس قبل أسبوع حول مباحثات سرية، قالت إنها جرت بين أحد قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي في منطقة الساحل مع جماعات مسلحة في شمال مالي.
وحسب التقرير، فإن القيادي بتنظيم القاعدة هو إياد أغ غالي، من عرقية الطوارق، ويرأس جماعة تسمى "نصرة الإسلام والمسلمين"، وتقاتل داعش من أجل النفوذ في منطقة الساحل.
ونقل التقرير عن مصدر قبلي محلي قوله إن "المباحثات جرت في منطقة كيدال الأسبوع الماضي، وتمحورت حول توحيد صفوف أبناء المنطقة".
وإجمالا، لم يكن قرار الاندماج مفاجئا، فالحركات الثلاث سبقت أن أعربت، منذ 2019، عن رغبتها في العمل معا ضمن هيكل يوحد أذرعها السياسية والعسكرية.
وقبل القرار كانت الحركات المنضوية تتمتع بالاستقلال في اتخاذ قراراتها على جميع الأصعدة، ولها مكتب تنفيذي يتم اختيار رئيسه لولاية من 6 أشهر غير قابلة للتجديد، ويعين سنويا قائدا عاما للجيش.
لكن المثير للاهتمام في كل ذلك يكمن في تداعيات خطوة تريد التنسيقية توسيعها عبر دعوة حركات مسلحة أخرى للانضمام لها، بينها حركة "بلاتفورم" و"انكليزيفيتي".
شبح المعارك
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت تنسيقية الحركات الأزوادية تعليق مشاركتها في جميع ترتيبات تنفيذ اتفاق السلام مع الحكومة المركزية في باماكو، منتقدة تأخر السلطات في تطبيقه.
وحينها، اشترطت استئناف مشاركتها بعقد اجتماع طارئ على أرض محايدة مع الوساطة الدولية التي تقودها الجزائر، لدراسة اتفاق 2015.
وقبلت الوساطة الدولية شرط الحركات الأزوادية، مقترحة مشاركة حركة "ابلاتفورم" وباماكو، لكن الأخيرة رفضت المشاركة في أي اجتماع يتعلق بالاتفاق خارج أراضيها.
وبعودة الأوضاع لمربعها الأول، يبدي مراقبون مخاوف جدية من تجدد المعارك بين الجيش والحركات الأزوادية، وسط مساع من الطرفين لتعزيز وجودهما على الأرض، وتحركات من جانب المجموعات لتوطيد صلتها بتنظيم القاعدة.
وتنذر جميع المؤشرات بأن الهدنة شمالي مالي انتهت رسميا، الأربعاء، بإعلان الاندماج، وأن الأيام المقبلة ستكون مثقلة بتطورات تعيد عقارب مالي إلى ساعة 2012.
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA==
جزيرة ام اند امز