ما هو سر علاقة "الإخوان" والقرضاوي وقطر بهجوم مانشستر؟
هل كان مسجد ديزبري بمدينة مانشستر البوابة التي قادت الانتحاري سليمان العبيدي إلى اعتناق الفكر المتطرف والتورط مع الخلايا الإرهابية
هل كان المركز الإسلامي ومسجد "ديزبري" المحلي بمدينة مانشستر، الذي كان يتردد عليه الانتحاري سليمان العبيدي، البوابة التي قادته إلى اعتناق الفكر المتطرف والتورط مع الخلايا الإرهابية؟
تساؤل أثارته عدة صحف بريطانية وتقارير غربية، أشارت إلى أن قيادات المسجد ترتبط مباشرة بتنظيم "الإخوان" الإرهابي وزعيمه الروحي الشيخ يوسف القرضاوي.
وفي تقرير نشره موقع "كونزيرفاتيف ريفيو" الأمريكي قال إن المؤسسة الإسلامية التي كان يتردد عليها منذ فترة طويلة إرهابي مانشستر سلمان العبيدي لها روابط عميقة مع جماعة "الإخوان" العالمية، التي تم تصنيفها منظمة إرهابية في عدة بلدان، ليس بينها الولايات المتحدة.
وأول من أمس الثلاثاء، قتل العبيدي 22 شخصا وأصاب 59 آخرين عندما قام بعملية إرهابية بتفجير نفسه تبنى مسؤوليتها تنظيم "داعش" الإهاربي ضد مجموعة من الفتيات المراهقات داخل قاعة حفلات موسيقية في "مانشستر أرينا".
ووفقا لموقع "جلوبال مسلم برازهود ديلي ووتش"، وهو موقع استخباراتي يرصد أنشطة وتطورات شبكة "الإخوان" الإرهابية، فإن إمام المسجد وخطيبه الشيخ مصطفى عبدالله قراف يرتبط بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي، المؤيد للتفجيرات الإرهابية.
وعلاوة على ذلك، فإن المشرف على قسم الشريعة بالمركز سالم الشيخي عضو في مؤسسة إخوانية أخرى يديرها القرضاوي، وهي "المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث".
ولإضافة المزيد من الأدلة إلى احتمال أن يكون المسجد الذي يتبنى فكرا وسياسة غريبة على المجتمع البريطاني، فإن المسجد ومجلس إدارة المركز الإسلامي تديره مجموعة مستقلة تسمى "المسلمون في بريطانيا"، تصف المسجد بأنه "جماعة إخوانية".
رمضان بلقاسم العبيدي والد الانتحاري
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن العبيدى المتهم بتنفيذ الهجوم الانتحاري في مانشستر كان له روابط مختلفة بمسجد "ديزبرى".
ووفقا لتقرير صادر عن "جارديان"، فإن والد عابدي، الذي يعتقد أنه عمل ضابط أمن في مطار مانشستر لفترة من الزمن، قد عاد إلى ليبيا في عام 2011 للمساعدة في إسقاط نظام معمر القذافي، ثم انضمت إليه زوجته هناك بينما ظل أطفالهم في مانشستر، ويعمل شقيق سليمان الأكبر إسماعيل مديرا لتكنولوجيا المعلومات في مسجد ديزبري.
لكن المتحدث باسم قوة الردع الخاصة الليبية أحمد بن صالح صرح لقناة "بي بي سي"، أن القوة اعتقلت هاشم ووالده رمضان، ونقلت اعترافاً عن الأول بعلمه بأن شقيقه كان يخطط لعملية إرهابية في مانشستر، إلا انه لم يكن يعلم التوقيت أو المكان المحدد للعملية، مؤكداً بأنهما مُجندين فى تنظيم "داعش".
وطبقا لما نشرته صحيفتا تلجراف وذا جارديان، التي أشارت إلى قصص خبرية سابقة ووثائق بريطانية رسمية تابعة لوزارة الداخلية البريطانية فإن مانشستر تحتضن الكثير من عناصر "الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية" الإرهابية منذ سنوات طويلة.
وبحسب الشرطة البريطانية فإن أغلب عناصر هذه المجموعة الإرهابية عادت إلى ليبيا في 2011 ليشكلوا تنظيمات وجماعات إرهابية ومنهم عبد الباسط عزوز الذي تجاوز نشاطه الإرهابي ليبيا لمحاولة تشكيل ما يسمى بـ"الجيش المصري الحر" لإخونجية مصر في 2013.
ومن بين من عادوا أيضا أنس الليبي، المتهم بتنفيذ عمليات إرهابية خارج ليبيا، والذي شكل مليشيات لا تختلف عن تلك التي يقودها إسماعيل الصلابي داخل ليبيا.
وإسماعيل الصلابي، هو أخ القيادي الإخواني الليبي المقيم في قطر علي الصلابي، الذي يوصف بـ"قرضاوي ليبيا"، ويرعى جماعات وميليشيات ليبية إرهابية. .
أما الأخ الثالث لعلي وإسماعيل، وهو خالد الصلابي، الذي يحمل الجنسية الأيرلندية، فقد افتتح قبل سنوات شركة مريبة تسمى "هدهد وورلدوايد يوروب" في جنوب مانشستر، تلك المنطقة التي ضمت أغلب هؤلاء الليبيين وغيرهم من "المتحولين للإسلام"، الذين ذهبوا للقتال في سوريا.
وتشير تقارير إلى أن شقيقه إسماعيل الذي اعتقل أول من أمس في مانشستر، كان شريكا مع ليبي أخر في مانشستر هو عبد الرؤوف عبدالله (24 عاما)، الذي حكم عليه بالسجن 9 سنوات ونصف العام الماضي لتمويل الإرهاب عن طريق مساعدة المتطرفين على السفر إلى سوريا، كما يعتقد أنه كان على اتصال مع رفائيل هوستي، أيضا من مانشستر، الذي جند العشرات من البريطانيين للقتال من أجل داعش في سوريا قبل أن يقتل في ضربة بدون طيار العام الماضي.
ولم يمتد التحقيق في واقعة الهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي ومقتل السفير وغيره من الأميركيين، إلى الصلابي والدوحة، بسبب العلاقة الوثيقة بين الأجهزة الأميركية وعبد الحكيم بلحاج وإسماعيل الصلابي.
وتشير تقارير إلى أن شقيقه إسماعيل الذي اعتقل أول من أمس في مانشستر، كان شريكا مع ليبي في مانشستر هو عبد الرؤوف عبدالله (24 عاما)، الذي حكم عليه بالسجن 9 سنوات ونصف العام الماضي لتمويل الإرهاب عن طريق مساعدة المتطرفين على السفر إلى سوريا، كما يعتقد أنه كان على اتصال مع رفائيل هوستي، أيضا من مانشستر، الذي جند العشرات من البريطانيين للقتال من أجل داعش في سوريا قبل أن يقتل في ضربة بدون طيار العام الماضي.
مسجد "ديزبرى"
المسجد المبني بالطوب الأحمر، محل الجدل كان في السابق كنيسة صغيرة في القرن التاسع عشر في شارع مزدحم، قبل أن يشتري المانحون هذا المبنى عام 1967 من الجالية العربية السورية، ويضم قاعة للصلاة ومكتبة وقاعة نشاط متعددة الأغراض.
وفقا لصحيفة "جارديان"، قال أصدقاء ومقربون ليبيون من رواد المسجد يقيمون بمانشستر إن رمضان العبيدي خطب فيه ذات مرة خطبة مناهضة لتنظيم "داعش"، بينما قال آخرون إن المسجد كان معتدلاً، وعلى كل حال فإن الانتحاري سليمان ووالده كانوا زائرين يوميين له.
وعلى الرغم من أن المسجد أدان في بيان شديد اللهجة التفجير ووصفه بأنه عمل جبان، مؤكدا أنه يعمل بشكل سلمي في قلب المجتمع البريطاني منذ نصف قرن، لكنه رفض الإجابة على أسئلة حول علاقة العبيدي بهم.
وأشارت "جارديان" إلى أن والد المتهم عمل في المسجد قبل مغادرته إلى طرابلس وقال أحد أئمته واسمه محمد سعيد إنه كان يتردد على المسجد بانتظام، ونظر إليه ذات مرة "بكراهية" عندما ألقى خطبة تنتقد "داعش" و"أنصار الشريعة" في ليبيا.
التواجد الليبي
يؤكد التواجد القوي للعنصر الليبي في المسجد والمنطقة، إمامه وخطيبه مصطفى قراف ليبي الأصل، الذي قبضت عليه قوات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2012 عندما ذهب لمحاولة تهريب والدته خارج البلاد، ولدى عودته قال لصحيفة "مانشستر إيفينينج نيوز" المحلية إنه تم القبض عليه على الحدود مع تونس، وكان يشتبه في أنه جاسوس لأنه يحمل جواز سفر بريطانيا.
وقد تم تقديمه للصحفيين، عند قراءة بيان المركز، الأربعاء، ولكنه لم يتحدث، غير أنه نشر بيانا يدين التفجير، على حسابه بموقع "فيسبوك"، حيث ينشر أيضا مشاركات تدعم جماعات متطرفة مثل "مجلس شورى ثوار بنغازي" و"سرايا الدفاع"، حسب موقع المرصد الليبي، الذي أشار إلى أن بعض شهادات السكان تؤكد أن قراف يقوم من منبره بإلقاء الخطب والمحاضرات التي تدعو إلى التطرف.
وتشير وثيقة أمنية من أرشيف جهاز الأمن الداخلي الليبي، حصل عليها موقع "المرصد" إلى أن قراف وهو من مواليد 1970 بالزاوية بمحلة أبوعيسى، كان مصنفاً للأجهزة الأمنية السابقة على أنه منتمٍي لتنظيم "الجهاد"، وأنه عاد إلى ليبيا لأول مرة منذ التسعينيات في 14 أغسطس 2004 عن طريق لجنة تسهيل العودة التابعة لجهاز الأمن الخارجي التي كان يترأسه آنذاك أبوزيد دوردة.
وفي السياق ذاته قالت صحيفة "مانشستر إيفينينج نيوز"، إن شوارع جنوب مانشستر أصبحت موطنا للتطرف، وأن عددا من أحياء المنطقة كانت مرادفا لتجارة المخدرات وإطلاق النار على العصابات في التسعينيات.
ولكنها الآن أصبحت مرتعا للتطرف، حيث أدين أو قتل ما لا يقل عن 16 إرهابيا، من منطقة "موس سايد" والمناطق المحيطة بها، وأكثرهم شهرة جمال الحارث، جامايكي الأصل الذي اعتنق الإسلام مغير اسمه الأول رونالد فيدلر، وكان محتجزا في معتقل جوانتانامو، وحصل على تعويض مليون جنيه استرليني من الحكومة البريطانية، ونفذ هجومًا انتحاريا في العراق في فبراير/شباط بعد أن أعلن ولاءه لتنظيم داعش.
شبكة إخوانية تدير المسجد
وبالرجوع إلى الموقع الإلكتروني للمركز الإسلامي في مانشستر ومسجد "ديزبري"، يظهر أنه يوظف قيادات عليا وأئمة يرتبطون مباشرة بجماعة "الإخوان" الإرهابية، وزعيمها الروحي الشيخ يوسف القرضاوي.
سالم الشيخي:
بريطاني من أصول ليبية، ويعمل حاليا مديرا لقسم الشريعة بالمركز الإسلامي بالمسجد، وبالبحث أكثر حول هذا الاسم، وجد أنه عضو أيضا فيما يسمى "المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" الذي يترأسه يوسف القرضاوي.
وبمزيد من التقصي حول شخصية الشيخي، تبين أنه كان يقدم برنامجا تلفزيونيا على قناة "الحوار" الإخوانية اسمه "المراجعات"، يتطرق فيه إلى التشدد بشكل غير مباشر.
هذا بالإضافة إلى عدد من الندوات والمحاضرات التي عقدها للدفاع عن التنظيم الإرهابي، أبرزها فيديو على "يوتيوب" بعنوان " الشيخ سالم الشيخي والإخوان المسلمون - شبهات وردود" حيث يدافع فيه بشكل مستميت عن التنظيم، وتم عقد تلك المحاضرة في ليبيا بمدينة مسلاتة شمال غرب ليبيا عام 2012.
وبمزيد من البحث، تبين أن مجلس إدارة المركزه الإسلامي يضم عددا من الأسماء التي ترتبط مباشرة بتنظيم الإخوان الدولي:
إمام المسجد مصطفى عبد الله قراف
عضو سابق في لجنة الفتوى البريطانية التابعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث التي يترأسها القرضاوي، ووفقا لموقع "جلوبال ووتش" كان يقاتل ضمن صفوف التنظيم الدولي للإخوان في ليبيا خلال الثورة ضد القذافي عام 2011.
عضو مجلس أمناء المركز السابق معين شبيب:
أحد الأعضاء السابقين في مجلس أمناء مسجد ديزبري، وعضو كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس الإخوانية.
وحسب ما ذكره محلل مكتب التحقيقات الفيدرالي ماثيو ليفيت في كتابه "حماس: السياسة والعمل الخيري والإرهاب"، فقد حضر شبيب اجتماعا بين ممثلي الحركة وأعضاء في الحكومة الأمريكية.
علاوة على ذلك، ربط ليفيت بين شبيب ومؤسستين خيرتين في بريطانيا، "هيومان أبيل إنترناشونال" و"إديوكيشن إيد فور باليستاين"، اللتين كان يشرف عليهما القرضاوي شخصيا، لجمع التبرعات للشعب الفلسطيني، لكن الحكومة الأمريكية وضعتهما في قائمة الإرهاب عام 2008 لتمويلها أنشطة إرهابية ترتبط بحركة "حماس".
ومع ظهور تقارير إخبارية تفيد بأن انتحاري مانشستر ربما يكون على علاقة بتنظيم القاعدة، فمن المهم إدراك أن جماعة "الإخوان"، قد عملت منذ فترة طويلة كبوابة لما يسمى "الجهاد العنيف"، وتضم قائمة أعضائها السابقين مجموعة من الإرهابيين الأكثر شهرة ووحشية في العالم، منهم أسامة بن لادن وزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي.
والمعروف أن الجماعة، التي أسسها حسن البنا طالما كانت تُثمن دائما "النشاط الإرهابي" وكراهية اليهود والمسيحيين، لكن الكثيرين في الغرب يعتقدون أن الجماعة لا تعمل دائما بأيديولوجيتها (أحيانا تختار أولا التسلل إلى النظام السياسي للبلد المضيف قبل أن تعمل وفقا لمهمتها من أجل التفوق الإسلامي)، ينبغي اعتبار جماعة الإخوان المسلمين "شريكا في التطرف في إطار الجهود الرامية إلى "مكافحة التطرف العنيف".
aXA6IDMuMTQ1LjEwLjY4IA== جزيرة ام اند امز