يوم الشهيد في الإمارات يجب أن يكون يوماً من أيام العرفان في اليمن لهذا البلد الكريم الذي مدّ ولا يزال يمدّ إلينا كل غالٍ ونفيس.
في بلدٍ ينعم بأقصى ما وصل إليه العالم من وسائل الرفاهية وهو ثاني بلدان الأرض أماناً واستقراراً وشعبه أسعد الشعوب على الإطلاق.. وقبل يومين من عيد اتحاده الوطني، ذلك الاتحاد الذي لم تُزهق لأجله نفسٌ ولم تسِل لتحقيقه قطرة دم، وإنما تم بحكمة الشيخ زايد- رحمه الله- الذي امتلك من الرؤية والحصافة والطيبة والهمّة والعزيمة ما هو أمضى من السيف وأقوى من المدفع، وبه استطاع أن يوحّد قلوب شعبه قبل أن يوحد أراضيهم، ويضع لهم الغاية قبلَ أن يرفع لدولتهم الراية.. في بلدٍ مستقرٍّ آمنٍ رغيدٍ كهذا تكون قيمة الروح والدم فوق أن تُقدّر بثمن والتكلفة المعنوية لسقوط أحد أبنائه أثناء أداء واجبه أو دفاعاً عنه لا يمكن مقارنتها بأي تكلفة، ولذلك جُعل (يوم الشهيد) لتخليد تلك التضحيات الجسيمة التي من الطبيعي أن يكون الشعب الإماراتي متقبّلاً لها ومستعداً لتقديمها بسخاء، بل مفتخراً بها مؤمناً أنه بدونها لن يستطيع الحفاظ على مكتسباته ومنجزاته وأمنه وأمانه وحاضره ومستقبله..
لن ينسى تراب اليمن ولا شعبها ولا تأريخها تلك التضحيات الجسيمة التي لو لم تقدمها الإمارات (ضمن تضحيات التحالف العربي بقيادة السعودية) لضاع اليمن كله في غياهب المشروع الإيراني الخبيث، ولخرج من محيطه العربي وتجرد من تأريخه وتراثه وكل ما يربطه بصلةٍ إلى العروبة والإسلام
وحريٌّ التذكير في هذا اليوم، أنه ليس يوماً يخص شهداء الإمارات الذين ارتفعوا أو قدموا تضحياتهم فوق ترابها وحسب، فلها شهداء كُثُرٌ يرتفعون في أماكن شتى حيثما وُجدَتْ حربٌ ضد العرب والعروبة لا سيما الحرب الحوثية الإيرانية في اليمن..
إنه ليس يوم الشهيد على تراب الإمارات وحسب، بل يوم الشهيد الإماراتي على تراب اليمن أيضاً.. يوم تكريم أولئك الشباب الذين تركوا خلفهم كل هذه النعماء والرفاهية وحملوا أرواحهم الغالية بين أكفّهم ليبذلوها رخيصةً للدفاع عن بلدٍ عربي شقيق ليس لبلدهم معه حدود، ولكن أواصر الدين والعروبة والنسب الضاربة في التأريخ ووحدة العدوّ والمصير والمستقبل جعلتْهم يؤمنون أن دماءهم التي تسيل للدفاع عن ذلك البلد إنما تسيل للدفاع عن بلدهم هم..
وبصفتي يمنيّاً مقيماً في الإمارات، فإن مشاعري في هذا اليوم لا تختلف عن مشاعر أهل هذا البلد الكريم، والتي هي خليط من الحزن والفخر، مضافاً إليها مشاعر الامتنان والشكر لأولئك الأبطال الإماراتيين الذين اختلطت دماؤهم بدمائنا على تراب اليمن دفاعاً عنه من المشروع الفارسي وسعياً لاستعادة وطننا ودولتنا من براثن الكهنوت الحوثي الخبيث.
وحقيق بي في مثل هذا اليوم أن أتوجه بهذا السؤال إلى أولئك الجاحدين لدور الإمارات في بلادنا والمتنكرين لمعروفها الذي صنعته ولا تزال تصنعه لشعبنا ووطننا ودولتنا، وناهيكم عن المليارات التي تقدمها لدعمنا في شتى المجالات ولتخفيف معاناة إخوتنا المتضررين من حرب إيران، فالسؤال هنا: ألا تكفي الدماء الإماراتية الزكية التي سُكِبت ولا تزال تُسكب في اليمن برهاناً على اشتراكنا في المعركة والمصير؟ وهل هناك شيء أغلى من الدم يحتاج أن يبذله الأخ دفاعاً عن أخيه حتى يثبت له صدقَ أخوّته؟؟!!
وسواءٌ عليكم نكرانكم أو عرفانكم، فلن ينسى تراب اليمن ولا شعبه ولا تأريخه تلك التضحيات الجسيمة التي لو لم تقدمها الإمارات (ضمن تضحيات التحالف العربي بقيادة السعودية) لضاعت اليمن كله في غياهب المشروع الإيراني الخبيث ولخرج من محيطه العربي وتجرد من تأريخه وتراثه وكل ما يربطه بصلةٍ إلى العروبة والإسلام.
الخلاصة، أن يوم الشهيد في الإمارات يجب أن يكون يوماً من أيام العرفان في اليمن لهذا البلد الكريم الذي مدّ ولا يزال يمدّ إلينا كل غالٍ ونفيس، بما فيه دماء خيرة شبابه لأجل الخلاص من براثن الكهنوتي الحوثي والخروج من نفقه المظلم والنجاة من الهاوية السحيقة التي تجرّنا إليها إيران، ثم استعادة وطننا ودولتنا والانطلاق بهما إلى آفاق المستقبل المشرق يداً بيدٍ مع جيراننا العرب الأقحاح الذين بعد أن اختلطت دماؤهم بدمائنا يستحيل أن يتخلوا عنا أو نتخلى عنهم أبد الدهر..
تعازينا الحارة للشعب الإماراتي الكريم في شهدائه جميعاً، خصوصاً أولئك الذين ارتقت أرواحهم فوق تراب اليمن، فهم شهداؤنا أيضاً..
شكراً إمارات الخير، شكراً شهداء الإمارات في اليمن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة