عرض عسكري ضخم في ذكرى استقلال موريتانيا.. وخبراء: تحذير للإرهاب
خبراء ومحللون موريتانيون يعتبرون أن مكان العرض العسكري يشكل دليلا على "قوة الإرادة والتصميم" لمواجهة تهديدات الإرهاب.
أحيت موريتانيا، الأربعاء، ذكرى عيد استقلالها الـ58 بتنظيم أكبر عرض عسكري، احتضنته مدينة "النعمة" (1200 كلم) أقصى شرق البلاد، في حدث اعتبره الخبراء رسالة تحذير للجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة.
- هزيمة إخوان موريتانيا في معقلهم بنواكشوط
- انتفاضة أبواق قطر لإنقاذ "إخوان" موريتانيا.. السحر ينقلب على الساحر
وشاركت في العرض، الذي نقله التلفزيون الرسمي على الهواء، بحضور الرئيس وكبار الشخصيات في موريتانيا، تشكيلات راجلة ومحمولة من الجيش الموريتاني وقوى الأمن.
وشهد العرض أسلحة ومعدات عسكرية متطورة بينها طائرات حربية وآليات تستخدم لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة والإرهاب، ليختتم بعمليات إنزال ناجحة لفرق من سلاح المظلات.
واعتبر خبراء ومحللون موريتانيون أن اختيار مكان العرض العسكري يشكل دليلا على "قوة الإرادة والتصميم" لدى الجيش والقوى الأمنية، في مواجهة التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
وأشار الخبراء في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن اختيار المنطقة المتاخمة للميدان الأبرز للحرب على الإرهاب في الساحل مكانا لهذا العرض العسكري، يمثل أبلغ رسالة "تحد" للجماعات الإرهابية التي طالما اتخذت من تلك المنطقة قواعد لشن هجمات على بلدان المنطقة.
رسالة للداخل والخارج
وأكد البخاري محمد مؤمل، العقيد الركن المتقاعد بالجيش الموريتاني، الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "تنظيم هذا العرض العسكري الضخم في منطقة نائية نسبيا يعكس نجاحا للمقاربة العسكرية الموريتانية لمحاربة الإرهاب".
وأشار إلى أن "اختيار هذه المدينة التي كانت سنة 2010 هدفا لبعض العمليات الإرهابية، يؤكد التحسن الكبير لقدرة الردع لدى الجيش الموريتاني والمستوى الكبير لجاهزية التصدي لمختلف التهديدات".
واعتبر الخبير العسكري أن "أهمية ورمزية اختيار المكان لتنظيم العرض العسكري في مدينة النعمة، له دلالة وهي العلاقة باحتضان نفس المدينة لمقر قيادة القطاع الغربي لقوة الساحل المشتركة التي أسسها كل من موريتانيا ومالي والنيجر والتشاد وبوركينافاسو".
وأوضح الخبير أن "تنظيم العرض في هذا الموقع المتقدم في إطار حرب دول المنطقة على الإرهاب، وحشد هذا الكم الكبير من القوات والمعدات بشكل متزامن يعكس مستوى الطمأنينة، وواقع ميزان القوى الذي يميل لصالح موريتانيا ضد الجماعات المسلحة".
وأضاف أن قيام الجيش الموريتاني والقوى الأمنية للبلد بشكل عام بهذا العرض العسكري الضخم في هذه المنطقة يشكل "إضافة نوعية" للمشاركة الموريتانية في قوة الساحل، ويعكس مستوى الجاهزية والاستعداد لدى الجانب الموريتاني.
وشدد الخبير العسكري على أن "أهمية هذا العرض تتمثل، بشكل عام، في كونه المرآة التي يرى المواطن من خلالها نماذج من وسائل الدفاع التي تمتلكها الدولة"، على حد وصفه.
واعتبر الخبير العسكري العقيد الركن متقاعد البخاري محمد مؤمل أن العرض العسكري المنظم شرق البلاد هو رسالة طمأنة للمواطن في الداخل لمستوى جاهزية القوات العسكرية والأمنية ورسالة تحد "للعدو" الخارجي بمدى اليقظة والاستعداد لأي طارئ.
وأوضح مؤمل أن الجيش الموريتاني يشهد من 2008 تطورا مهما يعكسه مستوى التسليح ونوعية المعدات والتجهيزات.
وأرجع الخبير العسكري هذا التطور النوعي الملحوظ إلى وجود ما وصفها بـ"الرؤية الثاقبة"، و"الإرادة السياسية القوية"، للنهوض بهذا الجيش وإعادة تنظيم للقوى العسكرية والأمنية بما يمكن من مواجهة التحديات، بالإضافة إلى ما وصفه باعتماد استراتيجية جديدة مكنت من اقتناء المعدات والتجهيزات العسكرية والأمنية المطلوبة لمواجهة الإرهاب.
واعتبر الخبير العسكري أن "نتائج هذه الإرادة السياسية والانعكاس الإيجابي لهذه الرؤية أثمر على الميدان إيجاد قوة عسكرية بجاهزية أفضل، حيث أصبحت البلاد تتحصل على وحدات عسكرية خفيفة ومرنة وسريعة التحرك نحو الهدف"، على حد وصفه.
رسالة في اتجاهين
واعتبر صلاح ولد محمد فاضل، الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "العرض العسكري الذي نظمه الجيش الموريتاني اليوم في النعمة هو رسالة موجهة في اتجاهين".
وأشار فاضل إلى أن "الوجهة الأولى لهذه الرسائل هي نحو المجال الجغرافي الذي تقوم فيه هذه العروض العسكرية، وتفيد بأن المنطقة أصبحت مؤمنة بالكامل".
وأضاف فاضل أن "الوجهة الثانية لهذه الرسائل تتعلق بما تكشفه من قدرة وجاهزية للجيش الموريتاني من خلال عرض أسلحة ومعدات متطورة وذات فعالية لمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة"، معتبرا أن "هذه الرسالة الأخيرة تكشف كون موريتانيا أصبحت نموذجا لدول المنطقة".
وخلص المحلل السياسي إلى التأكيد على أن "هذه العروض وتلك العمليات الناجحة التي يقوم بها الجيش الموريتاني من حين لآخر تعني أنه أصبحت لديه خبرات مهمة خصوصا في المجال الجوي".
واعتمدت موريتانيا منذ 2009 مقاربة وطنية لمحاربة الإرهاب استهدفت مواجهة الظاهرة من خلال انتهاج سياسية عسكرية وأمنية صارمة إلى جانب التركيز على الأبعاد الفكرية والثقافية، بل والتنموية.
وأشار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في خطابه، الثلاثاء، بمناسبة الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال الوطني إلى الدور الذي لعبته حكومته في نشر قيم التسامح والوسطية، مما مكنها من رد العديد من الشباب إلى "جادة الصواب بتحريرهم من الأفكار المنحرفة، وإعادة دمجهم في الحياة الاجتماعية السوية".
وأوضح الرئيس ولد عبدالعزيز، في الخطاب نفسه أن بلاده وقفت بحزم في وجه من وصفهم بـ"المتاجرين بالدين، الذين يستغلون الإسلام سياسيا، لأغراض شخصية مشبوهة"، في إشارة إلى الحملة التي شنتها السلطات في الـ24 من سبتمبر/أيلول الماضي ضد تنظيم "الإخوان" في موريتانيا.
وتواجه موريتانيا منذ 2005 وغيرها من بلدان منطقة الساحل الأفريقية تحديات أمنية مشتركة بسبب الجماعات الإرهابية التي تتخذ من منطقة الشمال المالي مناطق للاختباء والتخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية في هذه البلدان.
وفي الـ10 من يوليو 2017، أطلق تجمع دول الساحل الخمسة الذي يضم بالإضافة إلى موريتانيا كلا من مالي والنيجر والتشاد وبوركينافاسو مشروع إنشاء قوة عسكرية مشتركة من أجل التصدي لهذه الجماعات الإرهابية.