محللون موريتانيون لـ"العين الإخبارية": رهانات المعارضة للرئاسة فاشلة
المحللون يتوقعون تفاقم الخلافات بين المعارضين حول فكرة المرشح "المستقل"في رئاسيات 2019
اعتبر محللون وساسة موريتانيون أن طرح المعارضة الموريتانية مؤخرا فكرة دعم مرشح من الموالاة لخوض غمار رئاسيات ربيع عام 2019، إقرار بصعوبة مهمة الوصول إلى القصر الرئاسي، ومحاولة فاشلة لاستيراد تجارب بعض البلدان الأفريقية في هذا المجال.
- ضربة موجعة للإخوان بموريتانيا.. الإرهابية تفشل في رئاسة البرلمان
- محللون موريتانيون: تغيير الحكومة مرتبط بتحضيرات انتخابات الرئاسة 2019
وتوقع المحللون، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، تفاقم الخلافات بين المعارضين حول فكرة المرشح "المستقل"، التي طرحت للنقاش أمام لجنة مصغرة شكلتها المعارضة منذ مايو/أيار 2017 لاقتراح مرشح موحد لها.
وكشف المصطفى ولد بدر الدين، الأمين العام لحزب اتحاد قوى التقدم المعارض، في تصريحات صحفية، الأربعاء، عن قبول المعارضة دعم الوزير الأول الأسبق الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف، كمرشح موحد لها إذا قرر الترشح لهذه الاستحقاقات كما هو متداول.
وأعلن ولد بدر الدين، أن المعارضة لا تمانع في دعم هذا المرشح المحتمل، إذا تبنى 50% من برنامج المعارضة كحد أدنى، مشددا على أن الهدف هو توحد الصفوف للفوز بالاستحقاقات القادمة.
وتولى الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف (وهو قيادي بارز في الحزب الحاكم) الوزارة الأولى في موريتانيا ما بين (2009 و2014)، كما أسند إليه ملف الحوار مع المعارضة خلال توليه لمنصب الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية ما بين عامي 2014 و2016.
ولم يعلن ولد محمد الأغظف حتى الآن موقفه من الترشح لرئاسيات 2019، رغم أن اسمه ورد ضمن الشخصيات التي قد تكون محل ثقة الأغلبية كمرشح للرئاسيات المقبلة ضمن شخصيات أخرى، من بينها قائد أركان الجيوش السابق الفريق محمد ولد الشيخ محمد أحمد.
وتشهد موريتانيا خلال الربيع المقبل (شهري أبريل/نيسان أو مايو/أيار 2019) تنظيم الانتخابات الرئاسية التي ينتظر أن تمهد لتناوب على الرئاسة في ظل تأكيدات الرئيس الحالي محمد ولد العزيز عدم ترشحه لمأمورية جديدة.
سلامة نهج الأغلبية
النائب البرلماني الموريتاني شيخنا ولد حجبو، رئيس حزب "الكرامة" المنتمي للأغلبية الحاكمة، يرى في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن التوجه الحالي للمعارضة بطرح فكرة مرشح لا ينتمي إليها متوقع في ظل ما وصفها بـ"المشاكل" الداخلية التي تواجهها المعارضة.
وأوضح أن المعارضة المعروفة سياسيا بـ"المنتدى" تضم في صفوفها اتجاهات مختلفة، من ضمنها ما اعتبره تيارا "مدنيا تحرريا"، قد يكون هو من يوجه سياسة مواقف المعارضة حيال موضوع الترشح للرئاسيات.
واعتبر ولد حجبو، أن تاريخ المعارضة الحديث يظهر أن "البوصلة" السياسية لها غير مستقرة، وكثيرا ما تعصف الخلافات الداخلية بأي مساع لتوحيد الكلمة والموقف من أي قضية مصيرية بالنسبة لهم.
وأشار إلى أن رغبة المعارضة في دعم المرشح المحتمل للرئاسيات الوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمد الأغظف تثبت سلامة نهج الأغلبية خلال الحوار الماضي الذي كان ولد محمد الأغظف يمسك بالكثير من ملفاته.
وبيّن ولد حجبو من جهة أخرى أن تبني المعارضة شخصية منتمية إلى الأغلبية كمرشح محتمل لرئاسيات 2019 سيكون "مخططا فاشلا" على حد وصفه، إذا ما كان الهدف منه "تكيتكيا"، ومحاولة إرباك الأغلبية، نظرا لأن ولد محمد الأغظف جزء منها، للدفع به إلى منافسة المرشح المحتمل لهذه الأغلبية.
وخلص النائب إلى القول إن بحث المعارضة عن مرشح من خارج صفوفها يعكس فشل ما وصفها بالمعارضة الراديكالية في الوصول إلى مرشح موحد من بين صفوفها، نتيجة لعدم قدرة أطرافها المتعددة على التنازل لبعضها، من أجل الوصول إلى مرشح موحد.
الخوف من تكرار الفشل
عبدالله ولد العتيق، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع "الحرة" الإخباري الموريتاني، يرى في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التصريحات الأخيرة للقيادي المعارض بدر الدين، حول دعم مرشح مقرب من الأغلبية "لا تنطلق من فراغ".
وأوضح ولد العتيق أن "هذه التصريحات تقتضي العودة قليلا إلى الوراء، حيث سبق وأن سربت جهات من داخل المنتدى المعارض منتصف عام 2017 معلومات تفيد بتوجه المعارضة إلى اختيار مرشح موحد وتحديدا ولد محمد الأغظف".
وأشار عبدالله ولد العتيق إلى أن هذا التوجه المعارض يستند إلى القرار الذي اتخذته الهيئة التنفيذية للمنتدى، لدراسة واقتراح مرشح موحد للمعارضة في انتخابات 2019، التي لن يترشح لها الرئيس الحالي لانتهاء ولايتيه.
وبيّن ولد العتيق أن الصعوبة التي تواجه المعارض في أفق التحضير لرئاسيات 2019 هي عدم قدرة زعمائها التقليديين من الترشح فيها، لتجاوزهم السن القانونية للترشح، وهي سن الخامسة والسبعين.
وأضاف رئيس تحرير موقع "الحرة" الإخباري، أن "طرح المعارضة هذا الخيار المتعلق بدعم المرشح المتحمل ولد محمد الأغظف يرجع إلى الحرص على عدم تكرار تجارب (التشتت) السابقة، والأخذ بنموذج المعارضة في بلدين أفريقيين كجامبيا وغانا".
وتوقع ولد العتيق ألا تتحقق رهانات المعارضة على الأخذ بهذه النماذج بعد "إعادة الأغلبية لترتيب بيتها الداخلي"، خصوصا بالنظر إلى تعدد الأطراف المشكلة لمنتدى المعارضة الذي يضم هيئات وشخصيات مختلفة ومتباينة في الطرح.
مخاض سياسي
المحلل السياسي الموريتاني عبدالله الشيخ المحفوظ، يعتبر في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن محاولة المعارضة لعب ورقة المرشح المستقل عن صفوفها ليست بالجديدة، معددا تجارب سابقة حدثت خلال رئاسيات 1992، و2003.
وأشار عبدالله الشيخ المحفوظ إلى أن للمرشح المحتمل ولد محمد الأغظف خصوصية قد تكون تهم المعارضة الحالية أكثر، حيث سبق أن قاد حكومة وحدة وطنية منتصف سنة 2009 وكانت المعارضة الحالية ممثلة فيها.
وأوضح أن فكرة دعم ولد محمد الأغظف، لا تحظى بدعم جميع أطراف المعارضة، بل إن هناك من يعارضونها بشدة، على اعتبار أن هذا المرشح المحتمل يبقى في النهاية جزءا من الأغلبية الحاكمة، متوقعا أن يكون الأمر عبارة عن بالون اختبار لبعض الأطراف.
وبحسبه فإن التطورات المرتبطة بالتوجه الجديد للمعارضة تمثل عنصر قوة للأغلبية، لأنها تهدد بنسف ما تبقى من وحدة المعارضة، مستبعدا أن تحظى مجرد فكرة دعم مرشح موحد بقبول جميع أطراف المعارضة، خاصة لو كان هذا المرشح المحتمل محسوبا على الأغلبية.
وأضاف أن التسريبات الحالية التي تطرحها المعارضة قد تعود في جزء منها إلى محاولة لخلط أوراق اللعبة السياسية والتغطية على ما تشهده الساحة المعارضة من تباينات ينتظر أن تتفاقم أكثر كلما اقتربت ساعة الحسم المتعلقة برئاسيات 2019.
وتشهد موريتانيا، خلال النصف الأول من العام المقبل 2019، انتخابات رئاسية ينتظر أن تشهد خلالها البلاد تناوبا على السلطة ودخول رئيس جديد إلى القصر الرئاسي، في ظل تأكيدات الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز نيته عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة.
وانتخب الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبدالعزيز سنة 2009 رئيسا للبلاد، وأعيد انتخابه 2014 لولاية رئاسية ثانية وأخيرة بحكم الدستور الذي يحدد المأموريات الرئاسية باثنتين فقط.
وجدد الرئيس الموريتاني، خلال مؤتمره الصحفي الأخير، في الـ20 من سبتمبر/أيلول الماضي، نيته عدم الترشح مجددا، لكنه ألمح إلى رغبته في بقاء النهج الحالي الذي تسير عليه البلاد.
وفاز حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا خلال انتخابات سبتمبر/أيلول التشريعية والبلدية الأخيرة، بأغلبية المقاعد النيابية، وذلك بعدما حصد 89 مقعداً من أصل 153، الأمر الذي مكّنه من تشكيل الحكومة الجديدة بشكل منفرد.