محللون موريتانيون: تغيير الحكومة مرتبط بتحضيرات انتخابات الرئاسة 2019
الحكومة الجديدة يقع على عاتقها مهمة التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في النصف الأول من العام المقبل
ربط محللون وخبراء موريتانيون ما بين التشكيلة الحكومية الجديدة وتحضيرات الأغلبية السياسية الحاكمة لنهاية ولاية الرئيس محمد ولد عبدالعزيز المنتظرة بعد نحو 6 أشهر، وذلك في تصريحات خاصة لـ" العين الإخبارية"
وتقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في النصف الأول من العام المقبل، وهي انتخابات كان الرئيس الموريتاني الحالي جدد التأكيد في سبتمبر/ أيلول الماضي على عدم المشاركة فيها.
وأعلنت موريتانيا، الثلاثاء، عن تشكيلة الحكومة الجديدة، وحافظ معظم وزراء الحكومة السابقة على مناصبهم، فيما شهدت التشكيلة الجديدة دخول 3 وزراء جدد، منهم قائد أركان الجيش الفريق محمد ولد الشيخ محمد أحمد الذي أسند إليه حقيبة الدفاع، ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدي محمد ولد محمد الذي تولى حقيبة الثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة.
العبور بسلام
وقال عبيد ولد إميجن الإعلامي والمحلل السياسي الموريتاني ، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة بتشكيلتها الجديدة تعكس ما وصفها بـ"الإرادة القوية لاستمرار النظام السياسي في الحكم".
وبيّن ولد إميجن أن هذه التشكيلة تمثل "حكومة كفاءات"، في ظل رئاستها من الوزير الأول الجديد المهندس محمد سالم البشير، الذي يقع على عاتقه مؤقتا مهمة ضبط إيقاع أعمالها، دون أن "تجسد تطلعات سياسية جادة"، حسب تعبيره.
ورأى المحلل السياسي الموريتاني أن قراءة "ما بين السطور" في تشكيل هذه الحكومة يكشف عما وصفه بـ"وجود تفاهمات وتوافقات من نوع ما بشأن فترة ما بعد 2019"، في إشارة إلى نهاية الولاية الرئاسية الأخيرة للرئيس الحالي.
واعتبر أن تعيين قائد الجيش الفريق محمد ولد الشيخ محمد أحمد وزيرا للدفاع قبل تقاعده يعد "تمهيدا لتكليف الأخير بمهام في فترة ما بعد 2019 من بينها رئاسة الجمهورية"، معبرا عن اعتقاده عن وجود "تفاهمات" حول هذا المنصب.
أما تعيين رئيس الحزب الحاكم على رأس وزارة الثقافة وناطقا باسم الحكومة الموريتانية، اعتبره ولد إميجن "له بعد سياسي آخر يتعلق بقدراته على التسويق وجلب المناصرة لخيارات الحكومة".
وخلص المحلل السياسي الموريتاني إلى أن "حكومة المهندس محمد سالم البشير يراد لها تخفيف حدة الاحتقان السياسي وتسهيل عملية العبور الآمن لرئيس الجمهورية القادم"، حسب تعبيره.
تشكيلة مفاجئة
مولاي أبحيدة الكاتب الصحفي الموريتاني ورئيس تحرير موقع 28 نوفمبر يرى، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن التشكيلة الحكومية الجديدة لم تفاجئ الرأي العام إلا في "جزئية يسيرة تتعلق بإسناد منصب وزير الدفاع إلى قائد أركان الجيش".
وأشار ولد أبحيده إلى أن عنصر المفاجأة له في تعيين قائد الجيش في منصب وزير الدفاع يعود لأسباب تتعلق أولها بالشائعات حول نية تسويق قائد الجيش كخليفة للرئيس الحالي في عام 2019، بعد تقاعده المنتظر خلال شهرين.
والسبب الثاني، كون وزير الدفاع الجديد "عسكري لم يتقاعد بعد، ويتولى حقيبة كان من المفترض أن تسند إلى شخص مدني".
كما يرى أن تشكيلة الحكومة الجديدة لا تحظى بما وصفه بـ"معايير القدرة على الإشراف على استحقاقات بحجم انتخابات الرئاسة في 2019"، لما وصفه بـ"غياب الوزن الانتخابي لدى أغلب عناصرها"، متوقعا تعديلا وزاريا آخر يضمن ما وصفه بـ"القوة على التأثير شعبيا في الناخبين".
واعتبر ولد أبحيده أن دخول شخصيتين جديدتين إلى الحكومة الموريتانية الجديدة، يؤكد وجود إرادة قوية للنظام للاستعداد الجيد لانتخابات الرئاسة 2019، بما يضمن للنظام الحاكم "العبور بسلام" بعد هذه الانتخابات.
سياسي محنك
ونشر الكاتب الصحفي والمدون الموريتاني سعيد حبيب، في صفحته الأربعاء على فيس بوك، تدوينة تحت عنوان "نازلة تعيين غزواني"، في إشارة إلى وزير الدفاع الجديد أشار فيها إلى أن التعيين يعكس "قدرة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز على ترك مبررات الدهشة".
فالرئيس الموريتاني "يثبت في كل مرة أنه سياسي محنك أكثر من كونه عسكريا (في إشارة خلفية الرئيس العسكرية السابقة) يفترض أنه لا وقت لديه للتفكيك والتحليل والاستقراء".
وخلص المدون سعيد حبيب إلى القول إن تعيين قائد أركان الجيش الفريق محمد ولد الشيخ محمد (الغزواني) وزيرا للدفاع "يحمل دلالتين متناقضتين متنافرتين متضادتين تماما تجعل المتابع والمحلل السياسي يقدم تفسيرات شتى وكلها منطقية".
وتشهد موريتانيا، خلال النصف الأول من العام المقبل 2019، انتخابات رئاسية ينتظر أن تشهد خلالها البلاد تناوبا على السلطة ودخول رئيس جديد إلى القصر الرئاسي، في ظل تأكيدات الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز نيته عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة.
وانتخب الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبدالعزيز سنة 2009 رئيسا للبلاد، وأعيد انتخابه 2014 لولاية رئاسية ثانية وأخيرة بحكم الدستور الذي يحدد المأموريات الرئاسية باثنتين فقط.
وجدد الرئيس الموريتاني، خلال مؤتمره الصحفي الأخير، في الـ20 من سبتمبر الماضي نيته عدم الترشح مجددا، لكنه ألمح إلى رغبته في بقاء النهج الحالي الذي تسير عليه البلاد.
وفاز حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا خلال انتخابات سبتمبر التشريعية والبلدية الأخيرة، بأغلبية المقاعد النيابية، وذلك بعدما حصد 89 مقعداً من أصل 153، الأمر الذي يمكِّنه من تشكيل الحكومة الجديدة بشكل منفرد.
وتمَكَّن الحزب كذلك من الفوز بجميع مجالس الجمهورية وعددها 13 مجلساً، بالإضافة إلى فوزه بأغلبية البلديات البالغة 219 بلدية، متغلباً على تنظيم الإخوان الإرهابي.