ماذا يعني إدراج كوريا الشمالية على قائمة واشنطن السوداء؟
سيف العقوبات سيطال بطريقة أو بأخرى تلك الدول التي تقيم علاقات مع بيونج يانج
أدرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، خصمه اللدود كوريا الشمالية على قائمة بلاده للدول الراعية للإرهاب، لكن عمليا، ترزح بيونج يانج أصلا تحت العقوبات المترتبة على هذا الإدراج.
ويأخذ قرار ترامب رمزيته من كونه جاء بعد أيام من زيارة آسيوية شملت 5 بلدان، على مدار 12 يوما، وتهدف بالأساس إلى تقليم أظافر بيونج يانج النووية.
ورغم أن نظام كوريا الشمالية الشيوعي كان مدرجا على هذه القائمة بين عامي 1988 و2008، قبل شطبه في مسعى لاستئناف المحادثات النووية التي انهارت لاحقا، فإن خبراء يجادلون بأنه لا ينطبق عليه التوصيف القانوني للدول الراعية للإرهاب.
وقانونيا، يتطلب تصنيف أي دولة بأنها راعية للإرهاب إثبات أنها قدمت "بشكل متكرر دعما لأعمال إرهاب دولي".
وكان وضع بيونج يانج ضمن القائمة في المرة السابقة، يرتكز على تورطها المفترض في تفجير طائرة كورية جنوبية أفضى إلى مقتل 115 شخصا.
ومدافعا عن قراره، قال ترامب إنه "بالإضافة إلى تهديد العالم بالدمار النووي، أيدت كوريا الشمالية مرارا أعمال الإرهاب الدولي، بما في ذلك عمليات اغتيال على أراضٍ أجنبية".
واستدل ترامب بحالة الطالب الأمريكي أوتو وارمبير، الذي توفي في يونيو/حزيران الماضي، إثر غيبوبة أصيب بها عقب اعتقاله من السلطات الكورية الشمالية.
وأفادت تقارير صحفية بأن حجج ترامب ترتكز أيضا على اغتيال كيم جونغ-نام، الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في فبراير/شباط الماضي بالأراضي الماليزية، في خطوة يُشتبه بأن بيونج يانج خلفها.
ويتيح الإدراج في هذه القائمة فرض عقوبات على كوريا الشمالية، مثل عدم التصويت لصالحها في المؤسسات الدولية، وعدم إقامة أي علاقات عسكرية معها، وعدم تقديم أي مساعدات تنموية.
ولأن مثل هذه الصلات لم تكن قائمة أصلا، يفتح القرار الأمريكي الباب أمام تساؤلات بشأن دوافعه، وهو ما أجاب عنه لاحقا، وزير الخارجية ريكس تيلرسون، بالقول إنه "يستهدف إثناء أطراف ثالثة عن دعم كوريا الشمالية".
ويعني ذلك، أن سيف العقوبات سيطال بطريقة أو بأخرى تلك الدول التي تقيم علاقات مع بيونج يانج؛ الأمر الذي يطرح تساؤلا حول إن كان القرار رسالة إلى الصين، الداعم الاقتصادي الرئيس للجارة النووية.
إلا أنه لم ترد حتى إشارة صريحة لمثل هذا المسلك من واشنطن، كما لم يرد أي تعليق فوري من بكين، على خلاف بقية الجيران الذين رحبوا علنيا بالخطوة مثل اليابان.
وما يعضد الرأي القائل بأن الصين قد تكون هي المعنية بالقرار، دعوات ترامب المتواترة لبكين بأن تلعب دورا أكبر في تحجيم أطماع حليفتها النووية.
وتُعَد الصلات التجارية مع الصين عصب الاقتصاد الكوري الشمالي الذي تثقل عليه عقوبات أممية وأمريكية.
وبينما أعلن ترامب أن قراره يمهد لوزارة الخزانة فرض عقوبات على النظام الشيوعي في كوريا الشمالية، فإن المتتبع للعقوبات الأمريكية السابقة سرعان ما يدرك أنه لم يعد في يد واشنطن ما يخيف عدوتها النووية.
والحال كذلك، ليس من الراجح أن تمضي بكين في اتجاه فرض عقوبات أممية، فضلا عن فرضها عقوبات أحادية على بيونج يانج، بعدما وافقت على مضض، على آخر عقوبات أقرها مجلس الأمن الدولي، في أغسطس/آب الماضي.
وتماشيا مع القرار الأممي، علقت الصين وارداتها من الحديد والرصاص ومنتجات البحر الآتية من كوريا الشمالية، بعدما أوقفت في فبراير/شباط الماضي، مشترياتها من الفحم، المورد الرئيسي للخزانة الكورية الشمالية.
وشملت تحركات بكين، حظر الشركات والرعايا الكوريين الشماليين إقامة مؤسسات جديدة على ترابها، بجانب تعطيل أي استثمارات صينية جديدة في بيونج يانج.
ويتيح القرار الأممي خفض العائدات السنوية لكوريا الشمالية البالغة 3 مليارات دولار بمقدار الثلث؛ إذ تستقبل الصين 90% من صادرات بيونج يانج.
وبغض النظر عن الطريقة التي ستنظر بها الصين إلى القرار، يبقى راجحا أن تحركها من عدمه هو الذي سيحدد نجاعة القرار الأمريكي.