باحثون مصريون: ملاحظات السيسي على قانون البحوث الإكلينيكية في محلها
ملاحظات الرئيس المصري تمنح المرونة المطلوبة في عمل البحث العلمي، الذي ينبغي أن يتخلص من البيروقراطية والروتين.
تنفس قطاع الأبحاث الطبية والإكلينيكية بالجامعات ومراكز الأبحاث المصرية الصعداء، بعد إعادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قانون البحوث الطبية والإكلينيكية إلى البرلمان متضمنا سبع ملاحظات، في سابقة برلمانية غير معتادة.
وأعلن رئيس مجلس النواب علي عبد العال، قبل أيام، أن الرئيس استخدم حقه الدستوري الذي تمنحه له المادة 123 من الدستور المصري، مضيفا أن هذه هي "السابقة الثانية في تاريخ المجالس النيابية التي يعترض فيها رئيس على مشروع قانون".
وكان مشروع القانون أثار قلق كثير من الباحثين، ورغم مطالبتهم في وقت سابق بضروة إصدار قانون ينظم البحوث الإكلينيكية، لكنهم تمنوا ألا يصدر بشكله الذي أُرسِل به إلى الرئيس.
ويقول دكتور علي عز العرب، استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي، والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء في حديثه لـ"العين الإخبارية ": "ملاحظات الرئيس في محلها، فقد عدلت مسار هذا القانون الذي طالما تمنينا صدوره ".
ويفيد صدور هذا القانون في استقدام الاستثمارات الأجنبية في مجال صناعة الدواء، والتي كانت تحجم عن الاستثمار في مصر لعدم وجود قانون ينظم الأبحاث الإكلينيكية، ولكن المعنيين بصدور القانون عندما قرأوا مواده رأوا أن أضراره أكثر من فوائدة، بحسب دكتور عز العرب.
وأضاف: "من الجيد أن يضع الرئيس هذه الملاحظات التي تنتصر للبحث العلمي وتعيد للقانون مغزاه الحقيقي، وهو وضع مصر على خريطة الأبحاث الطبية والإكلينيكية، وهو أمر تأخرنا فيه كثيرا".
ومن أبرز الملاحظات التي وضعها الرئيس وتوقف عندها "عزالعرب"، ما يتعلق بالجهات التي يشترط الحصول على موافقتها قبل إجراء الأبحاث.
ونصت المواد 4 و5 و9 و11 و19 و20 و22 من مشروع القانون على ضرورة موافقة المجلس الأعلى للبحوث الطبية الإكلينيكية، والهيئات الرقابية والمخابرات العامة على بروتوكول البحث والمتابعة والتفتيش عليها بعد موافقة الهيئة التي يجري فيها البحث.
وقال الرئيس في تعقيبه على ذلك: "الأبحاث تشمل الماجستير والدكتوراه والأبحاث الحرة والممولة في كليات الطب البشري، مما يعني وجود أعداد هائلة من الأبحاث كل شهر يستحيل متابعتها إلا بواسطة اللجان الموجودة في كل جهة بحثية".
ويقول "عزالعرب": "ملاحظة الرئيس تمنح المرونة المطلوبة في عمل البحث العلمي، الذي ينبغي أن يتخلص من البيروقراطية والروتين".
وتوقف "عزالعرب" أيضا عند ملاحظة أخرى أبداها الرئيس وتتعلق بالمواد العقابية الواردة في القانون، والتي قال الرئيس في خطابه أنها "لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة البحث العلمي وتعتبر المخالفات متساوية في جميع أنواع البحوث؛ مما قد يتسبب في رعب لدى الباحثين وإعراض عن البحث العلمي في مصر".
وأضاف: "هذه ملاحظة في الصميم، ولكن ما أخشاه أن تدفع أعضاء البرلمان إلى الإتيان بالنقيض، وهو التهاون، فنحن نحتاج إلى عقوبات متوازنة، مع التأكيد على أن بعض المخالفات يجب أن يتم تشديد العقوبات فيها".
ومن المخالفات التي يرى "عزالعرب" ضرورة تشديد العقاب فيها، هو إجراء تجربة إكلينيكية على قاصر أو شخص عديم الأهلية دون موافقة صريحة من ممثله القانوني، أو إجراء أبحاث من شأنها أن تضر بالحوامل والأطفال أو إعطاء مريض دواء تجريبي دون المرور بالخطوات اللازمة قبل الوصول لتلك الخطوة ودون الحصول على موافقة صريحة منه.
وأبدى دكتور مروان عمارة، أستاذ الكيمياء الحيوية وبيولوجيا الأورام بمدينة زويل، والقائم بأعمال رئيس مركز أمراض الشيخوخة بالمدينة، هو الآخر تأييده للملاحظات التي أشار إليها "عزالعرب"، لكنه توقف عند ملاحظة أخرى أبداها الرئيس وتعكس تفهمه لطبيعة البحث العلمي والإمكانيات المتاحة في مصر، وهي تلك التي تتعلق بمنع تحليل عينات المصريين في الخارج.
وقال الرئيس في تعليقه على تلك المادة: "القانون ينص على أن إرسال عينات بشرية للخارج يترتب عليه عقوبات سجن وغرامة حتى لا يتم العبث بالجينات المصرية، مع أن الجينات المصرية تمت دراستها بواسطة عدد من الجهات ومنها مؤسسة أمريكية، كما يوجد 10 ملايين مصري في الخارج يمكن بسهولة الحصول على عينات من جيناتهم".
واعتبر الرئيس أن "هذا النص يتناقض مع تحفيز الجامعات على البحث وإجراء البحوث المشتركة، كما أن إرسال العينات يتيح الفحص بأجهزة لا تكون متوفرة محليا".
ويقول دكتور عمارة في حديثه لـ"العين الإخبارية": "منذ زمن بعيد وجينات المصريين تفحص بالخارج، بل وأجدادهم، وحتى هذه اللحظة تسافر مومياوات مصرية للخارج، ونستقبل باحثين في الداخل لإجراء أبحاثهم عليها، ولم نسمع أن أحدا اعترض على هذه النوعية من الأبحاث".
وتوقف عمارة أيضا عند الملاحظة الخاصة التي أبداها الرئيس حول عدد الممثلين للجامعات المصرية والمعاهد في المجلس الأعلى للبحوث.
ورأى الرئيس أن عدد 4 فقط من أصل 15ممثلا للجامعات والمعاهد غير كافٍ، مع العلم بأن 97% من الأبحاث العلمية تجرى في الجامعات والمعاهد التابعة للتعليم العالي.
ويرى عمارة أن هذه الملاحظة عادلة جدا، وتمنى أن تكون الجهات البحثية الكبيرة ممثلة في هذا المجلس، قائلا: "أتمنى مثلا أن يكون هناك ممثل عن مدينة زويل، وممثل عن المركز القومي للبحوث، وهكذا".
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA= جزيرة ام اند امز