السجائر الإلكترونية.. حروب الأبحاث العلمية تشتعل حول الفوائد والمخاطر
مجموعة من الأبحاث العلمية المتضاربة حول فوائد وأضرار السجائر الإلكترونية.. ما أبرز الدراسات؟ وأين الحقيقة؟
تزايدت حدة الدراسات والأبحاث حول فوائد السجائر الإلكترونية ومخاطرها، حتى أصبحنا بصدد ما يشبه "الحرب العلمية" حول هذا الموضوع.
وفضلا عن الأبعاد الصحية، تبرز الأبعاد الاقتصادية في صورة حروب بين الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية، ومنتجي السجائر التقليدية، الذين لجأ بعضهم إلى دخول عالم إنتاج السجائر الإلكترونية لتعويض الخسائر المحتملة من تراجع الإقبال على السجائر العادية، فضلا عن مسايرة صرعة السجائر الإلكترونية التي تنتشر بمعدلات متسارعة في مختلف أنحاء العالم.
وبات من الطبيعي أن تخرج علينا بين الحين والآخر دراسات تؤكد فوائد السجائر الإلكترونية، وأخرى تحذر من أضرارها.
من ذلك مثلا، دراسة أمريكية نشرت في مطبوعة "أبحاث النيكوتين والتبغ"، أفادت بأن السجائر الإلكترونية قد تؤدي إلى تراجع بنسبة 21% في عدد الوفيات الناتجة عن الأمراض المرتبطة بالتدخين بين هؤلاء الذين ولدوا بعد عام 1997.
- تحذير للمراهقين.. تعاطي "الحشيش" يجلب لكم هذه المتاعب
- خطر التدخين على الشباب.. يزيد إصابتهم بأزمات قلبية 8 مرات
وخلصت الدراسة، التي مولها المعهد الوطني لمكافحة المخدرات والمعهد الوطني للسرطان وشبكة مراقبة السرطان ومكافحته في الولايات المتحدة، إلى أنه في ظل السيناريوهات الأكثر ترجيحًا فإن السجائر الإلكترونية وغيرها من المنتجات التي يتم استنشاقها لها تأثير إيجابي على الصحة العامة بوجه عام.
وسعت دراسات عديدة لتقييم تأثير السجائر الإلكترونية على الصحة العامة لكن نتائجها جاءت متضاربة. وفي وقت سابق هذا العام خلصت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا وشملت تلاميذ في المدارس الثانوية إلى أن من يدخنون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة بواقع المثلين لتدخين السجائر العادية.
وقال الباحثون إن الدراسة الأحدث تختلف عن سابقاتها؛ لأنها تلخص أنماط الاستخدام من البيانات الوطنية. واستخدمت دراسات سابقة بيانات محلية ربما ضمت أنماطًا غير معتادة ولا تمثل بالضرورة البلاد بأكملها.
وتفرق هذه الدراسة بين الشبان الذين يستنشقون بخار السجائر الإلكترونية والذين لم يتعاطوا أي منتج نيكوتين آخر كبديل، والشبان الذين يستنشقون بخار السجائر الإلكترونية والذين كانوا سيدخنون في أحوال أخرى. ووفقًا للدراسة فإنه عند أخذ أعداد هاتين الفئتين في الحسبان فإن المنافع تصبح أكبر من الضرر.
ويعتقد كثير من الخبراء أن هناك منافع صحية للمدخنين الذين يتحولون لتدخين السجائر الإلكترونية.
وقال ديفيد أبرامز، المدير التنفيذي لمعهد شرودر لأبحاث التبغ في مبادرة تروث: "رغم أن البيانات ليست بالوضوح الذي نوده فإننا نعرض الصورة كاملة بالبيانات الوطنية، لذا نعتقد أن تقديراتنا هي أفضل ما يكون".
وخلص باحثون في بريطانيا ونيوزيلندا إلى فائدة جديدة محتملة للسجائر الإلكترونية بين الراغبين في الإقلاع عن التدخين، ألا وهي التحكم في الشهية والحد من زيادة الوزن التي عادة ما تصاحب الكف عن التدخين.
وقال الباحثون في تقرير نشرته دورية "نيكوتين اند توباكو ريسيرش"، إن النيكوتين الموجود في السجائر هو ما يحد من رغبة المدخنين في الإفراط في تناول الطعام، واقترحوا استخدام السجائر الإلكترونية التي تحتوي على النيكوتين دون التبغ للمساعدة في منعهم من الإفراط في تناول الطعام أثناء محاولة الإقلاع عن التدخين.
ونمت مبيعات السجائر الإلكترونية التي تقوم على فكرة تسخين سائل يحتوي على النيكوتين ليتحول إلى بخار إلى نحو 7 مليارات دولار في عام 2015.
وتدخين التبغ قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض قاتلة ومن المعروف أنه يحد من الشهية وعادة ما يقول المدخنون إنهم يبقون على هذه الحالة حتى لا يصابوا بالسمنة. ومخاطر السمنة قد تثني المدخنين عن الإقلاع.
وقالت ليندا بولد، أستاذة سياسات الصحة في جامعة سترلينج ونائبة مدير المركز البريطاني لدراسات التبغ والكحول: "زيادة الوزن تمنع بعض المدخنين من الإقلاع، لذلك نحتاج لتفقد سبل بديلة لمساعدتهم على السيطرة على وزنهم أثناء التخلص من مخاطر التدخين".
ويعتقد كثيرون من خبراء الصحة أن السجائر الإلكترونية أقل خطراً من التدخين، لكن البعض يشكك في سلامة استخدامها على المدى الطويل، ويشير إلى أنها لا تخلو من المخاطر.
وقالت بولد: "مزايا السجائر الإلكترونية للمدخنين ثبت أنها أكبر بكثير من أضرارها؛ إذ إن مخاطرها تمثل 5% من مخاطر التدخين".
لكنها قالت إن البحث لم يثبت أي فائدة للسجائر الإلكترونية لغير المدخنين الذين يرغبون في الحفاظ على وزنهم.
وبالنسبة للمدخنين الراغبين في الإقلاع مع تجنب زيادة الوزن، قال الباحثون إن السجائر الإلكترونية بنكهات أنواع من الأطعمة تحاكي بعض مشاعر تناول الطعام، وإن ذلك فضلاً عن ممارسة عادة الإمساك بالسيجارة قد يساعد الراغبين في الإقلاع على تناول طعام أقل.
في بريطانيا، أفادت دراسات أن السجائر الإلكترونية ربما ساعدت نحو 18 ألف بريطاني على التوقف عن التدخين في عام 2015، وأنه لا توجد أدلة على أي أعراض جانبية خطيرة لاستخدامها لفترة تصل إلى عامين.
وحلل باحثون في جامعة "يونفرستي كوليدج لندن" آخر البيانات المتعلقة بالتدخين والإقلاع عنه في إنجلترا، ورغم أن فريق الباحثين لم يجد دليلًا مباشرًا على أن السجائر الإلكترونية شجعت مزيدًا من المدخنين على اتخاذ قرار محاولة التوقف، لكنهم توصلوا إلى أنه مع زيادة استخدام السجائر الإلكترونية زاد عدد المدخنين الذين نجحوا في الإقلاع عن هذه العادة.
وأفاد تحليل علمي آخر قام به باحثون في "كوكرن ريفيو" أن حجم الأدلة المتوفرة بشكل عام بشأن السجائر الإلكترونية تشير إلى قدرتها على مساعدة الناس على التوقف عن التدخين دون التعرض لآثار جانبية خطيرة.
وتمنح السجائر الإلكترونية للمدخن شعورًا شبيهًا بتدخين السجائر؛ لأنه يمسكها بيده وتنتج بخارًا شبيهًا بالدخان، وذلك عكس العلكة واللصقات التي تستخدم للمساعدة في التوقف عن التدخين.
وخلصت دراسة أمريكية إلى أن الشبان يجربون السجائر الإلكترونية بدافع حب الاستطلاع ونكهاتها الجذابة المتنوعة التي تتراوح من حلوى غزل البنات إلى البيتزا، إلا أن استمرارهم في تدخينها يرجع إلى انخفاض سعرها.
وذكرت الدراسة، التي نشرتها دورية "بيدياتريكس" (طب الأطفال) الطبية، أن بعض الأسباب التي تدفع المراهقين إلى تجربة السجائر الإلكترونية تساعد في التكهن باستمرارية تدخينها.
وقالت الدراسة التي قادها أساتذة كلية الطب بجامعة ييل، إن الدافع الأكثر ترجيحًا هو التكلفة فهي أرخص بكثير من السجائر العادية إلى جانب إمكانية تدخين السجائر الإلكترونية في الأماكن التي تمنع التدخين.
وتشير تقديرات العديد من شركات تصنيع السجائر الإلكترونية إلى أن سعرها قد يختلف كثيرًا وفقًا للنوع والضرائب التي تفرضها الولاية على السجائر لكن الفارق قد يصل إلى آلاف الدولارات سنويًّا بالنسبة للمدخن العادي.
واستندت الدراسة، ومقرها ولاية كونيتيكت، إلى عمليات مسح لمدرستين للمرحلة الإعدادية ومدرسة ثانوية في خريف عام 2013 وربيع 2014، وكان نحو 340 من بين 2100 طالب شملتهم الدراسة يدخنون السجائر الإلكترونية.
وقال أكثر من نصف المشاركين في الدراسة، إنهم جربوا السجائر الإلكترونية بدافع حب الاستطلاع، فيما أشار 41.8% منهم إلى "النكهات الجيدة"، وأرجع قرابة الثلث ذلك إلى تشجيع الأصدقاء.
لكن الأمور لا تبدو على ما يرام بشكل تام في عالم السجائر الإلكترونية، فالدراسات التي حذرت من مخاطرها لم تكن قليلة.
وكشف دراسة أمريكية جديدة عن أن المراهقين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية يكونون أكثر عرضة لتدخين التبغ لاحقا.
وجاءت النتائج استناداً إلى دراسات شملت 3 آلاف مراهق يبلغون من العمر 15 عاما في الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية أن هذه النتائج وضعت حداً للجدل الشديد الدائر بشأن ما إذا كانت السجائر الإلكترونية يمكن أن تمهد "الطريق" للتدخين؛ إذ يحرص العديد من خبراء الصحة على الترويج للسجائر الإلكترونية باعتبارها وسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين.
إلا أن آخرين يؤكدون أن هذه السجائر يتم الترويج لها غالبا أيضاً وكأنها حلي مكملة لنمط الحياة، فيما يرى البعض أنها يمكن حتى أن تروج للتدخين نفسه بين الشباب.
وأشار البحث الجديد الذي أجرته مدرسة الطب بجامعة كيك في كاليفورنيا الجنوبية إلى أنه كلما ازداد تدخين المراهقين للسجائر إلكترونية؛ زاد احتمال تدخينهم للسجائر بعد ذلك ببضعة أشهر.
وقالت دراسة حديثة إن الأطفال الذين لا يدخنون، لكن يعيشون وسط بالغين يدخنون السجائر الإلكترونية، ربما يبدؤون في الاعتقاد بأن التدخين شيء جيد.
وقال الفريق واضع الدراسة التي نشرت في دورية صحة البالغين إن تدخين التبغ وسط الشباب الأمريكي تراجع منذ عام 1998 لكن بعض الخبراء أعربوا عن قلقهم من أن قبول السجائر الإلكترونية قد يروج لقبول السجائر التقليدية ويغير الاتجاه.
وقال كلفين تشوي، قائد فريق الدراسة، إن "مجتمع الصحة العامة عمل بجد لتعليم الشعب عن أضرار التدخين وقد لاحظنا تحولا في قبول تدخين السجائر، والذي أدى في جزء منه إلى انخفاض انتشار التدخين."
وقال تشوي، الباحث في المعهد الوطني لصحة الأقلية والفوارق الصحية في بيثيسدا بماريلاند: "قد تغير السجائر الإلكترونية ما تم إنجازه، لكن هناك نقصا في البيانات التي تدعم أو تدحض هذه الأزمة. وهذا هو السبب وراء إجراء الدراسة للحصول على إجابة يمكن أن تزود النقاش بمعلومات."
وتابع تشوي "توضح النتائج التي توصلنا إليها أن استخدام الشباب للسجائر الإلكترونية، والذين لم يدخنوا سجائر قط، مرتبط بنظرة البالغين إلى أن التدخين مقبول والذي بدوره مرتبط بالانفتاح على تجربه تدخين السجائر."
وقال إن نتائج الدراسة تساعد في شرح كيف يؤدي استخدام السجائر الإلكترونية إلى تدخين السجائر فيما بعد.
وحلل تشوي وزملاؤه بيانات من مسح فلوريدا للتبغ بين الشباب في 2014 والذي شارك فيه 70 ألف شخص من طلاب المدارس المتوسطة والعليا في 765 مدرسة بفلوريدا.
وقال تشوي إن الدراسة محدودة لأنها شملت ولاية واحدة فقط ونقطة زمنية واحدة.
ورصد موقع "هيلثي باندا" أبرز الأضرار التي تسببها السجائر الإلكترونية، ونعرضها من خلال الإنفوجراف التالي:
كما حذرت دراسة بريطانية، نشرتها المجلة العلمية "توباكو كنترول" (مكافحة التبغ)، من أن النكهات التي توضع في السجائر الإلكترونية تمثل خطورة حقيقية على الصحة.
وأوضحت الدراسة، التي نقلتها صحيفة "ذا صن" البريطانية، أن التدخين الإلكتروني قد يكون أكثر صحة من تدخين السجائر العادية، إلا أنها لا تخلو من المخاطر الصحية، فكل سيجارة إلكترونية تحتوي على مواد كيميائية تسبب السرطان.
وأكدت الدراسة أن معدل الخطر يتزايد بناء على عوامل مختلفة، بما في ذلك عمر الجهاز وقوته، لكن العامل الأكثر إثارة للدهشة هو النكهات التي تختارها، لافتة إلى أن أكثر النكهات سُمِّيةً هي "نكهة الفراولة"، وذلك بعد فحص الباحثين 5 نكهات مختلفة هي البينا كولادا (الأناناس بجوز الهند)، النعناع، البن، التبغ العادي، والفراولة.
وأظهرت الاختبارات أن المواد الكيميائية المستخدمة في هذه النكهات أنتجت مستوى أعلى من السموم في الخلايا، وكانت الفراولة الأكثر سمية من كل منها.
وأضافت الدراسة أن زيادة قوة البطارية في السجائر الإلكترونية يشكل خطورة جديدة أيضا، وذلك لأن زيادة كمية الجهد والطاقة في الجهاز يزيد من كمية السائل الذي تستخدمه، وكلما ازدادت الحرارة تزداد بشكل كبير المواد المسببة للسرطان ومشاكل صعوبة التنفس.
واكتشف الخبراء أن الانبعاثات الضارة تزداد 10 مرات مع كل نفخة متتالية، ويأتي ذلك نتيجة تراكم البقايا إضافة إلى تحلل المواد الكيميائية مع كل مرة تدخن فيها السيجارة.
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA=
جزيرة ام اند امز