تضع دولة الإمارات مستقبل وتطلعات المنطقة كأولوية رئيسية في سياستها الخارجية، لتنعم الشعوب بالتقدم والأمن والرخاء.
من هذا المنطلق اختتمت "قمة أبوظبي التشاورية"، بحضور عدد من قادة مجلس التعاون وقادة مصر والأردن، تحت عنوان "الازدهار والاستقرار في المنطقة" في ضوء تحديات جسيمة يمر بها العالم.
وتزامنت "قمة أبوظبي" مع اللقاء الثلاثي الذي استضافته القاهرة بحضور قادة مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، وتزامنت كذلك مع فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس 2023"، والتي شهدت تصريحات غربية تصعيدية بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، ما يعكس مواصلة الدعم الغربي لأوكرانيا بالأسلحة، واستمرار تداعيات الأزمة على الاقتصادات العالمية، لا سيما نسبة التضخم وأمن الطاقة والغذاء.
ويعتبر اللقاء التشاوري التنسيقي بين القادة العرب في أبوظبي مكملا للقاءات العربية السابقة في عدد من العواصم والمدن العربية، وما سبق من مساعٍ وتبادل للآراء في ظل ما تمر به المنطقة العربية من تحديات وتطورات متسارعة، تستدعي اللقاءات المستمرة خارج إطار المنظمات الإقليمية، حيث إنها تتيح الفرصة للحوار المفتوح وتبادل الأفكار بشفافية، ما يسهم إيجابا في التعامل مع التطورات المتغيرة.
وأكدت مخرجات "قمة أبوظبي" مبادئ رئيسية للتعامل مع التحديات الراهنة، تتلخص في أهمية استمرار تنسيق المواقف، وتعزيز العمل العربي المشترك، والتزام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي، وجميعها قواعد مهمة تسعى لبناء تكامل سياسي اقتصادي عربي فاعل، يستطيع عبر تنسيق الرؤى وتوحيد المواقف مواجهة التحديات في عالم متغير ومتسارع الأحداث.
على الصعيد الاقتصادي، تواجه بعض بلدان المنطقة العربية بعض الصعوبات بسبب تأثيرات جائحة كورونا، والأوضاع العالمية إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
لهذا تأتي أهمية التكاتف العربي للتعامل مع الأزمات الاقتصادية قبل تفاقمها، لقطع الطريق على الأجندات المشبوهة والباحثة عن تبريرات مناسبة، تقوّض بها أمن واستقرار المنطقة عبر أدواتها من التنظيمات الإرهابية.
في هذا السياق، يأتي دور دول الخليج العربي، التي طالما لعبت دورا كبيرا في تقديم الدعم المالي والاقتصادي عبر الإطار الثنائي، لكن الوضع الراهن يتطلب حُزما استثمارية عاجلة لتحفيز الاقتصادات العربية مع استمرار مشاريع التنمية والاستدامة.
أما الملفات الأمنية الإقليمية، فالمنطقة تشهد تحديات متغيرة مرتبطة بالتحولات العالمية، فمن جانب الركود في المفاوضات النووية الإيرانية مع الغرب، وهذا ما يؤكده إقرار الاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات إضافية على إيران، واحتمالية تصنيف الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية"، ويبدو أن التغيرات في هذا الشأن أثرت على مسار المباحثات بشأن تمديد الهدنة في اليمن، فالتهدئة هي التوجه الذي تميل إليه الأطراف كافة.
من جانب آخر، القضية الفلسطينية، لا سيما الأحداث الأخيرة بعد اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي، "إيتمار بن غفير"، باحات المسجد الأقصى، وما تلاها من احتجاجات شعبية واستنكار دولي، بالإضافة إلى ملفات ليبيا والسودان، وأهمية تنسيق المساعي العربية لحصول التوافق بين أطراف الخلاف بشأن نظام الحكم والانتخابات المستقبلية في البلدين، وهناك أيضا الملف السوري، وتأكيد بذل الجهود للوصول إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية وإعادة سوريا إلى محيطها ونسيجها العربي.
جميع ما ذكرت من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية تتطلب من القادة العرب التنسيق المستمر لمواجهتها، وهنا يأتي الدور الإماراتي الذي نجح بفاعلية في تحقيق اختراقات نوعية لحلحلة العديد من الملفات والتوترات في المنطقة والعالم، بما يحقق مصالح دولة الإمارات، التي أعلنت 2023 "عاما للاستدامة"، بما يواكب استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28"، في خطوات مهمة ضمن الاستراتيجية الإماراتية الشاملة للأمن والاستقرار الإقليمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة