نازحو بيجي.. ضحايا الأطماع الإيرانية بالعراق
مليشيا الحرس الثوري منعت الأهالي من العودة إلى بيوتهم بالمدينة
مليشيا الحرس الثوري الإيراني والمليشيات المسلحة التابعة لها نقلت عائلاتها بعد تحرير المدينة من داعش.
رغم مرور أكثر من 3 أعوام على تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن مدينة بيجي التابعة لمحافظة صلاح الدين العراقية ما زالت خالية من غالبية سكانها الذين يعيشون كنازحين في مدن إقليم كردستان، حيث تمنع مليشيا الحرس الثوري الإيراني والمليشيات المسلحة التابعة لها الأهالي بشكل علني من العودة إليها.
وتتمتع بيجي بمكانة استراتيجية واقتصادية مهمة، فهي نقطة وصل بين محافظات كركوك والموصل وصلاح الدين والأنبار، وتحتضن أكبر مجمع لتصفية وصناعة النفط في العراق، إلا أن 60% منها تعرض للدمار جراء المعارك التي شهدتها بين القوات الأمنية العراقية ومن ضمنها المليشيات التابعة لإيران ومسلحو تنظيم داعش ما بين عامي 2014- 2015.
سعد القيسي، أحد نازحي قضاء بيجي، يسكن منذ نحو 4 أعوام في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، أكد أن المليشيات التابعة لإيران والدمار وانعدام الخدمات الرئيسية هي العوائق التي تمنع السكان من العودة إلى مدينتهم.
وأوضح القيسي في حديثه لـ "العين الإخبارية"، أن "غالبية بيوتنا إما مفجرة أو محروقة، والمليشيات التابعة لإيران تمنعنا من العودة، وقد منعت مليشيا حسن المجتبى مجموعة من العائلات من العودة إلى المدينة خلال الأيام الماضية، وأبلغتهم بأن السكان لن يستطيعوا العودة إلى مدينتهم مرة أخرى".
ومنذ اللحظة الأولى لبدء معارك القوات العراقية لتحرير محافظة صلاح الدين من داعش، سعت المليشيا الإرهابية إلى السيطرة على بيجي التي تمثل خطاً برياً آخر لإيران يربطها عبر الأراضي العراقية مع الحدود السورية، لنقل السلاح والمسلحين للقتال مع النظام السوري ومليشيا حزب الله اللبنانية، إضافة إلى أهمية المدينة من الناحية الاقتصادية لإيران، لذلك أشرف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وعدد آخر من قيادات الحرس بشكل مباشر على عمليات تحريرها.
من جهته، أوضح الناشط المدني ناصر الجبوري، وهو نازح آخر من بيجي، أن مليشيات العصائب وحزب الله وبدر وكتائب الإمام علي وحسن المجتبى هي التي تمنع النازحين من العودة بأوامر مباشرة من مليشيا الحرس الثوري.
وتابع : "نقلت المليشيات بعد تحرير المدينة العديد من عائلات مسلحيها إلى المجمعات السكنية في بيجي، وهذه المجمعات محمية حالياً من جانب مسلحي المليشيات، ويبلغ عدد البيوت في هذه المجمعات أكثر من 1500 بيت وشقة سكنية، تقع قرب مصفى بيجي"، كاشفاً عن وجود خطط لنقل العشرات من عوائل المليشيات إلى داخل بيجي وحرمان أهلها بشكل نهائي من العودة إليها.
وطالب الجبوري الحكومة العراقية وقوات الجيش العراقي بأن تؤدي واجباتها في إعادة النازحين إلى مناطقهم وفرض القانون فيها، وإطلاق سراح أكثر من 25 شاباً اعتقلتهم المليشيات بصورة عشوائية بعد عودتهم لمناطقهم.
نازح آخر من بيجي يدعي عابد الصالحي، أوضح كيف طردت مليشيا بدر التابعة لإيران عدداً من العائلات العائدة خلال الشهرين الماضيين إلى ناحية الصينية، وقال "عادت هذه العائلات بعد تلقيها وعوداً من مليشيا بدر بحمايتها وتوفير جميع الخدمات لها مقابل التصويت لأحد مرشحي قائمة الفتح (القائمة التي تتألف من المليشيات الإيرانية ويتزعمها هادي العامري قائد الحشد الشعبي)، لكن المرشح لم يفز في الانتخابات فأبلغتهم المليشيات بترك المنطقة خلال 72 ساعة، وإلا سيواجهون مصيراً مجهولاً". مبيناً أن هذه العائلات نزحت مجدداً إلى إقليم كردستان فيما توجه قسم آخر منها إلى مدينة تكريت.
وقال الصالحي إن: "ما يجري على الأرض في بيجي يعكس أنه لا وجود لسلطة الدولة العراقية وأن إيران هي التي تحكم بغداد".
وبحسب إحصائيات الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين، عادت خلال الأشهر الماضية قبل الانتخابات نحو 8 آلاف عائلة إلى مدينة بيجي من أصل 36 ألف عائلة العدد الكلي لسكان المدينة.
من جهتها، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الحكومة العراقية إلى العمل مع المنظمة الدولية وحكومة إقليم كردستان لحل مشاكل نحو مليوني نازح عراقي ما زالوا يعيشون في الإقليم، وبذل الجهود واتخاذ الخطوات اللازمة لإعادتهم إلى مناطقهم خلال العام الحالي ٢٠١٨ والعام المقبل ٢٠١٩، مشددة على ضرورة إعادة تأهيل المناطق التي تضررت جراء الحرب، وإعادة الخدمات الرئيسية لها كي يتمكن النازحون من العودة إليها.
وسلط عضو مجلس المحافظة سبهان ملا جياد، الضوء على أسباب منع سكان بيجي من العودة إليها، وقال لـ"العين الإخبارية" إن قرار إعادة السكان إلى بيجي يعود لقيادة عمليات صلاح الدين للقوات المسلحة العراقية، وقيادة مليشيا الحشد الشعبي الإيرانية.
وأضاف أنه تم فتح باب العودة خلال الأشهر الماضية لمدة محددة، لكنهم عادوا وأغلقوها، وعزوا قرار منع العودة إلى بيجي والصينية إلى أسباب أمنية متعلقة بالحرب ضد داعش، مبيناً أن "الحكومة المحلية غير مقتنعة بهذا التبرير لأنه لم تعد هناك أي مشاكل أمنية كبيرة بحيث تمنع سكان بيجي وأطرافها من العودة".