أول كفيفة مصرية تلعب القوس والسهم: أحلم بتمثيل العرب في بارالمبياد باريس (حوار)
بإرادة حديدية تغلبت الشابة منة الله عصام الدين على انطفاء الضوء من عينيها، وأصبحت أول مصرية وعربية وأفريقية كفيفة تلعب القوس والسهم.
ترفض منة الله وصف الإعاقة، وترفع في حياتها شعار "مستحيل يكون في مستحيل"، وتحلم بالمشاركة في بطولة إنجلترا لرياضة القوس والسهم للمكفوفين في أغسطس/آب المقبل.
وكشفت "منة الله"، في حوارها مع "العين الإخبارية"، عن تفوقها في التصوير الفوتوغرافي، معربة عن رغبتها في تمثيل مصر والعرب وقارة أفريقيا في بارالمبياد باريس 2024.. وإلى نص الحوار..
من هي منة الله عصام؟
اسمي منة الله عصام الدين، 29 سنة، حاصلة على ليسانس آداب قسم إعلام جامعة عين شمس، كنت مبصرة وأرى بشكل طبيعي حتى تخرجت في الجامعة، وبدأ نظري يضعف تدريجيا، حتى أصبحت كفيفة، الحمد لله.
لا أحب عبارة "إعاقة بصرية"، وأتقبل وصف "كفيفة"، لأني أرى أن كل إنسان لديه شيء مختلف لا يشترط وصفه بالإعاقة، وبعدما أصبحت كفيفة حصلت على دورات تدريبية للبرامج الناطقة في الحاسب الآلي والتطبيقات الذكية، والتحقت بكورس تصوير فوتوغرافي.
هل كنتِ تحبين التصوير الفوتوغرافي؟
عندما كنت مبصرة لم أكن أهوي التصوير، ومعظم صوري كانت مهزوزة، ولكن بعد فقدان البصر اقترح عليّ البعض الالتحاق بكورس لتعليم التصوير للمكفوفين ضمن مبادرة "قد التحدي"، فقررت خوض التجربة، والحمد لله تعلمت التصوير وأحببته بشدة، والآن كلما وجدت كاميرا أمامي أميل تلقائيًا إلى التقاط الصور بها، والحمد لله صوري كلها جيدة وتحظى بإعجاب الجميع وكل من صورتهم يؤكدون ذلك.
وفي أثناء كورس التصوير الفوتوغرافي، اتفق معنا المدرب على إعداد وتصوير عمل عن المكفوفين، وأنتجنا فيلما قصيرا بعنوان "أمل"، ولعبت فيه دور البطولة، وهذا الفيلم شارك في مهرجانات كثيرة، مثل مهرجان يوسف شاهين في مصر، وسافر للمشاركة في عدة مهرجانات في إيران وإنجلترا وفرنسا والمغرب وإيطاليا، وحصل على المركز الثالث في مهرجان إيطالي.
ومن بين الصور التي التقطتها صور لأول حوار مع سفير سلطنة عمان في القاهرة، وتوليت أنا تصوير السفير في أثناء حوار صحفي مع المكفوفين، كما صوّرت وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر نيفين القباج خلال احتفالية لتسليم شهادات كورس تعليم طريقة برايل، كما أنني تعلمت طريقة برايل بعدما أصبحت كفيفة، وشاركت في تصوير أحداث كبرى، وصورت شخصيات بارزة منها عصام يوسف مقدم برنامج "العباقرة".
متى فكرت في احتراف لعبة القوس والسهم؟
قبل نحو عامين، ذهبت إلى النادي رفقة إخوتي لتعلم الفروسية لأني أحب الحيوانات كثيرًا، خاصة الخيول، وأنا مؤمنة بمقولة الفاروق عمر بن الخطاب "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"، وأثناء وجودي في النادي وجدت لعبة القوس والسهم فسألت المدرب "أنا كفيفة فهل يمكنني لعب القوس والسهم؟"، فأجاب: "نعم، وبعد شهر ستجدين نفسك قادرة على اللعب".
كيف استطعت احتراف اللعبة؟
تعلمت كل أساسيات اللعبة بعد شهر واحد كما أخبرني المدرب، وأصبحت أصيب الهدف المطلوب، وتدرجت في المسافات، فبدأت بمسافة 5 أمتار، والحمد لله وصلت الآن إلى 18 مترا، وقريبًا سأدخل مسافة 25 مترًا، وسأستمر في التدريب للوصول لأقصى مسافة بإذن الله.
ما البطولات والأرقام التي حققتها في اللعبة؟
فزت بـ3 بطولات ودية، وحققت سهمين فضيين وآخرين ذهبيين، ولديّ 2 كأس مصر وبطولة جمهورية، وسأشارك في بطولة الجمهورية القادمة بإذن الله، وفي جميع البطولات التي أشارك فيها أحقق المركز الأول والميدالية الذهبية لأنني الكفيفة المصرية والعربية والأفريقية الوحيدة في رياضة القوس والسهم.
ما طموحك في الفترة المقبلة؟
طموحي لا يتوقف عند المشاركة في البطولات المحلية والودية، ولكني أطمح إلى المشاركة في البطولات الدولية وتحقيق المركز الأول والذهب لمصر والعرب، وكما كنا نشجع المغرب والسعودية في كأس العالم أتمنى أن أمثّل العرب وقارة أفريقيا في لعبة القوس والسهم.
أتمنى أيضًا أن أشارك في بطولة إنجلترا لرياضة القوس والسهم للمكفوفين في أغسطس/آب المقبل، وآخر موعد للتقديم في 10 فبراير/شباط، وأتمنى المشاركة في هذه البطولة تحديدًا لكي تؤهلني للمشاركة في بارالمبياد باريس 2024، ومن خلال متابعتي للرياضيين علمت أن أي رياضي لكي يصل للمشاركة الأولمبية أو البارالمبية يتعين عليه المشاركة في بطولات دولية، لذا أتمنى المشاركة في بطولة إنجلترا المقبلة.
أتمنى أيضًا تعلم رياضة الفروسية، ففي بداية تعلمي رياضة القوس والسهم تعلمت بعض أساسيات الفروسية، لكني توقفت من أجل احتراف القوس والسهم، وأنوي استئناف تعلم هذه الرياضة الفترة المقبلة بإذن الله.
في الختام.. ما نصيحتكِ للمكفوفين وأصحاب الهمم؟
نصيحتي للمكفوفين وأي شخص يريد الوصول إلى غاية معينة أن يجرب مرة واثنتين وعشرة، وألا ييأس، لأن الإنسان عندما يتعامل بقلبه تدنو منه كل الأشياء ويكون العطاء بلا حدود، هذا عن تجربة، سواء مع جماد أو حيوان أو نبات أو إنسان، فالأشياء تمنحك كل ما لديها، ويجب أن نذكر عقولنا دائما أننا نعيش الحياة لكي نعمل كل ما هو جميل، ولكي نعطي دفعة للآخرين، فإذا كان هناك شخص محبط ولو بقدر بسيط فعندما يرى غيره وهو يحقق شيئا ما سيقول "يمكنني أيضا أن أفعل"، وأنا أرفع شعار "مستحيل يكون فيه مستحيل".