المرتزقة.. الحرب القذرة على الاستقرار في ليبيا
منذ انتفاضة 2011 إلى عملية "طوفان الكرامة"، تثبت العديد من الشواهد والتقارير الدولية كثرة وجود المرتزقة الأجانب وتدخلهم في أزمة ليبيا.
تبادلت الأطراف الليبية فيما بينها الاتهامات بجلب المرتزقة لمساندتها في الاقتتال الداخلي منذ انتفاضة الـ17 من فبراير/شباط عام 2011، وكان أول من اتهم بذلك العقيد معمر القذافي، ولكن الغريب أن من يطلقون على أنفسهم لقب الثوار هم من يستندون الآن إلى المرتزقة الأجانب في الحرب على الاستقرار والاستثمار في الفوضى المتزايدة في ليبيا.
لم يكن تقرير المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة 16 يوليو/حزيران 2018 المقدم إلى مجلس الأمن إلا اعترافاً بما أشارت إليه القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، منذ انطلاق عملية الكرامة عام 2014، باستخدام المتطرفين مرتزقة أجانب في تقويض الأمن والاستقرار في ليبيا.
وأكد سلامة في تقريره أن هناك عناصر "مرتزقة أجانب" يحاولون السيطرة على موانئ نفطية، مشيراً إلى حكومة الوفاق؛ إذ نوه بـ(إعادة سيطرة الجيش الليبي) على منطقة الهلال النفطي.
لم يكن هذا تقدير البعثة الأممية فحسب فقد سبقته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عام 2017، مشيرة إلى استخدام مرتزقة أجانب للقتال في صفوف القوة الثالثة بسبها وقوات سرايا الدفاع عن بنغازي المرتبط بتنظيم القاعدة بالجفرة"، وقد طالبت اللجنة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بالإفصاح عن موقفها الواضح من تقريرها، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
طوفان الكرامة.. ومرتزقة مصراتة
أطلق الجيش الوطني الليبي الرابع من أبريل/نيسان الماضي، عملية طوفان الكرامة لتطهير العاصمة الليبية طرابلس من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، ومنذ انطلاق العملية ولا يزال الجيش الليبي يعثر على دلائل استخدام مليشيات الوفاق مرتزقة أجانب في محاولة صد تقدم قوات الجيش من فنيين وطيارين ومقاتلين.
وصباح اليوم الثلاثاء، أسقطت دفاعات الجيش الوطني الليبي طائرة من طراز "F1" كانت تغير على وحدات تابعة لـ"الجيش الوطني الليبي" بمحور الهيرة في طرابلس، وألقت القبض على الطيار، ليتبين للقوات أنه مرتزق أجنبي يحمل جنسية برتغالية.
ليست هذه الحالة الوحيدة فقد سبق أن عرض المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري صوراً لطيارين وفنيين مرتزقة وأجانب يعملون في الكلية الجوية بمصراتة، في مهام ذات طابع عسكري، وهو ما أكده موقع "فليكر" الشهير.
وأكد المسماري أن جهاز المخابرات تمكن من معرفة جنسيات المرتزقة الأجانب بالكلية الجوية في مصراتة، وتبين أنهم 9 أشخاص يمثلون (فنيي طائرات وصواريخ، وطيارين).
وتأكدت هذه المعلومات بعدما عثر الجيش الليبي على حطام طائرة للمليشيات تم إسقاطها 25 من أبريل/نيسان الماضي، على متعلقات أحد المرتزقة الأجانب، خاصة شارة الاسم، وكتب عليها اسم بوريس رايس.
صفقات مع المتمردين
استخدمت مليشيات الوفاق المرتزقة من المعارضة التشادية وحركة العدل والمساواة السودانية (متمردي دارفور) لتنفيذ عدة ضربات ضد الجيش الوطن الليبي، منذ إطلاق عملية الكرامة 2014.
وتشير المصادر إلى أن الصفقة التي أبرمت مع كل من الحركتين المتمردتين تتضمن توفير مراكز إيواء وتدريب للمتمردين، لاتخاذها قاعدة للهجوم على دولهم، والمشاركة في كعكة النفط الليبي، في الهجمات المتتالية على المؤسسات النفطية بزعامة الإرهابي إبراهيم الجضران.
وأكدت هذه المعلومات التصريحات المتواترة في وقت سابق لكل من قيادة الجيش التشادي والسوداني، والمسؤولين رفيعي المستوى من البلدين، على رأسهم رئيسا البلدين التشادي إدريس ديبي والسوداني المعزول حالياً عمر البشير.
واعترفت حركة اتحاد قوى المقاومة التشادية المصنفة إرهابية بتمركزها في ليبيا، قبل أن تجبر على مغادرة الجنوب الليبي، بعد إطلاق الجيش الليبي عملية لتطهير الجنوب 2018.
كما ذكرت عدة تقارير في مجلس الأمن أن جماعات مسلحة من إقليم دارفور في السوادن تنشط في أعمال مرتزقة في ليبيا، خاصة مما يعرف بـ"سرايا الدفاع عن بنغازي" التي يقاتل فلولها الآن في طرابلس، إلى جانب المليشيات.
مرتزقة تركيا وقطر
تورط كل من دولتي تركيا وقطر في دعم الإرهاب بليبيا أصبح من المسلمات عند كثير من المتخصصين في الملف الليبي، وزاد ذلك وضوحاً، إلقاء الجيش الليبي القبض على عناصر تركية تُقاتل إلى جانب المليشيات، إضافة إلى ما أشار إليه المسماري، في أحد مؤتمراته الصحفية، إلى نقل تركيا المئات من الإرهابيين من إدلب السورية للانضمام إلى مليشيات مصراتة، خاصة إلى كتيبة "الفاروق" المرتبطة بتنظيم القاعدة.
كما سبق وكرم أمير قطر عدداً من الجنود الذين شاركوا في الحرب في ليبيا، إضافة إلى دعم قطر لعدد من التنظيمات والمؤسسات الإرهابية في ليبيا، ما تسبب في المقاطعة العربية لها، وتصنيف عدد كبير من المؤسسات والأفراد المرتبطين بها على قوائم الإرهاب.
ولكن الأسوأ من المرتزقة هو استغلال المهاجرين غير الشرعيين في الحرب ضد الجيش الليبي، فوفقاً لتقارير صحفية بريطانية، فإن مليشيات تابعة لحكومة الوفاق أجبرت مهاجرين أخرجوا من مركز إيواء "تاجوراء" للمشاركة في صد هجمات الجيش الليبي.