الملفُّ الرئيسي الذي تكرّس له حكومة رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" جهدها هو استعادة هيبة الدولة.
ودور مؤسساتها بما يخدم العراقيين على مختلف توجهاتهم الدينية والقومية والحزبية، فهذا ما تركّزت عليه تصريحات الكاظمي منذ اليوم الأوّل لتولِّيه المنصب في 7 مايو 2020، ولكنّ هذا الملف على الرغم من عنوانه البسيط إلّا أنه ملفٌّ شائكٌ مرتبطٌ بعدّة ملفّاتٍ أخرى، أبرزها:
أولاً: ملف الفساد: فمنذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وهو يغرق في الفساد الماليّ والسياسي، حتى بات الاقتصاد العراقي الذي يمتلك ثرواتٍ نفطيةٍ كفيلة بجعله من الاقتصادات العالمية -فيما لو وُضعت لمصلحة العراق والعراقيين- عاجزاً عن دفع رواتب موظّفيه؛ جرّاء نهبه وسرقته من الطبقة السياسيّة الفاسدة، التي تتغلغل في مفاصل الدولة من أدنى تسميةٍ وظيفيّةٍ حتى النواب والوزراء.
ثانياً: تعارُضُه مع المطامع الخارجيّة: وعلى رأسها إيران التي دأبت منذ سنواتٍ طويلةٍ على ابتلاع العراق ومصادرة قراره السياسي الخارجي والداخلي، مُرتكزةً على تياراتٍ سياسيةٍ طائفيةٍ تَدين بالولاء لطهران على حساب العراق والعراقيين الذين باتوا متعطّشين للهويّة الوطنيّة العراقيّة.
ثالثاً: قضية السلاح المنفلت: فمن أخطر تلك العقبات التي تصطدم معها رؤية الكاظمي لعراق المؤسسات والهيبة، عقبةُ السلاح المتركّز على شكل مليشياتٍ طائفيةٍ مرتبطةٍ بأجنداتٍ خارجية، وعلى رأسها إيران التي تشكّل مركز ولائها باتباعها المرشدَ في طهران، مُصادِرةٍ للمؤسسة العسكريةِ العراقيّةِ التي هي عنوان هيبة الدولة.
وعلى الرغم من أنّ ملفّات الفساد والولاء الخارجيّ باتت في مواجهةٍ مع مطرقة السياسيّين الوطنيّين العراقيّين وسندانِ الشعبِ المنتفضِ، ولا سيّما في مركزِ ثقلِ تلكَ الطغمةِ الفاسدة في الجنوب العراقي الشيعي؛ حيثُ انتفضَ الشّعب لكرامته وسماحة دينه ولوطنه المنهوب؛ إلا أنّه من المجازفة الخطيرة بمكانٍ مواجهة الحكومة للمليشيات في الوقت الحالي، وهي التي ما زالت تتمتع بقوّةٍ ودعم وافرٍ من السلاح والتدريب؛ بما يضع أيّة مواجهةٍ معها في خانة الحرب الضّروس التي لا تُبقي ولا تَذَر، فلا بدّ من التريّث والتعامل بحذرٍ مع هذا الملفّ حتى تُقلّم أظفار أعداء الدولة وعزلها سياسيا وعسكريا، فتخبو جذوتها شيئاً فشيئاً، خوفاً من تكرّر سيناريوهات الإرهاب كما حدث مؤخراً في استغلال التنظيمات الإرهابية لمثل تلك الاحتقانات وتفجير "الشرقاط"، وما له من دلالات وإيحاءات لمثل تلك المآلات، فيبقى المعوّل الرئيس لتحقُّق ذلك هو صياغة مؤسسةٍ عسكريّة تتمثّل بجيشٍ عراقيٍّ قويٍّ ذي مرجعيّةٍ عراقيّةٍ وقيادةٍ وطنيّةٍ موحدةٍ، فلا سبيل لاستعادة العراق وهيبته دون جيشٍ عراقيٍّ مبنيٍّ على عقيدةٍ وطنيّةٍ تؤمنُ بأنّ العراق بكل مكوّناته السياسية والاجتماعيةِ والدينيّةِ كيانٌ واحدٌ مَصون يدورُ في فلكِ العراقِ الموحدِ المستقلِّ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة