لبنان بانتظار الحبل السري للحكومة الجديدة.. فهل ينقذها البيان؟
انتهت الولادة القيصرية التي طال انتظارها للحكومة اللبنانية، لكن الحبل السري بقي معلقا في بيان وزاري يشكل تذكرة عبور لهذه الحكومة.
فالحكومة التي أُعلن عن تشكيلها الجمعة الماضي، برئاسة نجيب ميقاتي، عقدت اليوم، جلستها الأولى، التي غلب عليها طابع التحديات والاستثنائيات.
تحديات جمّة تنتظر الحكومة الوليدة وسط أزمات اقتصادية واجتماعية، دفعتها للانغماس فورا في إعداد بيان وزاري سيحدد مصيرها أمام البرلمان الذي سيمنحها الثقة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحكومة الحالية ستتمكن من الحصول على الثقة، في جلسة للبرلمان، قد تكون نهاية الشهر الجاري.
وعلى وقع أوتار قوى الأمن الداخلي وحرس رئاسة الحكومة، سار ميقاتي نحو السراي، عند الساعة الثانية عشرة والنصف من بعد ظهر اليوم، بتوقيت بيروت.
وكان في استقباله الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، وسط استقبال رسمي ترحيبا بساكن السراي الجديد.
وشكلت الحكومة لجنة مصغرة لصياغة البيان الوزاري الذي ستطرحه كخارطة طريق لعملها وتنال على أساسه الثقة من مجلس النواب.
واللجنة برئاسة ميقاتي، وعضوية نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزراء العدل هنري خوري، والطاقة وليد فياض، والمالية يوسف خليل، والثقافة محمد وسام مرتضى، والداخلية بسام المولوي، والتنمية الإدارية نجلا رياشي، والإعلام جورج قرداحي، والتربية عباس الحلبي، والعمل مصطفى بيرم، والزراعة عباس الحج حسن.
وفي بداية الاجتماع، قال رئيس الحكومة إن "الأولوية لدينا ستكون الاهتمام بحاجات الناس ومعالجة شؤونهم الملحة، وسننطلق من التوجه الأساسي لديّ بأننا فريق عمل واحد في خدمة جميع اللبنانيين ، وسنعمل بهذه الروح".
كواليس البيان
في هذه الأثناء، كشفت مصادر وزارية لـ"العين الإخبارية" أن البيان الوزاري سيكون مقتضبا وليس فضفاضا، ويتضمن السياسة العامة للحكومة والملفات والمواضيع الأساسية التي ستقاربها، خلال فترة تحملها لمسؤولياتها.
وفي مقدمة تلك الملفات "الالتزام بالعمل بكل الإمكانيات المتوافرة وبسرعة لإنقاذ لبنان من أزمته المالية والاقتصادية بدءا، بإجراء الإصلاحات المطلوبة في مختلف وزارات وإدارات الدولة، وسبل معالجة الأزمة المالية والاقتصادية مع الصناديق والمؤسسات المالية الدولية".
وأضافت المصادر التي فضلت عدم ذكر هويتها، أنه "سيجري التأكيد على المباشرة بالنهوض بقطاع الكهرباء، في إطار خطة متكاملة وضمن مهلة محددة. والسياسة الخارجية للحكومة والتأكيد على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة والصديقة في العالم".
كما سيتم تضمين البيان الوزاري "نصا متقاربا لما ورد في بيان الحكومة السابقة عن علاقة "حزب الله" بالدولة اللبنانية أو اعتماد النص نفسه، مع التأكيد على دور الجيش في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الأراضي اللبنانية كافة، والالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها".
خطة تعافي
وكان وزير البيئة الجديد أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأمريكية في بيروت ناصر ياسين والمشرف على "مرصد الأزمة" في الجامعة الأمريكية في بيروت، اعتبر أن الملف الأبرز أمام الحكومة هو الدعم.
وقال لـ"العين الإخبارية": "نحن نعيش منذ أكثر من شهرين في فوضى، فإذا أتت حكومة لتنظّم الأمر فسيكون الأمر إيجابيّاً".
ورأى أن "البطاقة التمويلية التي أطلقتها الحكومة السابقة الأسبوع الماضي هي من الحلول التي اعتمدها عددٌ من الدول، التي مرّت بأزمات عميقة مثل ما يمرّ به لبنان اليوم، وأعطت نتائج جيّدة"، لكنه شبّهها في الوقت نفسه بـ"الإسفنجة التي تخفّف من وطأة الارتطام".
ونوّه بأن "الحكومة الجديدة لا يُمكنها حلّ المشكلات جميعها التي تراكمت وتحتاج إلى وقت طويل، ويجب أن تبدأ على الفور باستغلال فترة السماح التي يمكن أن تخلقها البطاقة التمويليّة للبدء بخطّة تعافي اقتصادي والتعاطي بجرأة مع الملفات الأساسيّة".
وشدد ياسين على ضرورة "حلّ قضيّة النّقد بأسرع وقت ممكن وتوحيد سعر الصرف، بالإضافة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفيّ وطرح حلول للقطاع، وبدء ورشة فوريّة في قطاع الكهرباء الذي أنهك الخزينة واستنزف جيوب المواطنين من دون أن يحصلوا أصلاً على الكهرباء".
"ثم الانتقال توازياً نحو 3 قطاعات أساسيّة أخرى كالصّحة، التي يجب أن تُتاح للجميع، كما أن القطاع بحدّ ذاته بحاجة أيضاً إلى خطة واضحة وشفّافة لإعادة النهوض، مثلها مثل قطاع التربية، وانتهاءً بقطاع النقل، حيث بإمكاننا الاستفادة من تقديمات صندوق النقد للانطلاق من جديد". الكلام لوزير البيئة.