أسعار العقارات في مصر وأزمات المطورين.. تحرك حكومي حاسم

أعلنت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية عن إنشاء وحدة متخصصة داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تكون مهمتها الرئيسية متابعة مشكلات المستثمرين والمطورين العقاريين والعمل على حلها بشكل مباشر وسريع.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن قرار إنشاء الوحدة جاء بعد رصد محاولات تلاعب من بعض غير المختصين مع عدد من المطورين، وهو ما قد يضر بمصالح السوق العقارية ويؤثر على ثقة المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
الوحدة الجديدة ستتولى التنسيق مع الإدارات والأجهزة المركزية المختلفة، وعقد اجتماعات دورية مع المطورين سواء بشكل فردي أو جماعي، إلى جانب رفع تقارير دورية تتضمن المشكلات المطروحة والإجراءات المتخذة والتوصيات اللازمة للعرض على السلطة المختصة. كما ستُكلّف بمتابعة التزامات المستثمرين والمطورين وفقًا للعقود المبرمة، وحل النزاعات بما يحفظ حقوق جميع الأطراف.
أوضحت وزارة الإسكان أن الوحدة الجديدة ستفتح قنوات تواصل متعددة، سواء عبر المنصات الإلكترونية أو الاجتماعات المباشرة، كما خصصت رقم «01140554000» على تطبيق واتساب لتلقي شكاوى واستفسارات المطورين العقاريين، في خطوة تستهدف تعزيز الشفافية وسرعة الاستجابة.
وفق البيان شدد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان، على أن الوزارة تعمل بكل حزم لحماية حقوق المتعاملين في السوق العقارية والتصدي لأي ممارسات غير قانونية، مؤكدًا أن استقرار السوق وتعزيز ثقة المستثمرين والمواطنين يمثلان أولوية قصوى.
وأشار الشربيني إلى أن إنشاء الوحدة يعكس توجه الوزارة نحو تعزيز الرقابة وتنظيم السوق، مع الاستمرار في دعم المطورين الجادين وتقديم التسهيلات التي تدفع بعجلة التنمية العمرانية في مصر.
اجتماع حكومي لضبط الأسعار
خطوات وزارة الإسكان جاءت بالتوازي مع تحرك حكومي قوي لضبط السوق العقاري، خاصة أن رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي خلال الأسبوع الماضي كشف عن اجتماع طارئ مع المطورين العقاريين، لبحث وضع آليات واضحة لضبط أسعار الوحدات العقارية في ظل التفاوت الكبير بين المناطق المختلفة.
- خبراء عقاريون: الضبابية الاقتصادية تهدد سوق القروض السكنية في فرنسا
- الفضة تقفز لأعلى مستوى في 14 عاماً.. الأوقية تسجل 44 دولاراً
مدبولي أوضح أن الهدف هو الوصول إلى صيغة توازن بين حماية المستهلك وضمان مصالح المطورين، لافتًا إلى أن التجربة الناجحة في ضبط سوق الصرف يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى به في القطاع العقاري.
أرباح قياسية للشركات الكبرى
رغم التحديات الاقتصادية، حققت كبرى شركات التطوير العقاري نتائج مالية قياسية في 2024. ووفق البيانات المجمعة، تضاعفت أرباح أكبر خمس شركات عقارية مدرجة في البورصة- وهي طلعت مصطفى، إعمار مصر، بالم هيلز، سوديك، ومدينة مصر- لتصل إلى 34.8 مليار جنيه، فيما ارتفعت المبيعات إلى نحو 795 مليار جنيه بنمو تجاوز 190% مقارنة بالعام السابق.
تحذيرات من فقاعة عقارية
وحذر الخبير الاقتصادي هاني توفيق في تصريح لـ "العين الإخبارية" من وجود مؤشرات على ما وصفه ببوادر "فقاعة عقارية"، موضحًا أن ارتفاع الأسعار المتواصل لا يعكس زيادة حقيقية في الطلب، وإنما يرتبط أساسًا بارتفاع تكاليف الإنشاء والتسعير المبالغ فيه للدولار من قبل بعض المطورين.
وأكد أن السوق تشهد بالفعل تباطؤًا في المبيعات، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل قد يقود إلى أزمة مشابهة لما شهدته بعض الأسواق العالمية.
وشدد المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، على ضرورة الإسراع بإصدار قانون اتحاد المطورين العقاريين ، مؤكدًا أن إنشاء إدارة تنظيمية بوزارة الإسكان للرقابة على القطاع أمر مهم
وأوضح شكري لـ "العين الإخبارية" أن القطاع العقاري يمثل قاطرة أساسية للتنمية الاقتصادية ويرتبط بأكثر من 105 صناعات ويوفر نحو 10 ملايين فرصة عمل، لافتًا إلى أن العقار ظل طوال السنوات الماضية الملاذ الآمن لحفظ مدخرات المصريين، إذ ارتفعت قيمته ما بين 10 و20 ضعفًا خلال العقدين الماضيين.
وأشار شكري إلى أن مصر شهدت توسعات عمرانية غير مسبوقة خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت نسبة المعمور من 7% إلى 14%، وزاد عدد شركات التطوير العقاري من 270 شركة إلى نحو 15 ألف شركة.
ورغم ذلك، يواجه القطاع تحديات مرتبطة بارتفاع أسعار مواد البناء وتكاليف التمويل وأسعار الفائدة.