محمد أبوزيد: "عنكبوت في القلب" تُكمل سيرتي الشعرية
"العين الإخبارية" تحاور الكاتب المصري محمد أبو زيد عن أجواء روايته الصادرة حديثا "عنكبوت في القلب" ومفاتيحها الفنية.. إلى نص الحوار.
صنع الشاعر والكاتب المصري محمد أبوزيد، في روايته الصادرة حديثا "عنكبوت في القلب"، نسيجا سرديا يجمع فيه بين الرواية والشعر، في تجربة تُذيب الحدود بين الفنون، مُحررا أبطالها الذين ظهروا في دواوين سابقة له من سطور القصيدة، بمنحهم حياة أخرى في روايته ليواجهوا فيها مصائرهم الغرائبية، ويعيدوا تشكيل مفردات عوالمهم.
صدرت رواية "عنكبوت في القلب" أخيرا عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، وهي الثانية لأبو زيد بعد "أثر النبي" وعدد من الدواوين الشعرية اللافتة، أبرزها "قوم جلوس حولهم ماء"، و"مدهامتان"، و"سوداء وجميلة"، و"مقدمة في الغياب" وغيرها.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الشاعر المصري محمد أبوزيد، تحدث خلاله عن أجواء روايته الجديدة ومفاتيحها الفنية التي استغرقت 7 سنوات لكتابتها، وإلى نص الحوار..
اخترت أن يكون خروج روايتك الجديدة تحت مظلة الشعر وليست مستقلة عنه، من أين نبتت فكرتها؟
أعتقد أن فكرة الرواية نبتت قبل 15 عاماً، عندما كتبت قصيدة "سيقول الأشرار أنني سأتحدث عن ميرفت عبد العزيز بالتحديد"، ثم ضمنتها ديواني "قوم جلوس حولهم ماء"، ثم وجدت أن شخصية "ميرفت" تنتقل من ديوان إلى آخر دون توقف. لم أكن أدرك عندما كتبت القصيدة الأولى أنها ستنتهي إلى رواية، لكني مؤمن بفكرة "مشروع الكاتب"، الذي يكتمل عملاً بعد آخر، وفيه يطارد أفكاره أو يحدث العكس فتطارده أفكاره. وفي ظني أن مشروعي الكتابي هو شعري بالأساس، لكنني يمكن أن أستعين بكافة أنواع الفنون الأخرى لخدمة هذا المشروع. يمكن أن أستعين بالرواية أو بالشعر أو بالمسرح أو بالموسيقى، لأن الفنون كلها تنبع من معين واحد حتى لو اختلفت طرق وصولها إلى المتلقي.
هل أكملت سيرة بطلتك "ميرفت" وحررتها من خلال "عنكبوت في القلب"؟
يمكن القول إنني قتلت شخصيتي الشعرية الأثيرة في الرواية، أو حررتها. فهذا هو الظهور الأخير لها، لو استخدمنا المصطلح السينمائي، على اعتبار أنني لجأت إلى السينما كثيراً في الرواية. وأعتقد أن هناك نقاط تماس كثيرة بين هذه الرواية ودواويني السابقة، لذا في نهاية الرواية يجد القارئ أنني أضع قائمة بالمراجع هي مجمل دواويني السابقة، كما وضعت ضمن المراجع كتابي "الأرنب خارج القبعة"، لأنني أتماس معه في بعض الأفكار المطروحة فيه حول الكتابة، ووضعت أيضاً روايتي الأولى "أثر النبي"، لأنني قلت إن بطل "عنكبوت في القلب" يغار على بطل الرواية الأولى وسرق منه وحدته. الرواية إذن تكمل سيرتي الشعرية وليس سيرة ميرفت فقط.
في الرواية تماس بين الواقعية والغرائبية وكذلك الوجودية، كيف تصف غواية هذه المساحة في الكتابة؟
أعتقد أن الرواية سعت إلى تحويل الواقعي المعتاد إلى فن، وطرحت بدائل للحياة عبر استقراء المصائر المتعددة لو جاز لي أن أقول هذا. ففي بداية سيرة ميرفت تجدين أن هناك ثلاث قصص لبدايتها، وحتى عندما تحاول أن تفلت من أزمتها الشخصية مع "بيبو" تجد أمامها ثلاث بدائل، و"بيبو" عندما وجد نفسه محبوساً في السيارة وجد أمامه طرقاً متعددة ليسلكها، وأعتقد أن أحد هذه البدائل دائماً هو الفن. فالفن هو ما يجعل الحياة محتملة، ويجملها، لذا تجدين في الرواية شخصيات حقيقية لكنها في واقع غرائبي، وشخصيات خيالية لكنها في واقع ممل. هنا أنا أتركهم في مواجهة الفن، في محاولة للإجابة عن سؤال: ما الذي يمكن أن يغيره الفن في حياتنا؟
شخصيات روايتك على الحافة.. مشردون بين جنون وعزلة، إلى أي مدى استنزفك هذا الاشتباك في مصائر شخصياتك وأنت في طور الكتابة؟
كتبت الرواية في سبع سنوات تقريباً، وبالمناسبة هو عدد السنوات نفسه الذي كتبت فيه روايتي الأولى. وسر هذا العدد الطويل من السنوات، هو الإجابة عن سؤالك أنني أقدم حيوات خاملة، تقف بين العزلة والجنون، لا شيء تقريباً يحدث في حياتها لأنها تهرب من العالم، وليس ثمة تطور درامي يحدث في حياتها إلا بالفن، أو بجنون فني يوازي جنونها؛ لهذا تلجأ إلى خلق واقع افتراضي يصنع حياة لها تنتصر على رتابة حياتها.
تكتب القصيدة خارج إطار "التعليب"، والآن تقدم رواية بلا حدود بين النثر والشعر، هل هذا التحرر السردي هو حليفك في الإبداع؟
أعتقد أننا يجب أن نكتب ذواتنا لأنها تخصنا، ما الفائدة التي تُرجى من أن نعيد كتابة نصوص مكتوبة من قبل؟ نحن نحاول طوال الوقت، ربما نفشل وربما ننجح، لكن أظن أن "الحرية" هي مفتاح الكتابة الجيدة، أقصد التحرر من كل الأشكال التقليدية والمعتادة، التحرر من الأفكار المعدة مسبقاً، التحرر من الشكل، وأعتقد أن الكتابة باعتبارها عملاً ثورياً هي محاولة للتحرر من أطر الحياة التقليدية، وخلق حياة موازية لحيوات أبطالها.
برأيك ما الذي يُعقد مسألة حصول نشر الشعر على حقه منذ سنوات في العالم العربي؟
بدأ الشعر غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، وطوبى للشعراء القابضين على جمرة قصائدهم رغم تعنت الناشرين والنقاد والقراء الذين يريدون نصاً سهلاً، وإجابة سؤالك في أن كل شيء تواطأ وتآمر على الشعر، بداية من تحول بعض الناشرين إلى "تجار" يسعون للربح دون اهتمام بدور ثقافي، إلى المؤسسات الثقافية العربية التي تهتم بإطلاق جوائز ومنتديات للرواية فقط، إلى النقاد، في حال وجودهم، الذين يستسهلون الكتابة عن الرواية، لكن كل هذا لم يقتل الشعر، بل الشعر مستمر وماضٍ في طريقه ويتطور، وهناك عشرات الأصوات الجديدة المبشرة.
مشروعك المقبل هل هو ديوان أم رواية؟
ـ لست روائياً، ولا أسعى لكتابة رواية إلا إذا فاجأتني فكرة تخدم مشروعي الكتابي، لديّ ديوان قيد النشر عنوانه "جحيم" أرجو أن يصدر قريباً.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA== جزيرة ام اند امز