زيارة محمد بن سلمان لمصر .. 3 أيام من الأنشطة الحافلة
الأمير محمد بن سلمان وقّع اتفاقيات مع مصر، وزار محافظة الإسماعيلية، والأزهر والكنيسة، وحضر عرضا مسرحيا في الأوبرا.
في مستهل أولى زياراته الخارجية وليا للعهد، وصل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إلى القاهرة، الأحد الماضي، لتوطيد وتعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر.
ورافقت طائرات سلاح الجو المصري طائرة ولي العهد السعودي بمجرد دخولها الأجواء المصرية؛ ترحيبا بقدوم الضيف الذي زار القاهرة 5 مرات لكن في مهام مختلفة.
واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأمير محمد بن سلمان، في مطار القاهرة؛ حيث جرت مراسم رسمية لاستقباله، قبل أن يصطحبه إلى قصر الاتحادية.
وعقد السيسي مع محمد بن سلمان جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، اتفق الجانبان خلالها على عدة ملفات مشتركة كان أبرزها آليات مكافحة الإرهاب وقضايا الأمن القومي العربي.
وخلال اللقاء تم التباحث حول سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا سيما الاقتصادية والاستثمارية منها، وتدشين المزيد من المشروعات المشتركة في ضوء ما يتوافر في البلدين من فرص استثمارية واعدة، وخاصة في مجال الاستثمار السياحي بمنطقة البحر الأحمر لتعظيم الاستفادة من الإمكانات والمقومات السياحية الكبيرة لتلك المنطقة.
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أول أيام الزيارة التاريخية، توقيع 4 اتفاقيات ثنائية بين البلدين في مجالات مختلفة.
اتفاقيات في مجالات مختلفة
ووقع الجانبان اتفاق تعاون في مجال حماية البيئة والحد من التلوث، حيث وقع عن الجانب المصري الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، وعن الجانب السعودي المهندس عبد الرحمن عبدالمحسن الفاضلي وزير البيئة والمياه والزراعة.
كما تم توقيع اتفاق معدل لإنشاء صندوق مصري سعودي للاستثمار بين صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي في مصر، حيث وقع عن الجانب المصري وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، وعن الجانب السعودي الدكتور عصام بن سعد بن سعيد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء.
وجرى كذلك التوقيع على اتفاقية برنامج تنفيذي للتعاون المشترك لتشجيع الاستثمار بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر والهيئة العامة للاستثمار بالمملكة العربية السعودية؛ حيث وقّع عن الجانب المصري وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، وعن الجانب السعودي الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي وزير التجارة والاستثمار.
زيارة الإسماعيلية
واصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأمير محمد بن سلمان في زيارة لمدينة الإسماعيلية، شمال شرق القاهرة؛ لتفقد عدد من المشروعات القومية، بحضور كبار مسؤولي الدولتين.
واستمع السيسي وولي عهد السعودية إلى عرض قدمه الفريق مهاب مميش حول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، الذي أوضح أن مشروع تنمية القناة سيحول مصر لمركز تجاري لوجيستي عالمي.
ونوه مميش وفقا لبيان الرئاسة المصرية، بما يوفره المشروع من فرص استثمارية ضخمة في القطاعات الصناعية والخدمية والسياحية، مشيرا إلى الآفاق الواسعة التي توفرها فرص التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومشروع "نيوم" السعودي على ساحل البحر الأحمر، بحيث يصبحان قبلة للتجارة العالمية.
كما استمع الرئيس المصري وولي العهد السعودي إلى شرح من اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، الذي قدم عرضا حول مشروع أنفاق قناة السويس وتطورات تنفيذه.
كما تفقدا مدينة الإسماعيلية الجديدة، التي تقام على مساحة ٢١٥٧ فدانا بطول ١١.٣ كيلومتر، وتقع في الشاطئ الشرقي لقناة السويس ، وتتضمن مرحلتها الأولى توفير ٣٥ ألف وحدة سكنية متنوعة، في حين توفر المرحلة الثانية ٥٧ ألف وحدة سكنية.
وحسب البيان قام الرئيس المصري والأمير محمد بن سلمان بجولة بحرية في المجرى الملاحي لقناة السويس، بمشاركة عدد من القطع البحرية المتنوعة، وصولا إلى منتجع الفرسان بمدينة الإسماعيلية، حيث قاما بافتتاح المنتجع، واستمعا إلى شرح من نبيل سلامة مساعد وزير الدفاع، الذي أوضح أن منتجع الفرسان يقع على مساحة ٣٨ فدانا بمدينة الإسماعيلية غرب قناة السويس.
زيارة الأزهر الشريف
والتقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، الإثنين، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، في مكتبه بمقر مشيخة الأزهر الشريف.
واتفق الدكتور أحمد الطيب والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خلال جلسة المباحثات، على تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف والمملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب ونشر الوسطية والسلام.
ورحب شيخ الأزهر بولي العهد السعودي في بلده الثاني مصر، معربا عن تقديره والشعب المصري للمملكة العربية السعودية ملكا وحكومة وشعبا، كما أشاد الإمام الأكبر بالدور الذي تقوم به السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين ونصرة قضايا الأمة.
وأكد عظم المكانة التي تحظى بها المملكة في قلوب المسلمين جميعا، مشيدا بعلاقات الأخوة التي تجمع بين الشعبين المصري والسعودي.
ومن جانبه، أعرب ولي العهد السعودي عن تقدير المملكة العربية السعودية لفضيلة الإمام الأكبر، وجهوده في مواجهة كل ما يحيط بالعالم العربي والإسلامي من مخاطر.
وأكد الأمير محمد بن سلمان تقدير المملكة للدور الذي يقوم به شيخ الأزهر في نشر ثقافة الوسطية، والتعايش والسلام، ومكافحة الفكر المتطرف.
وأشار إلى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بإنشاء "مجمع الملك سلمان بن عبد العزيز للحديث النبوي الشريف"؛ من أجل نشر ثقافة التعايش والسلام، وتوحيد الجهود لنشر تعاليم الإسلام السمحة ومكافحة التطرف.
زيارة تاريخية للكاتدرائية
وفي زيارة تاريخية للكنيسة المصرية استقبل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية في مصر الأمير محمد بن سلمان بالمقر الباباوي، الإثنين.
وقال البابا تواضروس، إن زيارة ولي العهد السعودي تعزز التسامح والاحترام بين الأديان المختلفة، مضيفا أنه لا يستبعد زيارة المملكة العربية السعودية في الفترة المقبلة.
وأضاف أن الأمير محمد بن سلمان قدّم له دعوة لزيارة المملكة العربية السعودية، كما أن ولي العهد أشاد بزيارة الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة، إلى السعودية ٣ مرات خلال الفترات الماضية.
وعبّر البابا تواضروس عن سعادته بزيارة ولي العهد السعودي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
ورد ولي العهد السعودي بالقول إن: "الأقباط أعزاء على كل مسلمي العالم وليس مصر فقط.. المسلمون يجب أن يعرفوا ذلك الدور الوطني الذي تحملته الكنيسة من أذى".
وأضاف: "نعزيكم في شهدائكم الأعزاء علينا وعلى مصر والعرب والعالم، ونشهد لكم بموقفكم تجاه العنف الذي حدث لكم وعدم رد الأذى بأذى ذلك الموقف الذي كان مميزا جدا ومضرب المثل".
وتابع ولي العهد السعودي: "الآن، موجات إرهابية كثيرة في المنطقة لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي كذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن وغيرها من الدول تصدت لهذه الهجمات".
وأشاد البابا تواضروس بالنهضة التي تشهدها السعودية، لافتا إلى أن ذلك يسهم في جهود دحر الإرهاب.
زيارة الأوبرا
وليل الإثنين زار السيسي والأمير محمد بن سلمان، دار الأوبرا المصرية لمشاهدة العرض المسرحي "سلم نفسك" للمخرج خالد جلال، بحضور وفد رفيع المستوى من البلدين.
وكان حضور الرئيس المصري وولي العهد السعودي هذا العرض سابقة هي الأولى من نوعها، وتأتي بالتزامن مع الانفتاح الثقافي والفني الذي تشهده المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بعد إنشاء الهيئة العامة للترفيه.
ونقل التلفزيون المصري لقطات تظهر وصول السيسي ومحمد بن سلمان إلى دار الأوبرا برفقة وفد سعودي يرافق ولي العهد، وعدد كبير من المبدعين والمثقفين المصريين.
وقالت وسائل إعلام مصرية إن "دعوة الرئيس السيسي لولي العهد السعودي لحضور العرض المسرحي "سلم نفسك" تعد تأكيدا على أن الدولة المصرية الجديدة تشجع الشباب والمبدعين في مختلف المجالات، خصوصا هذه الأعمال التي تحافظ على هوية الدولة وتنتشل الشباب من براثن التطرف والتخلف والإرهاب".
لا اهتمام بقطر
وفي لقاء صحفي، جمع ولي العهد السعودي بعدد من الصحفيين والإعلاميين المصريين، الثلاثاء، حمّل الأمير محمد بن سلمان ، الثورة الإيرانية وجماعة الإخوان الإرهابية مسؤولية تنامي الفكر المتطرف وتمدده، مؤكدا أن بلاده ستستضيف القمة العربية المقبلة دون الاهتمام بمشاركة قطر من عدمه.
وقال الأمير محمد بن سلمان، إن "السعودية منفتحة فكريا وسياسيا، رغم مواجهتها دائما بأنها مملكة وهابية، لكن دعوة عبد الوهاب بدأت منذ 300 عام، والإرهاب لم يحدث إلا في الأيام الأخيرة".
وأضاف قائلا: إن "ما حدث هو اختزال الدين الإسلامي من بعد 1979 (في إشارة لقيام ثورة الخميني في إيران) في الأفكار المتطرفة، وما حدث في السعودية حدث في مصر بعدما قويت شوكة جماعة الإخوان الإرهابية.
وأشار ولي العهد السعودي إلى أن الإرهاب "كان نتيجة طبيعية لكل هذا التطرف (الناتج عن الثورة الإيرانية وانتشار أفكار الإخوان)، وكثير من الدول الغربية لم يكن يعلم خطورته".
وفيما يتعلق بمقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر، أوضح الأمير محمد بن سلمان أسباب غيابه عن القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في الكويت قائلا: "كنا نعرف أن هناك ألاعيب تدبر في الخلف"، من دون مزيد من الإيضاحات.
لكن ولي العهد السعودي حسم موقف بلاده من استضافة أعمال القمة العربية المقبلة قائلا: إن "السعودية ستنظم القمة العربية، ولا تشغلنا قصة مشاركة قطر".
وتابع: "لا أشغل نفسي بها (قطر)، وأقل من رتبة وزير من يتولى الملف القطري، وأي وزير في الحكومة السعودية يستطيع حل الأزمة".
وأشار إلى أن استثمارات السعودية في الولايات المتحدة تبلغ نحو 800 مليار دولار أي 4 أضعاف الدخل القطري.
تطوير الجامع الأزهر
وقبل مغادرته القاهرة بوقت قليل افتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الجامع الأزهر بعد الانتهاء من أعمال الترميم والتطوير.
وعقب الافتتاح، أدى الرئيس المصري، وولي عهد السعودية، وفضيلة الإمام الأكبر، ركعتين "تحية المسجد" داخل "المظلة الفاطمية"، في الجامع الأزهر.
وتعد أعمال الترميم، التي استغرقت أكثر من 3 سنوات، وتمت بمنحة من خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ورعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، من أكبر وأوسع عمليات الترميم والتطوير التي شهدها الجامع الأزهر على مر تاريخه الذي تجاوز الألف عام.
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز