هل ستمكن حركة التوحيد والإصلاح عبدالإله بنكيران من العودة إلى المشهد السياسي القادم.
عقدت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب «العدالة والتنمية»، مؤتمرها الوطني السادس، وسط قلق سياسي عام حول مسؤولية الإسلام السياسي عن تأزم المشهد السياسي العربي جرّاء انحراف عدد كبير من منظماته إلى العمل القتالي وتعميم حالة عدم الاستقرار بدول «الربيع العربي» خصوصاً.
حركة التوحيد والإصلاح، قررت أن تعقد مؤتمرها تحت شعار: «الإصلاح أصالة وتجديد»، أيام 3 و4 و5 أغسطس بالرباط، في محاولة منها إلى تجديد هياكلها التنظيمية التي تعيش أزمات في كل المستويات بسبب الإخفاقات المتتالية للتجربة السياسية التي يخوضها «إخوان» المغرب من خلال ترؤس حزب «العدالة والتنمية» للحكومة المغربية للولاية الثانية.
هل نجح «إخوان» المغرب في نقل خلافة التنظيم الدولي من القاهرة إلى حركة «التوحيد والإصلاح»؟ أم هي بداية لتأسيس فضاء «إخواني» جديد أفريقي التنظيم بنكهة مغربية؟
ويأتي هذا المؤتمر بعد أزيد من 20 سنة على تأسيس اتحاد حركات وجماعات إسلامية سنة 1996 بين حركة «التجديد والإصلاح» وجماعة «التبين» و«جمعية الدعوة الإسلامية» بالقصر الكبير و«رابطة المستقبل الإسلامي»، من ولاية التأسيس لمذهبيات التمكين من خلال إنشاء أذرع التنفيذ الاستراتيجي لتنظيم «الإخوان»: الطلابي، الشبابي، العمالي، النسوي، الخيري، السياسي وغيرها (للتعريف) ثم (التمكين) على حسب أدبيات «الإخوان»، إلى ولاية إدارة التدين وإقامة الدين كما جاء في خطاب افتتاح المؤتمر لرئيسها عبدالرحيم الشيخي.
إشكاليات جوهرية خيمت على أعمال المؤتمر السادس لحركة «التوحيد والإصلاح» الإخوانية، منها: إشكالية (الهوية) عند الحركة بين الديني والمدني والسياسي، لذا السعي لتغيير ميثاق الحركة لتمكنها من فصل (الدعوي) عن (السياسي)، أي أن تبتعد الحركة عن حزب: العدالة والتنمية، وكذلك إشكالية مجالات (الحركة) بين الشمولية والتخصص، وهذا يطرح على الحركة أن توضح مجالات العمل الخاصة بها، إما كجزء من المجتمع أم ستظل تراهن على أنها قادرة على خلق مجتمع متلازم مع المجتمع المغربي، وهناك إشكالية (المنهجيات) في التعامل مع الواقع المغربي من مشروع (الأسلمة) التصادمي إلى مشروع (التصالح) مع بقية المكونات المجتمعية، وأيضاً إشكالية التوفيق بين إقامة الدين أم إقامة الدولة، وإشكالية علاقة الحركة وموقفها من صلاحيات المؤسسة الدينية الرسمية، أي إمارة المؤمنين وتوضيح الولاءات المتضاربة، وثمة تساؤل مؤداه: أي دور للحركة في مشروع إصلاح الشأن الديني بالمغرب؟ وخطاب الحركة بين التربوي والدعوي، والعلاقة مع الحركات الإسلامية المغربية الأخرى كجماعة العدل والإحسان والسلفيين والحركات الصوفية، والحركة والتبشير الشيعي بالمغرب، والتغيير على مستوى القيادة، خصوصاً بعد الهزات التي مرت بها الحركة: موت مهندسها عبدالله بها- قضية الفساد الأخلاقي كقضية عمر بنحماد وفاطمة النجار- التخندق مع أم ضد عبدالإله بنكيران رئيس الحكومة السابق.
إلى هذا لا بد أن نسجل أن الحركة خطت في مؤتمرها السادس إلى تكتيك جديد هو الركوب على قاطرة السياسة الأفريقية التي يسير فيه الملك محمد السادس بدعوتها حضور مؤتمرها إلى حركات إسلامية أفريقية أكثر من 11 دولة أفريقية، من أبرز ضيوف مؤتمرها: الدكتور عصام الدين أحمد البشير وزير الأوقاف السوداني الأسبق ومسؤول التخطيط الأسبق في مكتب الإرشاد الدولي للإخوان المسلمين، وعبد الهادي الأمين العام لمنتدى «النهضة والتواصل الحضاري» بالسودان، والشيخ محمد الأمين توري رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بغامبيا، والدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والدكتور عبد الرزاق المقري رئيس حركة مجتمع السلم بالجزائر، والشيخ العجمي الوريمي، والدكتور عبدالمجيد النجار عن حركة «النهضة» التونسية، والشيخ تيجان فال عن جماعة «عباد الرحمان»، ومن موريتانيا رئيس جمعية «الإصلاح» للأخوة والتربية الشيخ أحمد جدو ولد أحمد باهي، والدكتور منير شفيق الأمين العام لـ «المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج» بلبنان. ومن فرنسا: وجهت الدعوة لكل من «قطبي لكبير» مدير عام مؤسسة مسلمي فرنسا، و«لحاج تهامي إبريز» مسؤول العلاقات العامة لمؤسسة مسلمي فرنسا، ومن تركيا: رئيس اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي «علي قورت»، ونائب «حزب السعادة» التركي السيد حسن بتميز وحمدان عواد أبو زُهْري، الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة «حماس»، فبالرغم من رغبة بعض قيادة حركة «التوحيد والإصلاح»، ومؤتمر «حركة التوحيد والإصلاح»، أعاد انتخاب «الشيخي»-رجل بنكيران- لولاية ثانية، ولم يستطع أن يعمل حداً للتداخل بين الحركة و«حزب العدالة والتنمية»، فعجز الفصل بين الدعوي والسياسي.
فهل ستمكن حركة التوحيد والإصلاح عبدالإله بنكيران من العودة إلى المشهد السياسي القادم، خصوصاً أن المشهد السياسي الحزبي بالخصوص يعيش أزمة قيادة وأزمة إدارة لمجموعة من الحركات الاجتماعية التي يشهدها المغرب؟ وهل نجح «إخوان» المغرب في نقل خلافة التنظيم الدولي من القاهرة إلى حركة «التوحيد والإصلاح»؟ أم هي بداية لتأسيس فضاء «إخواني» جديد أفريقي التنظيم بنكهة مغربية؟
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة