نائبة رئيس البرلمان تستذكر مع "العين الإخبارية" رحلة استقلال المغرب وبنائه
٦٦ عاما مضت على استقلال المملكة المغربية، سلكت فيها الأخيرة دروب البناء والتنمية، وعبرت الأزمات بقوة تستمدها من تاريخ كبير.
وفي الذكرى الـ66 للاستقلال، تتحدث النائبة الثانية لرئيس مجلس النواب المغربي خديجة الزومي، في مقابلة مع "العين الإخبارية" عن التعددية الحزبية ومساهمتها في تعزيز الديمقراطية في البلاد.
وفي المقابلة، عبرت الزومي الطريق الفاصل بين التأسيس والبناء، لتوضح كيف أرسى المغرب دعائم دولة الحق والقانون.
ثم عرجت على الحُريات والحُقوق، وتوقفت عند وضع الأغلبية الحاكمة الحالية ومدى تماسكها، ومُستجدات ملف الصحراء المغربية. قبل أن تضع كثير من التركيز على العلاقات المغربية الإماراتية الاستثنائية، وأفق تطوير التعاون البرلماني بين البلدين.
وإلى نص الحوار:
** ما الدور الذي لعبه البرلمان المغربي في المشهد السياسي منذ الاستقلال؟
توجه السلطان محمد الخامس إلى تأسيس البرلمان في أعقاب استقلال المملكة، كان يهدف إلى ضمان التعددية الحزبية والسياسية المفقودة في الساحة العربية آنذاك، إذ كان الملاحظ حينها هو انتشار نظام الحزب الواحد في مجموعة من الدول العربية.
وبفضل الحكمة الملكية، سواء السلطان محمد الخامس، أو الراحل الحسن الثاني والملك الحالي محمد السادس، تتمتع المملكة المغربية بالتعددية الحزبية منذ الاستقلال.
وعلى مدار عقود، كان البرلمان آلية حقيقية لترسيخ هذه التعددية وضمانها، خاصة أن بناء دولة الحق والقانون لا يمكن أن يحدث في غياب آليات مؤسساتية ممثلة في البرلمان بغرفتيه.
وبالتالي، لا بد أن يكون البرلمان ضامناً لدولة الحق والقانون، ومنبراً للدفاع عن الحقوق والتدافع وتبيان اختلاف وجهات النظر، لأن الديمقراطية لا يمكن أن تحدث إلا بأصوات متعددة، لا بالأصوات المستنسخة التي لا يمكنها إرساء الديمقراطية.
** بعد 66 عاماً من الاستقلال، كيف تُقيمين المشهد السياسي والحُقوقي بالمغرب؟
مغرب اليوم يعرف انفتاحا كبيراً، واتساعا ملحوظاً للرقعة الحقوقية، خاصة في عهد الملك محمد السادس. وهذه الملاحظة لا يُبديها المغاربة فقط، بل حتى الأجانب وغير المُقيمين بالبلاد.
وهُناك إشادة بالحركية الحُقوقية وحرية التعبير الموجودة داخل البلاد، ناهيك عن الانفراج الواسع على مستوى حرية الصحافة والممارسة السياسية.
ففي المغرب، يُمكنك التعبير بكل حرية عن رأيك ومناقشة جميع القضايا المعروضة داخل الوطن، وهذه مكاسب نُسجلها بفخر في عهد الملك محمد السادس.
** وماذا عن مغرب ما بعد كورونا؟
صارت كورونا لحظة فاصلة بين مرحلتين، ومغرب ما بعد كورونا هو دولة اجتماعية متضامنة تتقلص فيها الفوارق الاجتماعية ونرفع فيها شعار "المغرب أولا".
من جهة أخرى، لابد أن نفكر في تقوية النسيج المجتمعي بمنطق التضامن والحماية الاجتماعية، وهذا هدف ملكي كبير شرعت الحُكومة في تحقيقه منذ أيامها الأولى.
كما أنه من الضروري إخراج الأسر التي غرقت في الفقر والهشاشة خاصة في السنوات العشر الماضية، بالإضافة إلى أن التعويض عن فقدان الشغل في القطاع الخاص على وجه التحديد، أصبح مسألة محورية مع ضرورة إعادة النظر في قيمة هذا التعويض بالنظر لطبيعة المهن.
ومن المشاريع التي يجري العمل عليها أيضا، توسيع وعاء المستفيدين من نظام التقاعد، وهو إجراء هام جداً خاصة لدى المشتغلين بشكل حر.
** لا يُمكن الحديث عن المغرب دون قضية الصحراء، كيف تُقيمين التطورات الأخيرة في هذا الملف؟
بالفعل، هذا الملف يعرف دينامية واسعة، وإيقاعاً متسارعاً على مستوى الدبلوماسية، خاصة بعد فتح مجموعة من الدول قنصلياتها بالصحراء المغربية وباقي المكتسبات الأخرى.
هذه الدينامية والنجاحات الدبلوماسية لم تكن يوما مفاجأة بالنسبة إلينا وذلك بفضل المجهودات الجبارة التي يسهر العاهل المغربي على تنفيذها.
من جهة أخرى، أود التأكيد على ما قاله الملك محمد السادس في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، وهو أن مغربية الصحراء غير قابلة للتفاوض. نعم يُمكننا التفاوض على بعض التفاصيل كالحكم الذاتي الذي يُعتبر أعلى سقف يمكن للمغرب أن يُقدمه في هذا الشأن، إلا أن مغربية الصحراء خط أحمر ثابت.
** مؤخراً كان هُناك جدل بعد سحب الحُكومة الجديدة لمشروع تعديل القانون الجنائي، ما تعليقكم؟
هذه الخطوة تنم عن سلوك ديمقراطي محض، فكيف يمكن لحكومة أن تدافع عن مواقف وتوجهات حكومية سابقة؟
بوضوح، لا يمكن ربط أي أحد بتوجهات أحد آخر سبقه، لأن المرجعيات والتوجهات تختلف، وكذلك من حق الحكومة أن تعكس برنامجها الذي صادق عليه مجلس النواب والذي حصلت بموجبه على الثقة، في التشريعات، والحكومة الحالية ليست ملزمة بالتوجهات الكبرى التي تنتهجها الحكومة السابقة، وهذا الأمر يدخل في إطار الفعل الديمقراطي.
وبالتالي، حينما سحب وزير العدل مشروع القانون، فهو كان يُمارس حقه السياسي الكامل، وقام بهذه الخطوة لتجويد النص وتصويبه، مُمارساً حق الحكومة الكامل في التشريع.
ولا يمكن أن ننتقد الحكومة لأنها سحبت مشروعا، لأن كل حكومة يجب أن تضع بصمتها على القوانين والإجراءات الخاصة بها، لأنها ستحاسب عليها.
في نظري، هي فرصة لإخراج قانون يتلاءم وتوجهات الحكومة ويناقش القضايا الكبرى التي يثور حولها اختلاف داخل المجتمع ولابد من أخذ مسافة من قانون في فترة سابقة.
في الولاية السابقة، كان هناك نوع من العرقلة خلال التصديق على بعض القوانين، هل سيتكرر ذلك في هذه الولاية؟
بالفعل، كانت هناك عرقلة كبيرة ونقاش حاد جداً خلال مناقشة مشروعي قانوني تقنين زراعة واستخدام القنب الهندي، وأيضاً القوانين الانتخابية وبالتحديد موضوع القاسم الانتخابي الجديد.
فكرة النقاش مُرحب بها جداً، بل من الضروري أن تتواجد داخل المؤسسة التشريعية. لأن النقاش لم يكن يوما سلبياً أو غير مرغوب فيه. إلا أن العرقلة هي التي يمكن رفضها.
في المقابل، أستبعد أن يتكرر نفس الأمر خلال هذه الولاية سواء عبر الحكومة أو البرلمان، لأن الأغلبية الحكومية حينما تتكون من ثلاثة أحزاب فقط، فهذا أحسن بكثير من ثمانية أو سبعة أحزاب. لأن كثرة الأحزاب تزيد من اختلاف التوجهات ومن البلقنة، كما أنها تزيد من حدة النقاشات والخلافات.
ففي أول مرة في تاريخ المغرب، يتم تكوين الحكومة من ثلاثة أحزاب، وهذه الأحزاب يجب أن تكون منسجمة، لأننا جميعاً في قارب واحد وليس في مصلحة أية حزب ألا تنجح الحكومة. وأقول على الحكومة أن تنجح أو تنجح لا خيار آخر لديها.
هذه الحكومة جاءت في سياق خاص، وبالتالي يجب عليها طبعا أن تُنجح هذه التجربة من أجل مغرب المؤسسات والتنمية والعدالة الاجتماعية، ومن أجل مغرب الدولة الاجتماعية.
** هل هُناك طموح للتعاون بين البرلمان المغربي ونظيره الإماراتي في شخص المجلس الوطني الاتحادي؟
على الدوام، كان البرلمان يتعامل بشكل إيجابي ومستحب مع البرلمان الإماراتي، وكانت هناك تبادلات على مستوى الوفود وأنشطة حضرها البرلمان المغربي بغرفتيه.
وحضرت بكل اعتزاز بعضا منها، ولي أمل كبير في أن نتابع في نفس الخط، لأن لدينا علاقات جد طيبة مع الإمارات الشقيقة وممتدة وصامدة، إذ أن هذه العلاقات تحكمنا علاقات حب وتقدير متبادل وتعاون متبادل
لا يمكن إلا أن تبقى هذه العلاقات مسترسلة والبرلمان المغربي عازم على المضي قدما في هذه الخطوة، واتباع نفس الخطوة مع أي برلمان دول شقيقة تناصرنا في قضايانا الوطنية والمحافل الدولية.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xMzYg جزيرة ام اند امز