محللون لـ"العين".. لهذه الأسباب تحرك المغرب في منطقة الكركرات
لماذا خرج المغرب، عن صمته، بخصوص خطورة الوضع الأمني في منطقة الكركرات الحدودية.. "العين" استطلعت آراء الخبراء.
خرجت المملكة المغربية، نهاية الأسبوع الماضي، عن صمتها، بخصوص خطورة الوضع الأمني في منطقة الكركرات (اقصى جنوب غرب المملكة).
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، أجرى اتصالا هاتفيا، مساء الجمعة 24 فبراير/شباط الجاري، مع الأمين العام للامم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، أثار فيه الانتباه إلى الأوضاع "الخطيرة" التي تسود منطقة الكركرات، بسبب التوغلات المتكررة لعناصر مسلحة تتبع جبهة البوليساريو وقيامهم بأعمال استفزازية.
وطالب ملك المغرب باتخاذ "إجراءات عاجلة للحد من بعض ممارسات البوليساريو، التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار الإقليمي في الصحراء المغربية."
وجاء رد غوتيريس، على لسان متحدثه الرسمي، السبت الماضي، في بيان صحفي طلب فيه من جميع الأطراف "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجاوز تصعيد التوترات، بشكل يسمح باستئناف الحوار في إطار العملية السياسة التي تقودها الأمم المتحدة".
- محمد عبدالعزيز.. 40 عاما على رأس "البوليساريو" تحت شعار "لا للحوار"
- إسبانيا تلاحق زعيم البوليساريو جنائيا بتهمة الإبادة الجماعية
وأكد الأمين العام أنه لا ينبغي عرقلة الحركة التجارية العادية، كما لا ينبغي اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا للوضع الراهن في القطاع العازل.
وحث غوتيريس الأطراف على سحب جميع العناصر المسلحة من القطاع العازل دون شروط وفي أقرب وقت ممكن، لخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار في سياق العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، داعيا الأطراف إلى التمسك بالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار واحترام نصه وروحه.
وبناء على توصيات الأمين العام للأمم المتحدة، أعطى العاهل المغربي تعليماته بالانسحاب "بشكل فوري وأحادي الجانب من المنطقة"، حسب بيان لوزارة الخارجية المغربية، التي عبرت في البيان عن أملها أن يمكن تدخل الأمين العام من العودة إلى الوضعية السابقة للمنطقة المعنية، والحفاظ على وضعها، وضمان مرونة حركة النقل الطرقي الاعتيادية، وكذا الحفاظ على وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
جبهة البوليساريو، حاولت التقليل من هذا الانسحاب المغربي الذي اعتبرته "ذرا للرماد في العيون"، وجددت دعوتها إلى "تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية".
وقالت الجبهة في بيان لها، مساء الأحد، إنها "تدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى احترام روح ونص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 كجزء من خطة التسوية الأممي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية ويدعو إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية".
وتعليقا على هذه المستجدات، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، خبير في شؤون الساحل والصحراء، أن حرص المغرب على التواصل مع الأمم المتحدة بشأن تطورات الوضع في منطقة الكركرات، هو تأكيد على التزام المملكة بالمسؤولية المنوطة بـ"مينورسو" (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) في تطبيق شروط وقف إطلاق النار الذي تشرف عليه المنظمة الأممية منذ سنة 1991.
ويرى الفاتحي أن المكالمة الهاتفية للملك محمد السادس مع الأمين العام للأمم المتحدة، تبرز مساحة ضبط النفس التي تحلى بها المغرب من أجل الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة، وتؤكد المساهمة المغربية القوية في مساعدة المجتمع الدولي حتى يوقف استفزازات البوليساريو الخارجة عن أي سلطة.
في ذات السياق، يرى عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش، أن المغرب عندما يتحدث بهذه القوة عن الوضع الامني في الكركرات، فيجب أن يؤخذ الموضوع بالجدية.
وأوضح أن جبهة البوليساريو تطمح إلى استرجاع العلاقات مع موريتانيا، كما أن تحركاتها تأتي كرد فعل على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، في حين أنه كانت تطمح إلى أن لا تتحقق هذه العودة، "وقوة ما عبر عنه الملك تجعل كل شيء متوقع في الأيام المقبلة إذا لم تتناول الأمم المتحدة الموضوع بجدية".
ويرى ذات المحلل أن تهديد البوليساريو للعودة إلى السلاح ليس إلا للاستهلاك الإعلامي وتعبئة داخلية في فترات الفتور حينما لا يوجد جديد في الملف، ومع ذلك، شدد أستاذ العلاقات الدولية، على أنه حينما يصرح الملك بأن التحركات الأخيرة تهدد اتفاق وقف إطلاق النار، فيجب أن يؤخذ الامر بعين الاعتبار، بالنظر إلى أن الدبلوماسية الملكية لا تثير موضوع تهديد وقف إطلاق النار.
في سياق متصل، أكد صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء، أن مكالمة الملك بالأمين العام للأمم المتحدة، لها مجموعة من الدلالات من بينها الدنو بسرعة إلى ترجيح الخيار العسكري، وأن الحرب باتت وشيكة جدا، بسبب تنامي وتعدد وتكرار استفزازات البوليساريو، التي تحاول من خلال تصرفاتها بتفتيش الشاحنات القادمة من المغرب، أو تحركها في اتجاه المحيط الأطلسي، بناء اعتقاد زائف بأنها تحوز الأرض وتسيطر عليها وتمارس عليها السيادة، لدعم ادعاءات الأراضي المحررة.
واعتبر ذات الخبير، أن المغرب، الذي تحمّل صبر هذه الاستفزازات منذ اندلاع الأزمة في غشت من السنة الماضية، وتظلمه الآن عبر المكالمة، وبعد ضمان انضمامه إلى الاتحاد الإفريقي، فهو بذلك يؤكد أنه قد حسم في الأسباب والحيثيات الإفريقية التي كان من ذي قبل يقدرها ذات أولوية سياسية واستراتيجية قبل لجوئه إلى الحسم مع استفزازات البوليساريو.
وأوضح الحو أن بعد العودة الهادئة والسلسة للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ونجاحه في ضبط النفس رغم تنوع وتعدد الاستفزازات، لم يبق له من خيار غير مواجهة التحدي، ولا شك أنه اختار الإعذار للأمم المتحدة والإنذار للبوليساريو، فبهذا الاتصال ينفي المغرب عنه أية تبعات، وأية مسؤوليات حال تعقد الأمور وتطورها إلى العنف، حسب ذات المحلل.
من جهته، يرى الخبير في ملف الصحراء، عبد الفتاح الفاتحي، أن "تنبيه" الملك إلى غوتيريس هو بمثابة تحميل بعثة "مينورسو" لمسؤوليتها باتخاذ إجراءات لوقف كل ما من شأنه تهديد أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم، وبالتالي تهديد السلم والأمن الدوليين في منطقة الصحراء.
وأضاف ذات الخبير أن "المغرب يخلي مسؤوليته أمام المجتمع الدولي، عما يمكن أن يترتب عنه الوضع بخصوص تحرشات البوليساريو واستفزازاتها في الكركرات"، معتبرا أن "أي تطاول على قواعد الاشتباك ستضطر المملكة المغربية معه إلى الرد بكل قوة".
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA==
جزيرة ام اند امز