سياسة
محللون لـ"العين": البوليساريو يحاول تعطيل عودة المغرب للاتحاد الإفريقي
قمة أديس أبابا تنظر في طلب العودة
هناك محاولات يقوم بها ممثلو البوليساريو، والدول المؤيدة له، لخلق جدل في الاتحاد الإفريقي، في محاولة لتعطيل عودة المغرب إليه.
بعد 33 عاما من الغياب ونهْج سياسة "الكرسي الفارغ"، طلب المغرب رسميا، في يوليو الماضي، من خلال رسالة من الملك محمد السادس إلى القمة الإفريقية، التي انعقدت في العاصمة الرواندية كيغالي، العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في ظل محاولات لتعطيل هذه العودة، بحسب محللين.وبعد رسالة الملك محمد السادس لقمة كيغالي وتسليم طلب رسمي في هذا الخصوص إلى رئيسة المفوضية الإفريقية، في سبتمبر الماضي؛ قامت الديبلوماسية المغربية بمجموعة من التحركات والاجراءات، على رأسها الزيارات المكوكية التي قام بها العاهل المغربي إلى عدد من الدول الإفريقية، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك، ثم مصادقة مجلس الوزراء المغربي على مشروع قانون رقم 01.17، الذي يوافق بموجبه على الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الموقّع بالعاصمة الطوغولية لومي في الحادي عشر من يوليوز من عام 2000، ثم تصويت البرلمان المغربي بغرفتيه بالإجماع على هذا القانون، قبيل فعاليات القمة الإفريقية التي انطلقت، الأحد، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
ونقلا عن تصريحات مسؤولين مغاربة، فقد ردت 39 دولة إفريقية بالموافقة على طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، قبيل انعقاد أولى اجتماعات قمة الاتحاد الـ 28 بأديس أبابا، ما يعني، حسب تلك المصادر، أن المغرب حصل بالفعل على تأييد أكثر من ثلثي الأعضاء البالغ عددهم 54 دولة، مما يعني أن قبول طلبه بات أمرا محسوما.
ونقلت مواقع إعلامية، أن المشاركين في اجتماعات الممثلين الدائمين لدول الاتحاد بأديس أبابا، أجمعوا على أن يتم بحث طلب عودة المغرب خلال القمة الإفريقية المقبلة بين 30 و31 يناير الجاري، حيث سيجتمع رؤساء دول وحكومات الاتحاد، لمناقشة طلب عودة المغرب إلى الاتحاد، بالإضافة إلى ملفات أخرى تتصدر المشهد الجهوي والدولي.
وأفادت مصادر مطلعة لـ"بوابة العين"، أن هناك محاولات يقوم بها ممثلو البوليساريو، والدول المؤيدة له، لخلق جدل في الاتحاد الإفريقي، في محاولة لتعطيل عودة المغرب أو فرض شروط عليه، غير منصوص عليها في الميثاق التأسيسي للاتحاد، بينما عملية الانضمام من المفترض أن تكون إجرائية وغير مشروطة وفقا للسوابق المختلفة وآخرها انضمام دولة جنوب السودان.
وكان صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، قد أكد في مجلس النواب المغربي الاسبوع الماضي، أن المملكة المغربية تستبق العراقيل التي تريد إدخالها في متاهات التأجيل، مشيرا إلى أن هذه المصادقة تأتي "اختزالا للوقت، ولكي يشغل المغرب مقعده داخل الاتحاد الإفريقي.
وأكد مزوار أمام النواب المغاربة، أن الهدف هو "تجريد خصوم المغرب من ورقة ضغط لتعطيل مسار عودة بلادنا إلى أسرتها المؤسساتية الإفريقية"، موضحا أنهم "كانوا يترقبون مجريات المصادقة لاستغلال عدم مصادقة البرلمان المغربي على القانون التأسيسي للضغط على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي"، وفق تعبيره.
وأكد وزير الخارجية المغربي، أن "ردود الفعل المتشنجة من طرف البعض دليل على الإزعاج والتوجس من سياسية المغرب التي ليست موجهة ضد أحد"، مبرزا أن "يد المغرب ممدودة للجميع، بل هدفها أن يرفع المواطن الإفريقي رأسه عاليا ويطوي صفحات التطاول على كرامته ومصالحه".
في سياق متصل، اعتبر سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي السابق، أن عودة المغرب الى الاتحاد الإفريقي، ستغير كثيرا موازين القوى لصالحه، مشددا في الوقت ذاته، على أن التحولات التي يعيشها المنتظم الدولي لا يمكنها السماح بمزيد من العبث في قضايا تمس مصالح إفريقيا".
وفيما يتعلق بالمتغيرات الدولية التي دفعت المغرب إلى العودة إلى الاتحاد الإفريقي، أوضح العثماني أن "الإيديولوجيات انهارت في إفريقيا وفي العالم بأسره، وأن الكثير من الدول قد راجعت موقفها بناء على حجج وقناعات، وأن إفريقيا اليوم هي أكثر استقرارا بعدما عاشت لسنوات فتنا وحروبا، إضافة إلى أن العديد من الدول سحبت اعترافها بجبهة البوليساريو، لهذا كان من الضروري أن تتغير السلوكات السياسية".
في ذات السياق، يرى إدريس الكريني، أستاذ العلاقات الدولية، أن علاقات المغرب بالدول الإفريقية توطدت في السنوات الماضية، وأصبح شريكا متميزا لها على المستوى الاقتصادي إلى جانب حضوره القوي في تدبير بعض الأزمات بالبلدان الإفريقية في إطار الأمم المتحدة، أو في سياق جهود تقودها الرباط.
وأردف الكريني أن موقف المغرب يستمد قوته من جدية مشروع "الحكم الذاتي" الذي يجمع بين مطلبي الوحدة والاستقلال، في مقابل الركود الذي يطبع مواقف البوليساريو.
وأضاف ذات المحلل، أن عودة المغرب ستمكن من تجاوز النظرة الأحادية "التي ظلت تتردد في جنبات الاتحاد الإفريقي في ما مضى، وهو ما سيسمح بتقوية جبهة الأطراف الرافضة لوجود هذا الكيان المفتقد للمواصفات المتعارف عليها دوليا".
ويبقى من ضمن أهم التحديات التي سيواجهها المغرب بعد قرار عودته إلى الاتحاد الإفريقي، هو جلوسه في ذات القاعة مع جبهة البوليساريو، إلى حين إقناع دول الاتحاد بإدخال تعديل في الميثاق التأسيسي يسمح بطرد أو على الأقل تجميد عضوية "الجمهورية الصحراوية"، وهو الأمر الذي من الممكن أن يأخذ بعض الوقت، إذ لا ينص ميثاق الاتحاد حاليا، سوى على تجميد عضوية الدولة التي تشهد تغييرا غير دستوري في الحكم.
وأمام تخوف بعض المتابعين من أن يشكل دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي اعترافا بكيان البوليساريو؛ التي ترى في عودة المغرب فرصة للرفع من استحضار نزاع الصحراء في هذا المحفل القاري بل وإجبار الرباط على قبول المبعوث الخاص للاتحاد في نزاع الصحراء والذي رفض الاعتراف به حتى الآن؛ فقد نفى خبراء في القانون الدولي هذا الطرح، مؤكدين أن "هذه التخوفات لا أساس لها في ميزان العلاقات الدولية باعتبار البوليساريو لا تملك خصائص وأركان الدول المعترف بها في القانون الدولي.
ويرى صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، أن حضور المغرب وصيانة حقه في الدفاع عن نفسه من داخل الاتحاد في القضايا التي تعنيه أفضل من اتخاذ قرارات بإجماع مريب وتوافق مشكوك فيه. معتبرا أن اكتساب البوليساريو لعضوية الاتحاد الإفريقي لم يرقها في باقي المنظمات الدولية، ولا لدى جميع دول العالم، إلى أكثر من وضعها الحالي، كحركة انفصالية.
وكانت المملكة المغربية قد انسحبت سنة 1984 من منظمة الوحدة الإفريقية (كما كان يطلق عليها وقتها)، على إثر قبول هذه الأخيرة عضوية جبهة البوليساريو (أو ما يعرف بـ"الجمهورية الصحراوية")، التي تطالب بانفصال الصحراء عن المغرب، في مخالفة صارخة لميثاق المنظمة الذي يحث على أنه وحدها الدول المستقلة ذات السيادة يمكن أن تكون عضوا فيها، وهو الشيء الذي لايتوفر في جبهة البوليساريو.
جدير بالذكر، أن عدد الدول التي تعترف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" لا يتجاوز في أقصى تقدير 15 دولة من بين أعضاء الاتحاد الإفريقي الـ54. ويتوقع مراقبون، أن تمثل عودة المغرب منعطفا هاما يؤدي الى تحقيق المزيد من الانضباط في تناول الاتحاد الإفريقي لقضية الصحراء، بعد أن استغل خصوم المغرب غيابه لمدة 33 عاما للهيمنة على مقادير الاتحاد وفرض سيطرة الأقلية لإصدار قرارات منحازة معادية للمغرب ومتعارضة في مضمونها لقرارات مجلس الأمن.
aXA6IDMuMTQ0LjkyLjE2NSA= جزيرة ام اند امز