بعد تحريره من المليشيات.. المغرب يطلق ثورة إعمار للكركرات
في وقت ترصد فيه مليشيات البوليساريو ملايين الدولارات لتسليح عصاباتها، تنخرط المملكة المغربية في ثورة تنموية واسعة بأقاليمها الجنوبية.
وبعد التدخل السلمي لعناصر الجيش المغربي، والذي أفضى إلى تطهير معبر الكركرات من المليشيات الانفصالية التي كانت تُعرقل الحركة المدنية والتجارية، ناهيك عن القيام بالكثير من أفعال البلطجة والتخريب بالمعبر.
- الإمارات والمغرب.. علاقات استراتيجية تترجمها الأرقام
- "التيارات البحرية" تقود المغرب لاستقلال جديد.. "الصفقة الخضراء"
واستنفرت المملكة المغربية إمكاناتها المالية واللوجيستية لإعادة تأمين حركة المعبر، والشروع في إعادة ترميمه، وبعدها تنفيذ مشروع تنموي ناهض بالمنطقة.
المملكة المغربية، بقيادة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وفي إطار عنايته السامية بتنمية جميع أقاليم وجهات المملكة، من خلال تعزيز البنية التحتية، وإطلاق مشاريع واعدة، تولي نفس الأولوية للأقاليم الجنوبية للمملكة، باعتبارها جُزءاً لا يتجزأ من تُراب المملكة.
وفي هذا الصدد، وبمجرد تحرير المعبر من المليشيات الانفصالية المُسلحة، شرعت جرافات المملكة المغربية في إزالة المتاريس التي وضتها شرذمة عصابة البوليساريو لعرقلة حركة العربات والأشخاص بالمعبر، كما انخرطت في عملية ترميم واسعة للطريق الرابطة بين الصحراء المغربية وموريتانيا عبر الكركرات.
مُعطيات حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادر موثوقة، أكدت بالملموس عزم المملكة المغربية تعزيز البنيات التحتية في هذه النقطة الحدودية، تحظى بأولوية كبيرة، ليس على المستوى المغربي فقط، بل على المُستوى الإفريقي وحتى الأوروبي.
بوابة المغرب
مصادر "العين الإخبارية"، أكدت على أن هذه النقطة الصغيرة هي بوابة المغرب على قارته الأفريقية، وفي نفس الوقت هي ليست مُجرد معبر لإفريقيا نحو المملكة المغربية، بل نحو الاتحاد الأوروبي بشكل عام، خاصة وأن المغرب لا يبعد إلا بـ 14 كيلومتر، وهي المسافة الرابطة بين مدينة طنجة شمال المملكة، وجنوب إسبانيا.
وفي خطوة تُظهر التباين الكبير بين الأطروحة المغربية التي تتأسس على التعمير والتنمية في ظل الاستقرار والوحدة، والأطروحة الانفصالية التي تتأسس على التخريب والبلطجة في ظل الفوضى والتفرقة، قامت المملكة في خطوة أولى بتنظيف المعبر من مخلفات اعتصام أذناب المليشيات الانفصالية، من إطارات عجلات والأحجار وبعض النفايات والمُخلفات.
كما دشنت حملة تهدف إلى تطهير المكان من المُتلاشيات والسيارات المُعطلة المرمية منذ أشهر وبعضها منذ سنوات بعد تخلي أصحابها عنها بهذه المنطقة الحدودية الاستراتيجية، خاصة أنها تُضفي منظراً يُسيء إلى معبر بمستوى الكركرات.
من جهة أخرى، وبتعليمات سامية من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وضع مسؤولون محليون الحجر الأساس لبناء مسجد ضخم في القرية الحدودية، والذي سيكون جاهزاً خلال 12 عشر شهراً، إذ تُشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، ويُنتظر أن يُكلف غلافاً ماليا يُناهز 8.8 ملايين درهم (دولار أمريكي = 9.5 درهم مغربي).
وسيمتد هذا المشروع على مساحة قدرها 3767 متراً مُربعاً، والذي يضم قاعتين للصلاة، واحدة للرجال وأخرى مُخصصة للنساء، بالإضافة إلى قاعات مُتعددة موجهة للوضوء، بالإضافة إلى مئذنة وسكن للإمام. والذي يُؤكد حرص المملكة على تمكين المؤمنين من أداء واجباتهم الدينية في ظروف جيدة.
تنمية
وسبق هذه الخطوة خُطوات أخرى كثيرة، تورد مصادر "العين الإخبارية" أن أهمها، بناء مجموعة من الوحدات السكنية للعاملين بالمعبر، ناهيك عن فروع العديد من الشركات الدولية، والمحلات التي تُقدم مختلف الخدمات الضرورية والأساسية، سواء لعابري السبيل من مغاربة وأجانب، والمقيمين بهذه النقطة الحدودية.
وتم على مرحلتين، الأولى عام 2010 والثانية عام 2014، بناء مجموعة من الوحدات السكنية، استفادت منها المئات من الأسر، وفقاً للمعايير المعمول بها دولياً في مجال البناء والتعمير.
المملكة المغربية، ولاهتمامها البليغ بتنمية البنيات التحتية، وفقاً لتعليمات الملك محمد السادس، لا تعتزم التوقف عند هذا الحد، بل إنها تُخطط لتعزيز المنطقة بالكثير من الخدمات الأساسية، التي من شأنها إحداث ثورة تنموية بهذه المنطقة الحدودية الاستراتيجية.
وترصد المملكة غلافاً مالياً يناهز 118 ملايين درهم مغربي، للرفع من المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، وذلك في إطار مخطط عام للنهوض بإقليم أوسرد، وهو المنطقة الترابية التي يتبع لها المعبر.
طبيعة المنطقة الصحراوية، توضح مصادر "العين الإخبارية"، تجعل فاتورة الإعمار أكبر من نظيراتها في المناطق العادية، لكن المملكة على الرغم من ذلك لا تُفرق بين جهاتها، وعلى غرار تنمية الشمال والوسط، تنخرط بقوة وبقيادة رشيدة من ملك البلاد في تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وفي الأيام المُقبلة، ستشهد منطقة الكركرات مشاريع من قبيل فضاءات للراحة، كالفنادق وباحات الاستراحة، خاصة أن عدد المركبات التي تمر من المعبر بشكل يومي، يتجاوز مائتي مركبة في الاتجاهين، بعضها قادم من تخوم إفريقاً نحو المملكة المغربية أو أوروبا، والآخر في الاتجاه المقابل نحو موريتانيا وباقي دول العمق الإفريقي.
وخلصت مصادر "العين الإخبارية" إلا أن هذه المجهودات الضخمة التي تبذلها المملكة المغربية لتنمية أقاليمها الجنوبية، وما يُكلفها من موارد بشرية ولوجيستية، وأيضاً إمكانات مالية مُهمة، يعكس التوجه المغربي القائم على البناء والتنمية، وذلك في وقت ترصد عصابات البوليساريو أموالها لتمويل الأنشطة الإجرامية، وشراء الأسلحة والعتاد لنشر أللأمن في المنطقة، غير مُبالية بالأصوات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، الرافضة للعنف.