روسيا تتجه لاستنساخ تجربة الأستانة بجنيف لحل أزمة سوريا
روسيا تجهز لمنتدى إعادة إعمار سوريا وتسعى لعقد مؤتمر مصالحة في حميميم لدفع مسار جنيف
تسعى موسكو على ما يبدو لاستنساخ تجربتها في حوار الأستانة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية في جنيف.
وانصب اهتمام روسيا في الأستانة على تثبيت الوضع الأمني في مناطق خفض التوتر في سوريا، لكنها لجأت إلى فرض الوقائع على الأرض بعيدا عن مائدة الحوار الثلاثية، التي ضمت إلى جانب موسكو كل من طهران وأنقرة.
وعبر تفاهمات في القاهرة والأردن أمكن للروس من خلال مفاوضات مباشرة مع القوى المحلية تحقيق خارطة طريق الأستانة بمعزل عن العقبات التي عاقت تفعيلها في الحوار الذي استضافته العاصمة الكازاخية خلال 5 جولات.
وتشير المعلومات الواردة من سوريا إلى أن الدبلوماسية الروسية تعمل في الوقت الراهن على تثبيت حل سياسي عبر آلية مشابهة للآلية التي اعتمدتها في خفض التوتر في المناطق السورية.
روسيا الواثقة
توحي الإجراءات الروسية في سوريا بثقة الكرملين في تحقيق حل سياسي في المدى المنظور للأزمة المستعرة في سوريا منذ 6 سنوات. وأعلن مجلس الأعمال الروسي-السوري، يوم الجمعة، عن تحضير لإقامة منتدى يضم رجال أعمال سوريين وروس في روسيا بداية العالم المقبل، في إشارة على قرب التوصل لوضع سياسي يسمح بإعادة الإعمار في سوريا وجني ثمار تدخل موسكو في الأزمة.
وقال المدير التنفيذي لمجلس الأعمال الروسي السوري، لؤي يوسف، لقناة "روسيا اليوم"، إن المنتدى سيقام في فبراير/شباط المقبل، وسيضم 120 شركة من كل طرف، لافتا إلى التسهيلات التي من المقرر أن يحظى بها رجال الأعمال السوريون خلال رحلتهم.
ويهدف المنتدى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين روسيا وسوريا، وتشجيع تصدير المنتجات بين البلدين، إضافة إلى دعوة الشركات الروسية للاستثمار والمشاركة في مختلف المجالات الاقتصادية وإعادة الإعمار، حسب المسؤول السوري.
وتعكس الثقة الروسية إيمان موسكو بالقدرة على تحقيق انفراجة في مسار الحل السياسي الذي ظل يراوح مكانه منذ التوصل لمقررات جنيف1 قبل نحو 6 سنوات، وتعزز هذه الثقة إجراءات على الأرض.
هل تحل حميميم محل جنيف؟
تخشى قيادات بالمعارضة السورية من نوايا روسية كشفت عنها صحيفة "الشرق الأوسط"، للدعوة إلى مؤتمر في قاعدة حميميم يوم 29 من الشهر الجاري، بمشاركة ممثلين عن أطراف سورية مختلفة.
ويعتقد قادة المعارضة أن روسيا تريد أن تؤسس في حميميم مسارا بديلا عن جنيف ومقرراته، لافتين إلى أن التصور الورسي يقول على تسويق النموذج الاتحادي في سوريا، لكن عضو من فريق المعارضة المفاوض في جنيف (طلب عدم تعريفه) قال لـ"بوابة العين" الإخبارية إن "تلك المخاوف ليست في محلها.. أعتقد أن الروس راغبون في العودة إلى جنيف لكن هذه المرة وهم يحملون الحل وليس فقط مشروع للحل".
وأضاف أن هذه السيناريو قد جربه الروس بالفعل عندما عادوا إلى حوار الأستانة، وقد أدخلوا عمليا مناطق خفض التوتر في المناطق الأساسية في سوريا.. ربما يسعون لتكرار الأمر نفسه في جنيف".
ومن المقرر أن تنعقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف في وقت لاحق من الشهر الجاري، وسط آمال بأن تؤدي الانتصارات المتلاحقة على تنظيم داعش الإرهابي في تراجع إلحاح النظام السوري على أولوية ملف الإرهاب، ما من شأنه الدخول في صلب القضايا السياسية التي غيبت عن الجولات السابقة.
ووفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، فإن الجانب الروسي يريد استغلال قوة الوحدات الكردية على الأرض كورقة للضغط على دمشق لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحادي، لا سيما أن هذه الوحدات الكردية تضم أكثر من 70 ألف مقاتل، وتسيطر مع فصائل عربية على ثلث مساحة سوريا.
الجنوب يتأهب
كان الجنوب السوري أول المناطق التي نجحت في تثبيت أطول هدنة تشهدها سوريا منذ بدء الحرب الأهلية، والدخول رسميا في اتفاق خفض التوتر برعاية روسية أمريكية أردنية، وقبل أيام اجتمع ممثلون عن معظم فصائل محافظة درعا، وسط أنباء عن بحث تشكيل قيادة موحدة في المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
ورغم الغموض الذي أحاط بأهداف الاجتماع أشارت تقارير محلية سورية إلى أن الاجتماع يسعى على ما يبدو لتشكيل قيادة موحدة في درعا تمهيدا للمشاركة في أي مؤتمرات للتفاوض على حل سياسي.
ولم يصدر تصريح رسمي بخصوص اجتماع فصائل درعا، لكن موقع "تجمع أحرار حوران" نشر صورا لجانب من المؤتمر، دون ذكر تفاصيل حوله.
وكانت فصائل المنطقة الجنوبية اجتمعت في العاصمة الأردنية عمان، في أغسطس/آب الماضي، واتفقت على مخرجات تضمنت أفق الحل السياسي في المرحلة المقبلة.
الأكراد على الطريق
وأبدت "الإدارة الذاتية" (الكردية) في مناطق شمال شرقي سوريا استعدادا للتفاوض مع النظام السوري، بعد أيام من ترحيب دمشق بفتح ملف للنقاش حول "الحكم الذاتي".
وفي بيان للمنسقية العامة للإدارة الذاتية اعتبرت أن التصريح الأخير لوزير الخارجية، وليد المعلم خطوة إيجابية، وأكدت رغبتها "الإيجابية" في التفاوض.
وقال البيان الذي صدر أواخر الشهر الماضي إن "الرغبة (في التفاوض) ليست إلا للتأكيد على مقارباتنا السابقة والحالية والمستقبلية الهادفة إلى أن تكون سوريا المستقبل متوسعة على جميع شعوب ومكونات وثقافات سوريا بمختلف عقائدها وانتماءاتها الأولية".
وكانت دمشق قد أعلنت استعدادها للتفاوض مع الكرد على مطلبهم بإقامة "حكم ذاتي" في سوريا، لكنها رهنت بدء المفاوضات بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.
وأجرت الإدارة الذاتية انتخابات في مناطق سيطرتها أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، في أول خطوة ملموسة لتأسيس فيدرالية تسعى إلى فرضها في الشمال السوري.
ويبدو تسليم النظام السوري بإجراءات الأكراد مقدمة لإمكانية الانفتاح حول التصور الروسي لمستقبل فيدرالي في سوريا، قد يفرضه الأمر الواقع، لكن تظل إمكانية تحقيق هذه الرؤية مرهونة بالمقاومة والقوى الإقليمية، حسب مراقبين.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC41MSA=
جزيرة ام اند امز