الأزهر الشريف.. الجامع والجامعة منارة الإسلام الوسطي
"بلد الألف مئذنة"، مقولة اشتهرت بها العمارة الإسلامية في العاصمة المصرية القاهرة، ولكن الواقع الآن يشير إلى عدد أكبر بكثير.
ووفقًا لآخر إحصائية، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية في يونيو/ حزيران 2020 ارتفاع عدد المساجد الرسمية في القاهرة إلى 2475 مسجدًا، و2485 زاوية "مسجدا صغيرا".
وأعلن وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة أن عدد المساجد المصرية يتجاوز 140 ألف مسجد وزاوية، بينما يبلغ عدد المساجد الجامعة الكبيرة أكثر من 100 ألف مسجد.
ومن الأزهر وعمرو بن العاص والحسين إلى أحمد ابن طولون وصلاح الدين والحسين، تشتهر القاهرة بمساجد أيقونية تبرهن على براعة عمارتها بدءا من فتحها على يد المسلمين عام 641 / 20 هجريًا وحتى الآن.
الجامع الأزهر
بُني الجامع الأزهر في رمضان 971/ 361 هجريًا، وهو أهم مساجد مصر وأشهرها، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام، وأنشئ لنشر المذهب الشيعي على يد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله.
ورغم ذلك، أصبح الأزهر منارة الإسلام الوسطي ويدرس الدين لجميع طلاب العالم الإسلامي على المذهب السني المعتدل، وأقيمت فيه أول صلاة جمعة بتاريخ 7 رمضان 361 هجريًا، وهو أقدم آثار الفاطميين.
والجامع الأزهر هو رابع أقدم مساجد مصر، بعد جامع عمرو بن العاص الذي أنشئ عام 641/ 21 هجريًا، وجامع العسكر الذي أنشئ عام 750/ 133هجريًا، وجامع أحمد بن طولون عام 879/ 265 هجريًا.
منارة الإسلام الوسطي
وبحسب بوابة الأزهر الشريف، اختلف المؤرخون في أصل تسمية الجامع الأزهر، والرواية الراجحة هي أن الفاطميين سموه بذلك "تكريمًا وتيمنًا بالسيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم".
وعلى مر العصور، كان الجامع الأزهر شاهدًا على أحداث التاريخ في مصر، فيما يعد العصر المملوكي من أزهى وأفضل عصوره، فتبارى حكام المماليك في عنايته والاهتمام بطلابه وشيوخه وعمارته وصيانته.
وعندما خضعت مصر للدولة العثمانية، أبدى سلاطين آل عثمان احتراما كبيرا للجامع الأزهر، رغم وقوف أهله في صف المماليك في حربهم ضد العثمانيين، غير أنهم لم يهتموا كثيرًا برعاية المسجد وبعمارته.
ولأول مرة، بدأ الجامع الأزهر في تدريس علوم الفلسفة والمنطق لطلابه خلال فترة العثمانيين، وأصبح قبلة المصريين لتلقي العلوم والتفقه في أمور الدين، كما أصبح مركزًا لأكبر تجمع لعلماء مصر في تلك الفترة.
مقاومة الحملة الفرنسية
وشهد الجامع الأزهر على الحملة الفرنسية على مصر في أواخر القرن الثامن عشر، وكان مركزًا لمقاومة الغزاة الفرنسيين، وفي رحابه خرجت ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1798.
وردًا على ثورة القاهرة الأولى، دنس جنود الحملة الفرنسية الجامع الأزهر واستهدفوه بالمدافع، وألقوا المصاحف على الأرض، وسلبوا ما وجدوا من أموال الطلبة وأسروا عددًا من المشايخ وأعدموا بعضهم.
ولم يرفع الأزهر الراية أمام الهجمة الفرنسية على المسجد ومشايخه، وظل على موقفه من المقاومة، واشترك في ثورة القاهرة الثانية في 20 مارس/ آذار 1800، وكان من زعمائها من مشايخ الأزهر عمر مكرم.
وأمام استهداف الحملة للمسجد، اتفق رأي شيخ الأزهر عبدالله الشرقاوي وكبار العلماء على إيقاف الدراسة وتعطيل الصلاة فيه، فأغلقت أبوابه قرابة عام، وأعيد فتحه أمام المصلين والطلاب منتصف عام 1801.
شيخ الأزهر
ظهر منصب شيخ الأزهر لأول مرة عام 1679/ 1101 هجريًا، وكان أول مشايخه محمد الخراشي، وتعاقب على هذا المنصب 44 شيخًا من علمائه، ويشغله حاليًا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب (77 عامًا).
وفي مارس/ آذار 2018، شهد الجامع الأزهر أكبر عملية ترميم في تاريخه، وافتتح أعمال التطوير والترميم حينها كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وجاءت عملية الترميم على نفقة المملكة العربية السعودية، بناء على أمر من خادم الحرمين الشريفين، الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود؛ تقديرا منه ومن المملكة لدور الأزهر في حماية وسطية الإسلام.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز