فينجر ومورينيو.. الحرب النفسية التي غيرت علاقات المدربين في إنجلترا
تسبب البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب توتنهام الإنجليزي الحالي والمدرب السابق لعدد من فرق أوروبا، في تغيير علاقة المدربين ببعضهم البعض.
واعتاد المدربون في السنوات التي سبقت ظهور مورينيو على الساحة الأوروبية في العقد الأول من الألفية الثالثة على تبادل التصريحات المقتضبة الدبلوماسية، حين يتحدثون عن بعضهم البعض، كونهم في النهاية ينتمون لمهنة واحدة.
لكن المدرب البرتغالي أجرى تغييرات على تلك العادة، وهو ما انعكس على العديد من المدربين فيما بعد في السنوات التي تلت ذلك فيما يخص علاقاتهم بنظرائهم المدربين.
مورينيو وفينجر
الفرنسي أرسين فينجر، مدرب أرسنال السابق، كان بطل واحدة من أشهر مشادات مورينيو، حيث كان البرتغالي دائماً هو مصدر إثارة الضغائن ومشعل الفتنة.
وشهد عام 2014، في الموسم الأول من تولي مورينيو تدريب تشيلسي في الولاية الثانية، إحدى أسخن فترات هذا الصراع، عندما تحدث فينجر عن فكرة الأسلوب الدفاعي للمدرب البرتغالي، مؤكداً أنه يدافع خوفاً من الفشل في تحقيق البطولات.
وهنا رد مورينيو عليه بشكل صاعق حين قال: "يقول هذا لأنه متخصص في الفشل، والدليل على ذلك عدم تتويجه بالألقاب في السنوات الأخيرة".
والحقيقة أن المدرب الفرنسي كان هو من أطلق شرارة الصراع مع مورينيو، عندما وصفه بأنه شخص غبي، على هامش حربهما النفسية في أعوام البرتغالي الأولى في إنجلترا، والتي تزامنت مع آخر أيام الجانرز الذهبية في عهد نجميه تييري هنري ودينيس بيركامب.
وقال فينجر عن مورينيو في 2005: "هو لا يحترم النظام، وبعيد كل البعد عن الواقعية والاحترام.. حين يحصل الأغبياء على النجاح فإن ذلك يجعلهم أكثر غباء".
وأطلق المدرب البرتغالي بعدها تصريحاً مثيراً ضد نظيره الفرنسي، وذلك قبل رحيله عن تشيلسي في فترة الولاية الأولى في 2007، حين قال: "هل تعلم أن نسبة انتصارات فينجر في الدوري الإنجليزي الممتاز 50% فقط؟".
وحين قاد مورينيو ريال مدريد الإسباني في الفترة من 2010 إلى 2013، لم يسلم فينجر من لسانه، واستغل البرتغالي انتقاد الفرنسي لطرد ثنائي "الملكي" تشابي ألونسو وسيرخيو راموس ضد أياكس أمستردام الهولندي في دوري أبطال أوروبا بشكل متعمد كي يحصلا على راحة في اللقاء التالي، ليتساءل: "كيف لفريق كبير أن يفعل أمورا مثل هذه؟".
وهنا رد مورينيو: "على السيد فينجر بدلاً من الحديث عن ريال مدريد أن يجيب عن سؤال كيف خسر فريقه 0-2 في دوري أبطال أوروبا ضد فريق يشارك في البطولة لأول مرة؟".
وكان أرسنال خسر في اليوم ذاته (23 نوفمبر/تشرين الثاني 2010) بثنائية نظيفة أمام براجا البرتغالي، لحساب الجولة الخامسة من دور المجموعات، بينما فاز الريال وقتها 4-0 خارج ملعبه على أياكس.
السيرة الذاتية لفينجر
حين نشر فينجر سيرته الذاتية في عام 2020، لم يتواجد اسم المدرب البرتغالي في أي صفحة من صفحاتها رغم العديد من الخلافات والمناوشات بينهما التي وصلت لاشتباك بالأيدي في عام 2014، خلال لقاء أرسنال وتشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وحين وُجه سؤال لمورينيو عن سر تجاهل فينجر له في سيرته الذاتية، التي نشرت العام الماضي، رد: "لأنه لم يهزمني مطلقاً، كان بالأولى أن يكون هناك فصل عن مدرب واجهته 10 أو 12 مرة ولم تهزمه مطلقاً".
في مناسبة أخرى، وصف مورينيو فينجر بأنه متلصص، أو جاسوس بمعنى أصح على أفكار الآخرين، حيث قال: "هو مثل هؤلاء الأشخاص الذين يستخدمون منظارا داخل منازلهم ليشاهدوا ما الذي يحدث في البيوت الأخرى، هو طوال الوقت يتحدث عن تشيلسي".
وفي مناسبة أخرى قال: "لدينا في ستامفورد بريدج (معقل تشيلسي) ملفات من الأوراق مكتوب فيها ما قاله فينجر عن تشيلسي في آخر 12 شهرا، هو ليس ملفا من 5 ورقات لا من 120 ورقة"، في إشارة لاتهام فينجر الدائم بالحديث عن البلوز.
في النهاية ورغم كل ذلك أكد مورينيو احترامه لفينجر ووصفه بأنه أحد أذكى المدربين في تاريخ اللعبة، واصفاً إياه بـ"العدو الجيد"، ومؤكداً على استمتاعه بالتنافس معه على مدار السنوات التي خلت.
لكن مورينيو نفسه دخل في العديد المناوشات مع العديد من المدربين فيما بعد، فلم يسلم منه مدربون مثل الإسباني جوسيب جوارديولا، إبان توليه تدريب برشلونة، أو مواطنه رافائيل بينيتيز سواء في فترة تدريب ليفربول أو بعد ذلك، وكذا التشيلي مانويل بيليجريني.
لكن فكرة الهجوم المتبادل بين المدربين بعد صراع فينجر ومورينيو تحولت لجزء من اللعبة النفسية وظهرت في أكثر من صراع آخر.
بينيتيز نفسه انتقد تصريحات للسير أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد الأسطوري في موسم 2008-2009 قبل مواجهة بين الفريقين.
آلان باردو، المدرب السابق لفريق نيوكاسل يونايتد، دخل كذلك مع فيرجي في حرب كلامية في موسم 2012-2013، آخر مواسم السير في عالم التدريب، ليبقى ما صنعه صراع مورينيو وفينجر فكرة لا تموت في خلافات المدربين العلنية.