بالصور.. انطلاق تصوير فيلم عن الشخصية التاريخية الجزائرية أحمد باي
الفيلم يصور في المدينة السينمائية بالجزائر العاصمة، ويخرجه جمال شورجة، ويؤدي دور البطولة الممثل الجزائري أحمد الزاوي.
أعطيت هذا الأسبوع إشارة انطلاق تصوير فيلم تاريخي جزائري جديد عن إحدى أبرز الشخصيات التاريخية الجزائرية المقاومة للاحتلال الفرنسي للجزائر، وهو "أحمد باي" قائد أطول مقاومة شعبية ضد المستعمر الفرنسي، والتي دامت 18 عاما (1830 – 1848).
- الجزائر ولبنان وتونس تحصد جوائز "الوهر الذهبي" في ختام مهرجان وهران
- ضربة للدراما الجزائرية.. وقف تصوير أضخم مسلسلين "لأسباب مالية"
ويصور الفيلم في المدينة السينمائية الجزائرية بالمركز الوطني لتطوير السينما الواقع في منطقة "العاشور" بالجزائر العاصمة، والتي شهدت تصوير أول فيلم عن حياة العلامة الجزائرية عبدالحميد بن باديس، وفيلم "أحمد باي" يعتبر ثاني فيلم يصور في هذه المدينة السينمائية.
حيث صممت ديكورات تنسجم مع فترة حكم "أحمد باي" للشرق الجزائري من مدينة "قسنطينة" خلال الفترة العثمانية، إلى غاية دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر ووصوله إلى قسنطينة التي استولى عليها سنة 1837، والتي تعود بالمشاهد إلى السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي ومقاومة أحمد باي.
وحملت ديكورات الفيلم لمسة جزائرية مميزة، من خلال إبراز الطراز العمراني القديم لمدينة قسنطينة العريقة الواقعة شرق الجزائر، مع إكسسورات جزائرية أخرى.
الفيلم يخرجه جمال شورجة، وسيناريو وحوار الجزائري رابح ظريف، يؤدي دور أحمد باي في الفيلم الممثل الجزائري أحمد الزاوي، ويشارك فيه نخبة من الممثلين الجزائريين من بينهم مراد خان، وعبدالباسط بن خليفة، وأحمد دحام، وغيرهم.
ويأمل المتابعون للمشهد السينمائي في الجزائر أن يشكل الفيلم الجديد إضافة نوعية للسينما التاريخية الجزائرية التي أبهرت عالمياً سنوات السبعينيات، خصوصاً في ظل "تهميش" شخصيات تاريخية كما يقول النقاد السينمائيون، وعدم إعطائها حقها سينمائياً على غرار شخصية أحمد باي، التي حاربت الاستعمار الفرنسي بعد دخوله ورفضت كل إغراءاته.
من هو أحمد باي؟
ولد أحمد باي عام 1786 بمدينة قسنطينة الجزائرية، واسمه الكامل أحمد محمد الشريف بن أحمد القُلي، عُيّن حاكماً أو "باياً" على منطقة الشرق الجزائري أو كما كانت تسمى "بايلك الشرق" عام 1826 في عهد حاكم الجزائر الداي حسين.
- لالَّة فاطمة نسومر.. الجزائرية التي قهرت الاستعمار الفرنسي
- "مليانة" الجزائرية.. زارها ابن بطوطة وعشقها الإدريسي
يعرف عن أحمد باي أنه حفظ القرآن الكريم في صغره، وتدرب منذ صباه على ركوب الخيل وفنون القتال، ليصبح أحد أشهر وأقوى الفرسان في ذلك الوقت.
بعد دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر سنة 1830، كان أحمد باي من الأوائل الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي، وشاهداً على سقوط الجزائر، حيث قاد جيشاً من قسنطينة إلى الجزائر العاصمة، وأرسل بعضاً منه إلى ميناء عنابة (شرق الجزائر) لتحصينه.
استسلام حاكم الجزائر الداي حسين لسلطات الاستعمار الفرنسي بعد سقوط الجزائر العاصمة، جعل أحمد باي يعود إلى قسنطينة للتحضير لمقاومة شعبية شرسة ضد المستعمر الفرنسي، واتخذ من قسنطينة عاصمة لمقاومته، بعد أن انضمت له كثير من قبائل الشرق الجزائري.
في هذه الأثناء، تلقى أحمد باي رسالة من قائد الحملة الفرنسية الجنرال "دي بورمون" يطلب فيها منه أن يوقع على معاهدة الاستسلام، وعرض عليه اعتراف فرنسا به "باياً للشرق الجزائري" مقابل اعترافه بالوجود الفرنسي ودفع الجزية لهم.
جاء رد أحمد باي متحدياً للفرنسيين، ورفض إغراءاتهم، ورد على الطلب الفرنسي في رسالة جاء فيها "من الأمة المحافظة على شرفها وبلدها إلى العسكر الفرنسي المعتدي على حقوق غيره.. قد وصلتنا رسائلكم وفهمنا ما ذكرتموه فيها، نعم إن مركزي أمسى في خطر عظيم، لكن استيلائكم على قسنطينة المحمية بالأبطال العرب الذي لا يهابون الموت متوقف على آخر واحد منهم، واعلموا أن الموت عندنا تحت أسوار بلدتنا أحسن من حياتنا تحت سلطة فرنسا".
أثبتت فترة مقاومة أحمد باي للفرنسيين ما ذكرته عديد الروايات التاريخية، بأن "الدولة العثمانية سلمت الجزائر لفرنسا على طبق من ذهب"، واستمرت "خيانة الباب العالي" للجزائر في تلك الفترة، حيث رفض السلطان العثماني الاعتراف به والياً على الجزائر وإمداده بالمساعدات العسكرية لقتال الفرنسيين كما ذكرت دراسات تاريخية، وكان رد السلطان العثماني في كل مرة "عليكم بالصبر والإيمان".
وذكر مؤرخون أن السلطان العثماني رد على إحدى محاولات أحمد باي الاستنجاد بالدولة العثمانية بالقول: "السلطان في حالة سلم مع الدول المسيحية ولا يمكنه إعلان الحرب على فرنسا بسبب قضية الجزائر، أو بالأحرى قضية قسنطينة ولكنه طلب من الحاج أحمد أن يستمر في نضاله ضد الفرنسيين وألا يوقع أي صلح معهم إلا بعد مشاورته".
انتصار أحمد باي على الفرنسيين عام 1836، جعل السلطان العثماني يوافق على طلبه بإرسال 4 سفن حربية محملة بالجنود والمدفعية إلى تونس عام 1836، لكن بعد تآمر الجنرال الفرنسي "كلوزيل" مع "باي تونس"، جعل الأخير يرفض تسليم المدافع والجنود لأحمد باي.
فهم أحمد باي أن مصير الجزائر بات بيده وبيد الأمير عبدالقادر، قائد المقاومة في غرب الجزائر، فبنى المزيد من الخنادق والثكنات داخل قسنطينة وعلى محيطها، وأمر بتجنيد الرجال في جيش نظامي، وعمل على توحيد الجزائريين لمواجهة العدو المشترك.
وبعد أن قاد المقاومة الشعبية في معركتي قسنطينة الأولى في 1836 والثانية في 1837، انتهت مقاومة أحمد باي للاحتلال الفرنسي في 5 يونيو 1848، وقبل الاستسلام بعد أن تقدم في السن، وقل أنصاره وموارده المالية، وكثر المتآمرون عليه من داخل الجزائر وخارجها، ليفرض عليه الاستعمار الفرنسي الإقامة الجبرية في الجزائر العاصمة بعد أن رفضت طلبه بالمغادرة إلى بلد إسلامي، إلى أن توفي سنة 1850.
aXA6IDMuMTQyLjEyNC4xMTkg
جزيرة ام اند امز