مفتي مصر في مؤتمر المجتمعات المسلمة: الرسول أرسى مبدأ المواطنة
حضور المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة يتوجه بالشكر إلى الإمارات على تنظيمها المؤتمر، وكل من أسهم ودعا إلى هذه الأفكار النبيلة.
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي جمهورية مصر العربية، أن مبدأ المواطنة أرساه الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونشره الصحابة.
جاء ذلك في الجلسة الثانية للمؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة، التي أقيمت الثلاثاء في أبوظبي، بعنوان "من فقه الضرورة إلى فقه المواطنة: خطوات تأسيسية لفقه التعارف"، بمشاركة كل من د.رضوان السيد، مفكر وأكاديمي في جامعة لبنان قسم الفلسفة والشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وإبراهيم نجم مستشار مفتي جمهورية مصر العربية، ود.محمد غلبان، من جامعة القاضي عياض بالمغرب، وآيدين بوستانجي، أكاديمي في دار الإفتاء باليونان.
وتوجه علام بالشكر إلى دولة الإمارات على تنظيمها هذا المؤتمر، كما توجه بالشكر إلى كل من أسهم ودعا إلى هذه الأفكار النبيلة لإيجاد السكينة بين المسلمين وغيرهم.
وأضاف: "نحن أمة بناء، نحن أمة سلام ونحن نبلغ رسالة رسولنا محمد، فمبدأ المواطنة أرساه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ونشره الصحابة"، مؤكداً أن فقه التعايش كرسالة هو الأساس وحالة الاختيار لا الضرورة كانت مستقرة لدى الصحابة.
وتابع: "يرى البعض أننا نعيش اليوم حالة فقه الضرورة لما يواجه المجتمعات المسلمة من تهميش في المجتمعات التي يعيشون بها، ومعاً سنتعرف مدى صحة ذلك وسبل التعايش".
وتحدث الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، عن "وثيقة المدينة المنورة"، التي وضعها الرسول، وكانت بمثابة دستور للمواطنة وتحدث فيها عن حقوق الأنصار والمهاجرين في المدينة المنورة، وكيف وادع الرسول صلّى الله عليه وسلم، اليهود، وكيف كانت تلك الوثيقة دستورا يحكم جميع العلاقات بين سكان المدينة المنورة بمختلف أديانهم ومعتقداهم وجنسياتهم، لافتاً إلى أن أفضل دليل على تسامح الدين الإسلامي وجود أقليات يهودية ومسيحية في البلدان الإسلامية حصلوا على كامل حقوقهم.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء السعودية، أن الحرية هي اللبنة الأولى لإصلاح التفكير، فالدين النصيحة.
وفي ورقة بحثية بعنوان "فقه المواطنة للمسلمين في بلاد الغرب: عوائق التأسيس وسبل الترسيخ"، تحدث د.محمد غلبان، من جامعة القاضي عياض بالمغرب، عن إدراك الأمور المطلوبة للمواطنة والبعد عن الفهم السطحي للأمور وإدراك المعاني الدقيقة المتعلقة بأوضاع المسلمين خارج العالم الإسلامي.
وأكد غلبان، أن الوجود الإسلامي في بلاد الغرب بدأ يفرض على أبناء هذه الدول التعاون لتأسيس فقه المواطنة لأبناء الجاليات المسلمة في الغرب، لافتاً إلى خطورة المفاهيم المغلوطة والمصطلحات السلبية وتأثيرها على العقول.
وأوضح أن التشبث بفقه الضرورة من المصطلحات الخاطئة المنتشرة بين المجتمعات المسلمة، إلى جانب الجهل بمفهوم الولاء للوطن وكونه لا ينافي أبداً الولاء للعقيدة وكره الآخر، والبعد عن المواطنة الإيجابية، لافتا إلى أنه لا يجوز استجلاب الماضي لمحاكمة الحاضر، فالسبيل الاجتهادي العلمي واعتماد تغير الفتوى بتغير المكان والزمن ضرورة.
ودعا د. رضوان السيد إلى ترك السياسات الانعزالية التي تتبناها بعض المجتمعات المسلمة، موضحاً أن تلك السياسات أهلكت الإسلام قبل 200 عام، فالإسلام دين عالمي لا يحصر نفسه في جماعة بعينها.
وأوضح كيف أسهم سوء التفاهم بين المسلمين ومجتمعاتهم في بدايات الهجرة في توسيع الفجوة والانعزال، مضيفاً: "نحتاج إلى عملية تصحيح كبرى في علاقتنا بالعالم، فالتعارف فلسفة الإسلام والإنسانية، وآن الأوان أن نعمل جميعا على جلب المصالح والأمر بالمعروف، ولا عيش لنا في العالم دون ثقافة المواطنة".
ويشارك في المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة الذي انطلق الثلاثاء في أبوظبي تحت شعار "الفرص والتحديات"، أكثر من 600 مشارك من علماء دين وباحثين وشخصيات رسمية وثقافية وسياسية يمثلون أكثر من 150 دولة.
ويعد المؤتمر الذي يقام تحت رعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي، ويستمر يومين، منصة عالمية للتواصل بين قيادات المجتمعات المسلمة، في كل من كمبوديا وسيريلانكا وروسيا وبريطانيا ودول البلقان وغيرها، ومجموعة من النواب المسلمين من جنوب أفريقيا ونيجيريا وإريتريا والبرلمان الأوروبي ومن دول آسيا والأمريكتين.
ويهدف إلى مد جسور التعاون بين قيادات المجتمعات المسلمة حول العالم، وتفعيل دورها الحضاري والحفاظ على أمنها الفكري والروحي وتحقيق العيش السليم المشترك، من خلال أكثر من 60 بحثاً للتعاون وتفعيل المواثيق الدولية خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق المدنية للأقليات، الأمر الذي يسهم في تحقيق الأمن العالمي.
ويتصدر تفعيل الدبلوماسية الدينية أجندة المؤتمر، لدورها الكبير في فض النزاعات والحروب والفتن، ومواجهة تيارات العنف والكراهية بما يعزز الحوار بين الشعوب.
وترتكز رؤية المؤتمر على تحقيق المشهد الحضاري للمجتمعات المسلمة من خلال التفاعل الإيجابي مع باقي مكونات مجتمعاتها وتعزيز منظومة المواطنة والاعتزاز بالانتماء الوطني.
وكانت اللجنة المنظمة للمؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة، برئاسة الدكتور علي راشد النعيمي، أعلنت في 16 أبريل/نيسان الماضي، من خلال مؤتمر صحفي عن إطلاق المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ومقره العاصمة الإماراتية أبوظبي، ليمثل الغطاء القانوني والشرعي للمسلمين في مختلف أرجاء العالم.