بالأرقام.. إيران دولة القمع.. أذرع أمن الملالي وإرهاب الشعب
النظام القمعي في إيران معقد ومتشابك، إلا أن هدفه الأساسي ليس الحفاظ على الأمن، بل على استمرارية نظام الملالي على حساب الإيرانيين أنفسهم
في مواجهة احتجاجات إيران ضد فساد وفشل نظام الملالي في تسيير أمور الشعب لحساب طموحات توسعية غير واقعية أو شرعية، اتبع الملالي نمطا قمعيا ممنهجا لإسكات الأصوات التي تطالب بالإصلاح، وذلك عبر عدة أذرع أمنية تقوم بخنق الشعب الإيراني بشتى السبل.
وتتألف الأذرع القمعية التابعة للملالي من الشرطة، ومرتزقة يستعين بهم النظام، إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني بأفرعه، إضافة الى أجهزة أمنية أخرى، ولفهم مدى وقوة الاحتياجات في إيران لابد من النظر في التركيبة الأمنية للنظام الإيراني في محاولاته المستميتة لإسكات وقمع الشعب الإيراني المطالب بحقه في الحياة الكريمة.
شرطة ومليشيات
الفروع الأمنية والعسكرية والقضائية الرئيسية للأجهزة القمعية الإيرانية تتكون من الشرطة "ناجا"، ومجموعة من المرتزقة التابعين للنظام "الباسيج" والحرس الثوري الإيراني، حيث تخضع الشرطة لسيطرة وزارة الداخلية التي تتبع الرئيس الإيراني مباشرة بحسب الدستور، إلا أن رئيس الشرطة يتم تعيينه من قبل المرشد، الذي يحد بشكل كبير من سلطة وزير الداخلية، خصوصا فيما يتعلق باللوجستيات والمعدات والدعم.
ويتراوح عدد الشرطة الإيرانية "ناجا" الإجمالي بين 100 و200 ألف فرد، إضافة إلى 100 ألف شخص آخر يعملون في منظمات تابعة للشرطة مثل "مكتب الخدمات الإلكترونية الشرطية" أو "يليس" إضافة إلى 41 ألف موظف تابعين للشرطة منتشرين في شركات الحماية والمراقبة التي تتولى التجسس على المواطنين في المدن الإيرانية.
إلا أن القوات النظامية ليست كفاية لفرض القبضة الحديدية التابعة للملالي داخل إيران، ولهذا قامت إيران بإنشاء مجموعة من المرتزقة أو المليشيا داخل إيران تدعى "الباسيج"، وهي تُعَد بحسب العديد من الخبراء الأمنيين أكبر مليشيا في العالم، بواقع 5 ملايين عضو موزعين على 24 فرعا داخل إيران، ويتم تقسيمهم إلى 4 فئات رئيسية هي الفئة العادية، والنشطة، والكوادر والفئة الخاصة.
وتشكل "الباسيج" شبكة عنقودية تتداخل مع الشرطة والحرس الثوري الإيراني لقمع أي محاولات للاحتجاج بشكل فوري؛ حيث تتوزع تلك المليشيا في أكثر من 50 ألف قاعدة موزعة حول المدن الإيرانية، إلا أن المحرك الرئيسي لتلك القوات هو الحرس الثوري الإيراني.
الرأس المدبر لنظام القمع داخل إيران هو الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعَد نظاما أمنيا غير مركزي للعمل بشكل مستقل، على الرغم من وجود 10 مقرات إقليمية له في مختلف أرجاء إيران، وتتعامل قواته بسلطة أكثر من كل من الشرطة والباسيج مجتمعين، حيث يتم تدريبهم بشكل عسكري على استخدام الأسلحة والدراجات النارية لقمع المظاهرات.
ويقوم كل من الشرطة والباسيج بتقديم تقارير دورية عن الأحوال الأمنية داخل إيران؛ حيث إن الحرس الثوري الإيراني يقوم بشكل أساسي بوأد أي تظاهرات أو احتجاجات داخل إيران، أو خارجية في المناطق التي لها وجود ملحوظ فيها مثل العراق ولبنان.
دولة بوليسية متكاملة الأركان
لدى نظام الملالي أكثر من 17 جهازا أمنيا مختلفا، تشرف عليها 3 هيئات رئيسية تقوم بمهمة الاستخبارات الداخلية وهي: وزارة الاستخبارات الإيرانية، وجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني، وهيئة تدعى شرطة الاستخبارات والأمن العام أو "يافا".
وتتغلغل تلك الأجهزة داخل المجتمع الإيراني من خلال شبكتين رئيسيتين هما: تنظيم "حراسات" وجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني؛ حيث تم إنشاء شبكات في جميع المنظمات المدنية والجامعات في أنحاء إيران، وذلك لرصد أي بوادر للاحتجاجات المحتملة في المدن الإيرانية.
ووفقا لتقارير استخباراتية دولية، يقوم القائمون على تنظيم "حراسات" بمراقبة الموظفين والطلاب والأستاذة الجامعيين عن طريق رصد الاتصالات والدفع بمخبرين لمراقبة تحركاتهم ويصل الأمر إلى التأثير في إجراءات التوظيف والفصل من الخدمة.
وتشكّل السلطة القضائية جزءا رئيسيا آخر من جهاز القمع الإيراني، وبالإضافة إلى المحاكم العامة، يشمل النظام محكمتين رئيسيتين خارج نطاق الدستور، وهما: المحكمة الخاصة لرجال الدين، المسؤولة عن ترهيب رجال الدين المعارضين وإسكاتهم، والمحاكم الثورية الإيرانية التي تحاكم تهما سياسية مثل ترويج المعارضة ضد النظام.
ولطالما عملت هذه المحاكم على قمع المظاهرات، بما في ذلك أعمال الشغب التي وقعت في مدينتي مشهد وشيراز عام 1992 والتي حكم فيها على بعض المتظاهرين بالإعدام في محاكمات سريعة، و"الحركة الخضراء" عام 2009 التي حُكم فيها على الناشطين بالسجن لفترات طويلة.
تكتيكات قمعية
على الرغم من أن تلك الهيئات القمعية تعمل معا لإبقاء نظام الملالي في السلطة؛ فإن مهامها تختلف بحسب الحالة الأمنية السائدة في إيران؛ حيث يتم تكليفها بواحد من أصل 4 مؤشرات للحالة الأمنية وهي: البيضاء، التي ترتبط بحالة النظام العام العادي داخل إيران، والرمادية التي يتم إعلانها عند اندلاع احتجاجات سلمية، والصفراء التي يبدأ فيها المتظاهرون بالقيام بأعمال عنف، والحمراء التي تعني أن هناك ثورة مسلحة واسعة النطاق ضد نظام الملالي.
ولطالما تميّز أعضاء الجهاز القمعي الإيراني بحماسهم في قمع المتظاهرين، ولتجنيد أفراد عسكريين تابعين لـ"ناجا" وأجهزة مماثلة، كان النظام يستمد من "الباسيج" ولسنوات طويلة الأفراد الذين غالبا ما ينحدرون من الأسر التقليدية من الطبقتين الدنيا والوسطى الدنيا، من ذوي المستوى الثقافي الأدنى.
ومنذ عام 2000، تم تجنيد جميع أعضاء "الحرس الثوري" من الأسر الراسخة لـ"الباسيج" والحرس الثوري، وتعتمد الشرطة اليوم الاتجاه نفسه، ووفقا لرئيس "ناجا"، فإن أكثر من 80% من أفراد الشرطة الجدد الذين تم تعيينهم في عام 2007 تم اختيارهم من "الباسيج"، وقد تعهد الجهاز في عام 2011 بزيادة هذا العدد إلى 100 %.
وبالنسبة لجهاز الأمن، بما في ذلك وزارة الاستخبارات وجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري، فهو يجنّد بشكل رئيسي الأفراد من المدارس الدينية، مع أنه يستمد أيضا الأفراد من "الباسيج" في بعض الأحيان.