نظام إيران على خطى الاتحاد السوفيتي.. "بيريسترويكا" الانهيار
محللون أكدوا أن النظام الإيراني يسير بخطى حثيثة نحو الانهيار رغم الصورة المغلوطة التي يحاول تسويقها حول حقيقة الوضع عقب الاحتجاجات.
رغم الصورة المغلوطة التي يحاول النظام الإيراني تسويقها حول حقيقة الوضع في خضم الاحتجاجات ضده، إلا أن محللين يجزمون بأن النظام يسير بخطى حثيثة نحو الانهيار، على غرار الاتحاد السوفيتي.
مسار الانهيار
المظاهرات المندلعة في إيران منذ أكثر من 10 أيام، تحمل مؤشرات أخطر بكثير مما تبدو عليه في الظاهر، وتنبئ بأن النظام دخل في حالة "موت سريري"، رغم جميع محاولاته تصدير صورة "المتماسك" والقادر على صنع بداية جديدة قائمة على إعادة هيكلة بعض القطاعات الاقتصادية، أو ما يعرف بـ"البيريسترويكا".
إحداثيات تبدو شبيهة إلى حد كبير بمسار الانهيار الذي شهده الاتحاد السوفيتي سابقا، والذي بدأ يسقط مع "البيريسترويكا" في 1987، ما يبدو شبيها إلى حد كبير مع ما يحدث اليوم في إيران.
و"البيريسترويكا" أو "إعادة البناء" هي برنامج للإصلاحات الاقتصادية أطلقه رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، لإعادة بناء الاقتصاد المحلي، وأرفقه باستراتيجية "جلاسنوست" أو الشفافية، وهو ما قاد نحو انهيار الاتحاد وتفككه عام 1991.
مسار انهيار يقول مراقبون إن ملامحه اكتملت في إيران، في وقت أدى فيه التوسع الإيراني المباشر بكل من سوريا واليمن والعراق والبحرين، إلى صدام بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مع محيطه الإقليمي المباشر. كما أدى إلى إنفاق مليارات الدولارات من أجل افتعال النزاعات وتأجيج النعرات الطائفية، وجعل النظام يصطدم في مرحلة تالية بشعبه.
اعتراف داخلي بقرب التفكك
أضرار بالغة لحقت الاقتصاد الإيراني جراء مغامرات غير محسوبة للنظام، كان لابد وأن تفجر خلافات داخلية حادة، دفعت رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، للقول: "لا ينبغي أن ندفع البلاد إلى الهاوية بأنفسنا، ونتسبب في دمارها وتفككها".
وفي الواقع، فإن النهج التوسعي لطهران على حساب إهمال الداخل، يفرض بديهة الارتدادات التي تشهدها البلاد حاليا على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذي سبق وأن حذّر منه القائد العام الأسبق لقوات الحرس الثوري، محسن رضائي.
وكالة الأنباء الإيرانية "مهرا"، نقلت عن رضائي قوله إن صورة النظام الخارجية "قد تكون قوية جدا، لكن النظام قد يتآكل ويتجه نحو التفكك والانهيار والتقسيم".
رضائي اعترف، في ذات الصدد، بأن النظام في بلاده مهدد بالانهيار، وذلك حتى قبل اندلاع موجة الاحتجاجات الراهنة، والتي تؤشر لبداية مسار الانهيار، وفق محللين.
انهيار قال رضائي إنه نتاج لعدة أسباب، في مقدمتها الفساد والفقر والبطالة المتفاقمة، ولكن أيضا "عدم كفاءة بعض الأشخاص لتولي المناصب المهمة والعليا بالبلاد". ومضى رضائي إلى حد وصف تلك الإشكالات بـ "الموقوتة التي ستنفجر قريبًا في حال لم يتم التصدي لها ومعالجتها في أقرب وقت".
أخطاء الماضي والحاضر
في عهد الدولة الصفوية، كانت إيران في ذروة توسعها الخارجي، وهو الحنين الذي يرجح محللون أنه لا يزال حتى اليوم يكبّل طهران، ويورثها أحلام استعادة أمجاد الماضي، في حال يمكن الاصطلاح على المساعي الاستعمارية بـ"الأمجاد".
والصفويون هم آل صفويان، وهم سلالة من الشاهات حكمت إيران من 1501 حتى استيلاء الدولة الهوتاكية الأفغانية على بلاد فارس، وسقوط سلطتهم في 1722، قبل أن يستردوها ثانية بين 1729 و1736.
توسّعٌ قاد تلك الدولة إلى تآكلها تماما من الداخل، قبل أن تنهار نهائيا، ثم فقدت إيران نصف أراضيها في الحقبة القاجارية (1794- 1925)، وفق رضائي الذي حذر من مغبة تجاهل الداخل.
الداخل الإيراني
هذا الامتداد الذي يضم ملفات شائكة، بعضها طفا إلى السطح، والبعض الآخر، تبذل طهران جهودا خرافية لإخفائه عن الإعلام الدولي أو حتى عن الشعب، ما يشكّل بالفعل "قنابل موقوتة" قابلة للانفجار في كل لحظة، ولعل ما يحدث حاليا هو انفجار لإحداها.
ففي إيران، يعيش الشعب تراكمات خلقت جليدا سميكا بينه وبين النظام، أغلق قنوات التواصل بينهما، لتتخذ جملة الإشكالات القائمة طابعا هيكليا ينذر بمخاطر أكبر، علاوة على العديد من الملفات.