إيوالد فون كلايست «عدو هتلر».. من هو مؤسس مؤتمر ميونخ للأمن؟
"شرب من روح مدينة ميونخ وشارك في مؤامرة كبرى لقتل أدولف هتلر، قبل أن يبحر في عالم الدراسات الأمنية والأوروبية".
إنه إيوالد هاينريش فون كلايست مؤسس مؤتمر ميونخ للأمن قبل 60 عاما، الجندي الألماني السابق الذي سار عكس عائلته حتى سقطت بين يديه خطة لقتل الزعيم النازي أدولف هتلر.
فون كلايست المولود في 10 يوليو/تموز 1922 في منزل عائلته بـ"شمينزين" في بوميرانيا الحدودية بين بولندا وألمانيا، وكانت عائلته بمثابة سلسلة من ملاك الأراضي البروسيين (نسبة لمملكة بروسيا السابقة)، الذين خدموا الدولة لعدة قرون في مناصب عسكرية وإدارية رفيعة المستوى.
وكان والد فون كلايست، إيوالد فون كلايست، من أوائل المعارضين لهتلر حتى قبل وصوله إلى السلطة، وجرى اعتقاله عدة مرات بعد سيطرة الزعيم النازي على السلطة في عام 1933.
وعلى الرغم من معارضة عائلته للنازيين، انضم فون كلايست إلى الجيش الألماني في عام 1940، وأصيب في عام 1943 أثناء القتال على الجبهة الشرقية.
وأثناء فترة النقاهة اتصل به الكولونيل كلاوس فون شتاوفنبرج، وهو ضابط آخر من عائلة أرستقراطية، في يناير/كانون الثاني 1944، وعرض عليه خطة لقتل هتلر.
وجرى اختيار فون كلايست ليكون الضابط الذي يصمم زيا جديدا لهتلر، واقترح فون شتاوفنبيرغ أن يرتدي سترة ناسفة لحظة مقابلة الزعيم، ويفجرها عندما يقف بجانبه.
وبصفته ملازما في الجيش الألماني يبلغ من العمر 22 عاما، تطوع كلايست بارتداء السترة الناسفة أثناء لقاء مع أدولف هتلر ومحاولة تفجير نفسه مع الديكتاتور النازي.
ولم تؤت خطة الهجوم الانتحاري ثمارها، لكن بعد سنوات تذكر فون كلايست لحظة شرحه الخطة لوالده قبل تنفيذها، ولم يكن من الأخير إلا الصمت لدقائق قبل أن يقول لابنه "نعم، عليك أن تفعل هذا"، وفق رواية مؤسس مؤتمر ميونخ.
وبعد أشهر من فشل المحاولة الأولى لاغتيال هتلر، تواصل فون شتاوفنبرغ مرة أخرى بفون كلايست، للمشاركة فيما أصبح يعرف باسم مؤامرة 20 يوليو/تموز للانقلاب على الزعيم النازي، والتي عُرضت على الشاشة الكبيرة في عام 2008 تحت اسم "Valkyrie"، لعب بطولته توم كروز.
كان من المفترض أن يلعب فون كلايست دورا رئيسيا باعتباره الشخص الذي سيحمل حقيبة مليئة بالمتفجرات ويتركها في مقر اجتماع هتلر بقيادات نظامه، لكن تغيرت الخطة قبل التنفيذ.
إذ تولى فون شتاوفنبرغ وضع الحقيبة في غرفة الاجتماعات حيث كان هتلر يجتمع مع مساعديه ومستشاريه العسكريين في مقره في شرق بروسيا.
ونجا هتلر من القوة الكاملة للانفجار عندما قام شخص ما بتحريك الحقيبة بجوار ساق الطاولة، مما أدى إلى انحراف الكثير من القوة الانفجارية.
أما دور فون كلايست في العملية فتمثل في بقائه في برلين مكلفا بالإشراف على اعتقال الضباط والمسؤولين الموالين لهتلر في المدينة، ولكن عندما انتشرت الأخبار عن نجاة هتلر، انهار المخطط الانقلابي وجرى القبض على فون شتاوفنبرغ، ووالد فون كلايست، وعشرات آخرين، وإعدامهم في موجة من عمليات القتل الانتقامي.
كما ألقي القبض على فون كلايست نفسه، واستجوبه جهاز الأمن الداخلي مطولاً، لكنه تركه بعد ذلك لسبب غير مفهوم وعاد إلى الخدمة في الجيش.
وبعد الحرب، أسس فون كلايست دار نشر إيوالد فون كلايست، وانخرط في التثقيف العام حول القضايا الأمنية والعلاقات عبر الأطلسي.
وأسس، في عام 1952، جمعية شؤون الدفاع المستقلة المعروفة باسم جمعية الدراسات العسكرية، ومجلة الدراسات العسكرية الأوروبية في عام 1954.
وفي عام 1963، أسس ما أصبح اليوم مؤتمر ميونخ الأمني، وهو المنتدى الذي لا يزال يجمع كبار الدبلوماسيين ومسؤولي الدفاع في العالم، في إطار غير رسمي للمحادثات حول سياسة الأمن العالمية، ويعتبر منذ فترة طويلة المؤتمر الأبرز عالميا.
وعمل فون كلايست مديراً للمؤتمر حتى عام 1998، قبل أن يسلمه إلى هورست تيلتشيك، مستشار السياسة الخارجية للمستشار الألماني السابق هيلموت كول لفترة طويلة.
وتقديراً لجهوده في قيادة مؤتمر ميونخ الأمني حصل فون كلايست على وسام وزارة الدفاع الأمريكية للخدمة العامة المتميزة، في عام 1991، وهو أعلى وسام يمنح للمدنيين.
وتشمل الأوسمة الأخرى التي حصل عليها وسام الاستحقاق الفيدرالي الألماني، ووسام جوقة الشرف من فرنسا.
وتوفي فون كلايست، في 8 مارس/آذار 2023، عن عمر يناهز 90 عاما في منزله بميونخ.
aXA6IDE4LjExOC4zNy44NSA= جزيرة ام اند امز