مقتل نزار بنات.. عباس وسلطته في أزمة

بعد 5 أيام من مقتل الناشط السياسي الفلسطيني نزار بنات، لا تزال حالة من الاحتقان والاتهامات تسيطر على المشهد الفلسطيني.

وبين تجدد التظاهرات والقمع الأمني، تتفاعل التطورات الميدانية في الضفة الغربية، وسط إدانات فصائلية وحقوقية، وحراك فتحاوي مناهض ومتخوف من "مؤامرة على الشرعية الفلسطينية".

وكان مقتل الناشط السياسي نزار بنات بعد أقل من ساعتين على اعتقال الأمن الفلسطيني له فجر الخميس الماضي بمدينة الخليل في جنوبي الضفة الغربية فجر احتجاجات فلسطينية غاضبة لا تزال مستمرة.

• أمن السلطة يعتدي مجددا على فلسطينيين في رام الله وبيت لحم
• الناشط الفلسطيني نزار بنات.. "وفاة" تفجر الغضب ضد السلطة

علاقات مأزمة

ويوضح نهاد أبوغوش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أن "العلاقات الفلسطينية الداخلية أصلا مأزومة ولا سيما من بعد تأجيل الانتخابات والحرب على غزة وموضوع اللقاحات وسوء الإدارة".

 وقال أبوغويش لـ"العين الإخبارية": "لا شك أن كل ذلك وغيره يلقي بظلال قاتمة جدا على الواقع الداخلي المعقد.. ما زاد الطين بلة أن الاحتجاجات على مقتل نزار بنات قوبلت بقمع غير مبرر".

وأصيب عدد من الصحفيين والمواطنين، واعتقل آخرون بعدما استخدمت القوى الأمنية الفلسطينية القوة المفرطة في قمع تظاهرات منددة بمقتل بنات في الخليل ورام الله وبيت لحم وسلفيت.

وهتف المتظاهرون ضد السلطة الفلسطينية وطالبوا الرئيس محمود عباس بالرحيل وإسقاط النظام.

• طالبوا برحيل عباس.. انتقادات محلية ودولية للسلطة بعد ضرب المتظاهرين

ويرى أبو غوش أن الوضع الداخلي خطير ومأزوم جدا ولا يلوح في الأفق أي بوادر لتصويب الوضع الداخلي.

وشدد على أن القمع خطير على الشعب الفلسطيني وقضيته وخطير جدا على حركة فتح، والمشكلة الحقيقية في فتح باعتبارها التنظيم الأكبر، محذرًا بأن أول التأثير سيكون على فتح ذاتها.

وقال: "الشرخ ممكن يتعمق بين فتح والقوى إن لم يتحرك العقلاء في فتح لتصويب المسار"، معتبرًا أن المطلوب تحرك العقلاء في فتح".

وأضاف "لا بد من تدخل قيادات فتح الوازنة لإنقاذ الوضع ولابد أن يتحركوا ضد أصحاب المصالح في فتح.. نحن بانتظار مبادرة وطنية لإنقاذ الوضع من الانهيار إلى الهاوية".

مركزية فتح تتحرك

وأمام التطورات، تداعت اللجنة المركزية لحركة "فتح" لعقد اجتماع طارئ، الأحد، "لمناقشة الأوضاع الراهنة على الساحة الفلسطينية على إثر ما حدث مع المواطن المرحوم نزار بنات".

 وتوجهت في بيان إلى عائلة نزار بنات بأحر التعازي وثمنت موقفها لتعاملها بحكمة ورفضها عدم السماح لأحد باستثمار مأساتها التي تمت بطريقة مؤسفة، ورفض استغلالها بهدف حرف النضال الوطني الفلسطيني وضرب مكتسبات الثورة على مدار مسيرة النضال الفلسطينية منذ عام 1965.

ودعت "الجهات ذات العلاقة إلى سرعة إنجاز التحقيق واتخاذ الإجراءات الموجبة قانونًا ورفض توظيفه سياسيًا".

مطلوب مبادرة

ويرى بسام قواسمة، مؤسس تجمع "الكل الفلسطيني"، أن عملية قتل نزار نقلت العلاقات الفلسطينية من مرحلة جدل إلى مرحلة سخط وغضب شديد وخلقت حالة عدم رضا وعدم ثقة بين المواطن وأجهزة الأمن، "خصوصا بعد تجاوز قوى الأمن وظيفتها في حماية الوطن والمواطن لا قتله وتعذيبه".

وقال قواسمة لـ"العين الإخبارية": "الناس الآن ليسوا ضد فتح إنما ضد النهج غير القانوني الذي يقوم به المنتفعون في الأجهزة الأمنية هؤلاء إن لم يتم محاسبتهم وفق القانون سيؤدون إلى تأجيج الشارع وتوسيع الغضب وتهديد السلم الأهلي، لذلك مطلوب وضع حد للمنتفعين وردعهم درءا لأي تهديد للسلم الأهلي".

ودعا القيادة السياسية إلى أن تتحمل مسؤولياتها وأن تقوم بمحاسبة المتورطين بقتل نزار بنات وتقديمهم للمحاكمة وإلاّ فإن عدم القيام بذلك سيكون له تأثيرات خطيرة أقلها فقد الثقة بين المواطن والقيادة.

واعتبر أن استهداف ناشط بهذه الطريقة من أخطر الحالات التي مرت علينا".

نتائج خلال يومين

اليوم أكد رئيس الوزراء محمد اشتية، أن لجنة التحقيق التي شكلت في وفاة المواطن نزار بنات، تقوم بعملها بكل مهنية وشفافية من أجل تبيان الحقيقة، ووضع الأمور في نصابها ضمن إطار القانون الفلسطيني، وستتم إحالة من تثبت علاقته بهذا الأمر إلى الجهات القضائية المختصة بما يعطي لكل ذي حق حقه، مطالبا اللجنة بإنجاز تقريرها خلال اليومين القادمين.

جهات في حركة فتح، تعتبر أن التظاهرات في الضفة الغربية تستغل مقتل بنات، للتآمر على السلطة الفلسطينية، متهمة حركة حماس بأنها تستغل الموقف في تكرار لمشهد الانقلاب في قطاع غزة.

في المقابل، تشير جهات أخرى بأن أغلب المشاركين في التظاهرات هم من الشباب غير الحزبي إلى جانب قوى اليسار، دون إغفال محاولة حماس استثمار ما يجري.

وأمام حالة التأزيم، اعتبرت 21 مؤسسة حقوقية بارزة، في بيان لها أن  الانتخابات هي المخرج من الأزمة الراهنة، بما يكفل المشاركة السياسية وإعادة الاعتبار لمؤسسات النظام السياسي، وتعزيز قيم ومبادئ الحكم الرشيد وصيانة واحترام مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، بما يتطلب إصدار مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني فورا.