شيخ قبيلة "آل مرة" القطرية.. "سحب الجنسية" ثمن شهادة الحق
كيف دفع شيخ قبيلة آل مرة القطرية، الشيخ طالب بن محمد بن شريم المري، ثمن شهادة الحق ضد نظام الحمدين؟
"ما فعلته حكومة قطر لا يقره العقل".. بشهادة حق كهذه قد يدفع الإنسان ثمنها غاليا، لكن الثمن هذه المرة كان أكبر مما توقعه شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن محمد بن شريم المري، وهو أن تسحب السلطات القطرية جنسيته، ومعه 50 من أفراد أسرته وقبيلة مرة.
الثمن، امتد أيضًا إلى مصادرة حلاله وأمواله، وهو أحد كبار ملاك الإبل في الوطن العربي بصفة عامة، والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة، فلا شفعت له قبيلته التي تعد المشكلة لأغلبية سكان قطر، ولا تاريخ القبيلة الطويل من العلاقات الطيبة مع دول الخليج، بل على العكس كان هذا التاريخ والموقف الحسم للقبيلة وراء قرار سحب الجنسية.
البداية كانت في يونيو/حزيران الماضي، مع موقف شيوخ قبيلة "آل مرة" وفي مقدمتهم الشيخ طالب بن محمد بن شريم المري، عندما قرروا لقاء ولي ولي العهد وزير الدفاع آنذاك الأمير محمد بن سلمان، وهو ما أظهره مقطع فيديو، مستنكرين ما فعلته حكومة قطر، ومعبرين عن رؤيتهم في ضرورة إصلاحه.
الفيديو، الذي استغرق نحو دقيقتين ونصف الدقيقة، ظهر فيه الشيخ طالب بن لاهوم المري وهو يشدد على وقوف قبيلته مع المملكة واستعدادهم لتنفيذ أوامرها، مشيرًا إلى أن ما فعلته حكومة قطر لا يقره العقل، مضيفًا "لازم تعود (يقصد عودة قطر إلى الصف الخليجي)، اليوم 60 دولة قدمت إلى السعودية، وهم يتبعون تركيًا وإيران".
الحماسة والإنصاف كانا عنوان حديث الشيخ طالب الذي قال إن الدوحة "تأخذ قوتها من تركيا وإيران، الشعوب اللي هناك امتداداتها من المملكة، أهل قطر وبني عمنا، ولو يأمرنا بإشارة ما منهم أحد، لكن ما هم بأهل الأمور ذي"، وهو ما جعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي يعتبرون تهمة شيخ القبيلة "رفضه لأساليب تنظيم الحمدين".
وتعد قبيلة آل مرة من القبائل العربية العريقة، التي ترجع أصولها إلى قبيلة "يام" التي استوطنت نجران جنوب الجزيرة العربية، ويعتزون تاريخيًا بمكوث الإمام عبدالرحمن وابنه المؤسس الملك عبدالعزيز بينهم، في "يبرين" أثناء رحلة استرداد الرياض.
ويتبنى الشيخ طالب عددا من المواقف الحاسمة؛ فهو يرى ضرورة شراكة المرأة للرجل بكل المعايير، رغم حياة الصحراء التي اعتادتها قبيلته، لكن هذا لم يمنعه من التأكيد على وجوب حصولها على كامل حقوقها في حدود الشريعة، فالمرأة من وجهة نظره "صارت أهلًا للمسؤولية بصورة أكبر".
وبعيدًا عن مناصرة حقوق المرآة العربية، للشيخ رأي واضح فيما يسمى بأحداث الربيع العربي، قد لا يتفق مع قيادة قطر، فحينما سُأل في أحد الحوارات عن دور شيوخ القبائل في ظل هذه الأحداث، قال: إن "ما يجري حولنا فتن كبيرة، كما أننا محسودون على قيادتنا وخيرات بلادنا، ولعل تجربتنا هنا أثبتت أن اللحمة والتكاتف دليلٌ على الوعي للاستمرارية تحت مظلة الحكم العادل، والرخاء الدائم، فبلادنا لم تدخر وسعا تجاه مواطنيها وأمتها، بل بذلت وتبذل كثيرا".
وأضاف حينها "كما أن رؤساء القبائل معنيون مثل كل مواطن بالحفاظ على الأمن، وبناء الثقة بين من حولهم، ونبذ كل فكر أو عمل مخل، فنحن لحمة واحدة بكل طوائفنا، تجمعنا المحبة والإخاء والوفاء للوطن وقيادته".
ومتعاطفًا مع شيخ القبيلة ورافضًا للقرار، جاء تعليق وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد، الذي غرد على حسابه الرسمي على تويتر قائلًا: "الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم هو من شيوخ العرب وأهله وجماعته من أخيارهم. ومن تطاول عليه وأساء له واستولى على أمواله لا يرقى إلى قدره".
وأضاف خالد آل خليفة "استهداف الشيخ طالب بن شريم هو محاولة يائسة لقطع أوصال قطر العربية مع محيطها وامتدادات قبائلها".
ولم يكن وزير الخارجية البحريني وحده من انتقد قرار السلطات القطرية؛ إذ إن الانتقادات اشتعلت بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاشتاق بعنوان "#سحب_جنسية_شيخ_آل_مرة"؛ حيث استنكروا قرار سحب الجنسية من الشيخ طالب، في حين تمنحها ليوسف القرضاوي وغيره.