مجلس صيانة الدستور في إيران، والذي له صلاحية تحديد المؤهَّلين لخوض انتخابات الرئاسة الإيرانية..
وافق على ترشّح سبعة فقط من بين نحو 600 سجلوا أسماءهم للترشح لسباق الرئاسة الإيرانية، الذي سيجرى يوم الجمعة، 18 من الشهر الجاري.
شخصيات من الوزن الثقيل تم استبعادها، مثل رئيس مجلس الشورى السابق، علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية الحالي، إسحاق جهانغيري، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، أما السبعة الذين أقرّ المجلس ترشحهم فكلهم تقريبا ممن يُسمَّون "محافظين" أو "متشددين" في إيران، أي لا وجود لأي وجه يمكن اعتباره إصلاحياً أو معتدلاً أو مستقلا.
قرار الاستبعاد أحدث موجة عاصفة من التعليقات الغاضبة داخل إيران وخارجها، ولم ينجح اعتراض الرئيس حسن روحاني في تعديله، حيث كان بالفعل خطوة غير مسبوقة لم تشهد إيران مثيلاً لها منذ وصول "الخميني" إلى الحكم في 1979، خاصة أن نتائج الانتخابات الرئاسية ستكون لها تداعياتها، ليس على صعيد اللعبة السياسية الداخلية فحسب، بل أيضاً على صعيد السياسة الخارجية، والتي يقف التفاوض الأمريكي-الإيراني في فيينا حاليًّا على رأس أولوياتها.
من بين المرشحين السبعة المؤهلين، يأتي الرئيس الحالي للسلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، هو الأوفر حظاً لكسب سباق الرئاسة الإيرانية، لا لكونه ينال شعبية واسعة، أو لبرنامجه الانتخابي العملي، الذي يلبي احتياجات الإيرانيين، أو لخبرته الإدارية، وإنما لإقصاء منافسيه من السباق، فبقية الأسماء لن تشكّل تحدياً حقيقياً أمام "رئيسي"، الذي يحظى بتأييد التيار "المتشدد" و"الحرس الثوري"، وأيضاً مباركة غير معلنة من المرشد الإيراني، علي خامنئي.
إذن، الدولة العميقة، القائمة على تحالف المرشد الأعلى والمؤسسة العسكرية والأمنية، الحرس الثوري، تريد فرض إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران، وحرمان الشعب نهائياً من حق الاختيار، فلا يكون أمامه سوى أن يختار المرشح، الذي قرَّروه له، ولن تسمح تلك الدولة الإيرانية العميقة لأي طرف داخلي، سواء من التيار المحافظ أو الإصلاحي، أن يعرقل هذا المسار، الذي رسمته وتعمل على تنفيذه، أولاً لضمان مستقبل استمرارها في السلطة، وثانياً لوضع حدّ للثنائية السياسية في السلطة أو القرار التنفيذي، وما يحصل من اختلاف في المواقف والرأي بين "المرشد" و"الحرس الثوري" من جهة، ورئيس الجمهورية من جهة أخرى.
الانتخابات الرئاسية الإيرانية أصبحت "مهزلة حقيقة"، فلا أحد يكترث لها أو يثق بنتائجها، لا الشعب الإيراني، وهو المعني الأول بها، ولا المجتمع الدولي، والأسوأ من ذلك أن "ديمقراطية المرشد" هذه تقود إلى ترشيح أشخاص متشددين أو لا يرضى عنهم الشعب ولا المجتمع الدولي، علاوة على عدم تمتعهم بالكفاءة التي تؤهلهم للقيادة.
إن فكرة التحكم والفردية والتعصب تقود إيران إلى حافة الهاوية، وتجلب عليها مزيدًا من العقوبات، ما يجعل المنطقة في حال من عدم الاستقرار حتى الخلاص من تلك التهديدات الإقليمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة