مداهمات وحظر.. موجة عاتية تغرق الإخوان في أوروبا
لم يكن هروب جمعية إخوانية من فرنسا مشهدا يمكن قراءته بمعزل عن مشاهد أخرى في أوروبا، حيث تتشكل موجة عاتية تجرف تنظيم الإخوان.
وفي الوقت الراهن تتشكل موجة عاتية تجرف تنظيم الإخوان الإرهابي، وتنهي عصر الملاذات الآمنة في القارة العجوز.
وأمس، استبقت جمعية "التجمع المناهض للإسلاموفوبيا"، وهي منظمة مرتبطة بالإخوان، قرارا حكوميا بحلها في فرنسا، معلنة خروجها من البلاد، فيما يبدو محاولة من تنظيم الإخوان لتفادي عاصفة الإجراءات الحكومية في عدة دول أوروبية.
وأعلن التجمع المناهض للإسلاموفوبيا حل نفسه، والخروج من فرنسا، نافيا في الوقت ذاته "ارتباطه بالتنظيمات الإسلامية"، وفق ما نقلته صحيفة لوموند. وقالت المنظمة في بيان على موقعها الإلكتروني "قررنا حل التجمع في فرنسا ونقل أنشطتنا للخارج".
وخلال الفترة الماضية، خاضت إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مواجهة قوية مع تنظيمات "الإسلام السياسي" داخليا وخارجيا، لا سيما الفرع الفرنسي لتنظيم الإخوان والمنظمات القريبة من تركيا، خاصة تنظيم الذئاب الرمادية المتطرف.
وأعلنت السلطات الفرنسية مؤخرا إغلاق 73 مسجدا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، في إطار "مكافحة التطرف".
وعلى بعد مئات الكيلومترات من باريس، وبالتحديد في النمسا، لا يواجه الإخوان وضعا أفضل، فالتنظيم يتعرض لأكبر أزمة في تاريخه وجوده في أوروبا، ويخسر ملاذا آمنا معتادا متمثلا في الأراضي النمساوية، لطالما استغله في تخطيط وتنفيذ أنشطته، وفق تقارير نمساوية.
وفي وقت سابق هذا الشهر، نفذت الشرطة النمساوية مداهمات في 4 ولايات اتحادية، بينها فيينا، استهدفت أشخاصا وجمعيات مرتبطة بالإخوان الإرهابية وحركة حماس الفلسطينية.
وخلال المداهمات فتشت الشرطة أكثر من 60 شقة ومنزلا ومقرا تجاريا وناديا، وألقت الشرطة القبض على 30 شخصا مثلوا أمام السلطات لـ"الاستجواب الفوري"، وفق بيان رسمي.
ونقل إعلام محلي عن مصادر أمنية قولها إن "التحقيقات تجري مع المشتبه بهم حول الانتماء لمنظمات إرهابية، وتمويل الإرهاب، والقيام بأنشطة معادية لدولة النمسا، وتشكيل تنظيم إجرامي وغسل الأموال".
وفي وقت سابق، توقع هايكو هاينش، الخبير في شؤون الإسلام السياسي وأحد المشاركين في كتابة تقييم للإخوان بطلب من الادعاء النمساوي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، تعديل قانون الجمعيات في النمسا، وحظر بعض الجمعيات المحسوبة على الجماعة.
فيما تستمر التحقيقات في تلقي ممثلو الإخوان في النمسا تبرعات بملايين اليوروهات، وتمويل الإرهاب، وغيرها من التهم التي من المحتمل أن تقود إلى إدانة تاريخية للجماعة.
وفي ألمانيا المجاورة، كان أحد أهم أركان تنظيم الإخوان، وهو هيئة الإغاثة الإسلامية يتعرض لضربة قوية في نفس الوقت، وضعت المنظمة تحت ضغط كبير.
ولم تشفع تغييرات هيكلية في إدارة هيئة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا وتنصلها المعلن من الإخوان، في إنقاذ سمعة المنظمة ووقف ربطها بالجماعة الإرهابية، بل أن الأمر يزداد سوءا، ما يضعها تحت ضغط كبير في الفترة المقبلة.
وقالت وزارة الداخلية الألمانية في رد على استجواب من الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط"، قبل أيام إن هيئة حماية الدستور ليست مقتنعة بتحركات الإغاثة الإسلامية للنأي بنفسها عن الإخوان.
ولفتت إلى أن ارتباط الإغاثة الإسلامية بالإخوان هو أحد أسباب انتهاء تمويل مشاريع المنظمة من قبل الحكومة الاتحادية في الوقت الحالي.
وقبل شهرين، تحركت السويد بشكل رسمي ضد مؤسسات الإخوان الإرهابية، حيث أوقفت عدة مدن سويدية، في مقدمتها مدينة جوتنبرغ على الساحل الغربي في السويد، تمويل مؤسسة ابن رشد التعليمية، ذراع جماعة الإخوان في البلاد.
تلك الخطوة حركت مطالبات سياسية واسعة بحظر تمويل على المنظمة في كل أنحاء السويد، وهو ما ينتظر أن تنظره الحكومة في المستقبل القريب، وفق صحف سويدية.
الإخوان.. إلى أين؟
لم يمر أسبوع دون ضربة للإخوان في بلد أوروبي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فيما يبدو تكثيف لحملة أوروبية قوية ضد الجماعة بدأت في مارس/آذار 2019 بحظر السلطات النمساوية رموزها وشعاراتها.
ووفق مراقبين، فإن فترة تجاهل الإخوان أو التعايش معها في كثير من المدن الأوروبية، طويت إلى غير رجعة، ولم تعد القارة ملاذ آمن للأنشطة الإخوانية وقياداتها كما كان الوضع لعقود، ما يضع الوجود الإخواني في أوروبا على المحك.
يأتي ذلك في وقت تزايد فيه الوعي الأوروبي بمدى خطورة التنظيمات التركية والإخوان، وقدرتها على زعزعة استقرار القارة العجوز، ما دفع دول بعينها لاتخاذ خطوات قوية لمواجهة هذا الخطر، وفق صحيفة بيلد الألمانية "خاصة".
وتتوقع وسائل إعلام أوروبية اتخاذ ألمانيا والنمسا وفرنسا إجراءات قوية أخرى ضد الإخوان في الفترة المقبلة، ما يمكن أن يدفع دول أخرى، مثل سويسرا، إلى تبني إجراءات مماثلة.