أكاديمي ألماني: الإخواني لا يختلف عن الداعشي إلا في الزي
البروفيسور مهند خورشيد يؤكد أن تركيا وقطر غير معنيتين بمسألة تعايش المسلمين كجزء من المجتمع الألماني؛ بل داعمتين لجماعات الإرهاب فيه.
اعترف البروفيسور مهند خورشيد عميد كلية الدراسات الإسلامية والتربية الدينية في جامعة مونستر الألمانية، بأن ما يقرب من "ثلثي مسلمي ألمانيا لا يزورون المساجد"؛ بسبب خطاب بعض الأئمة الإخوان الذي يتسم بنظرة عدائية للآخر، ولكل مخالف في الرأي.
- ألمانيا تطالب مساجدها التركية بالتحرر من نفوذ أردوغان
- خبراء: تحذيرات ألمانيا من الإخوان تعري دعم تركيا للإرهاب بأوروبا
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه "للأسف معظم أئمة المساجد اليوم يأتون من خارج ألمانيا بحيث لا يجيدون لا لغة المخاطبة، ولا اللغة الحضارية والثقافية للبلد الذي يعملون فيه، فتجد خطابهم في أغلبه مفصولا عن الواقع المعاش ما يؤدي لنفور المسلمين من المساجد والهيئات الدينية".
واعتبر خورشيد أن الإخواني لا يختلف عن الداعشي "إلا في شكل الزي"، متهمًا التنظيم الدولي للإخوان بمحاولة فرض أجندته السياسية السلطوية على المجتمع، والوصول إلى مناصب مرموقة بالاستناد إلى مبدأ التقية ببراعة.
وعزا إعلان الاستخبارات الألمانية أن خطر تنظيم الإخوان الإرهابي أكبر من داعش والقاعدة إلى أن عناصره منظمة جدا، وقوتها في المجتمع الألماني تكمن في تحركاتها الاستراتيجية، حيث تسعى للوصول إلى المناطق والوظائف الحساسة في أماكن صنع القرار بالدولة، عبر استخدام مبدأ التقية ببراعة، أما الداعشي فهو يتحدث بخطاب عدواني واحد.
وأضاف: "الإخواني لا يكاد يخالف فكر الداعشي كثيرا، ولكنه يلبس البدلة ويرسل أياديه إلى قلب أماكن صناعة الحدث، محاولا فرض أجندته السياسية السلطوية على المجتمع من داخل منظومته، فلا ينتبه إليه أحد إلا وهو قد فرض نفسه هنا وهناك، لكن الدولة الألمانية بدأت فيكشف هذه الألاعيب، وربما سيتم مراقبة هذه الجماعات من جهاز أمن الدولة في المستقبل القريب".
وعن الإشكاليات الحالية التي تواجه الجالية الإسلامية في ألمانيا، يرى عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر أنها كانت في البداية اجتماعية، فمعظم المسلمين الذين أتوا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي جاءوا كطبقة عاملة غير متعلمة، خاصة من تركيا وبلاد شمال أفريقيا، ما أدى إلى صعوبة اندماجهم في المجتمع، وللأسف استغل الإسلام السياسي هذا الأمر وبدأ تمرير أجندته.
أما اليمين المتطرف في ألمانيا فاستغل هذه الورقة جيدا ليبرز على الساحة بأنه المدافع عن الهوية الأوروبية ضد أجندات المسلمين التي تسعى لأسلمة أوروبا، وفقًا لما أكده "خورشيد".
ونبّه إلى أن الدولة الألمانية لا تجد هيئة ممثلة للمسلمين فيها لتتحدث معها على عكس الكنائس المسيحية، وساعد في ذلك نفور الكثيرين من المشاركة في تنظيم أنفسهم تحت غطاء جمعية أو منظمة دينية؛ بسبب ما يمسي بـ"الإسلام السياسي".
وظلت الدولة الألمانية تتحدث مع 4 منظمات إسلامية، ثلاثة منها تركية مدعومة من أنقرة، والرابعة إخوانية؛ إلا أنه بعد علم سلطات برلين بمدى تحكم الدولة التركية في إحدى هذه المنظمات، خلال العامين الماضيين، أوقفت ألمانيا التعامل مع "الاتحاد الإسلامي التركي" في أكثر من ولاية، بحسب خورشيد.
ليس هذا فحسب، بل كشف افتتاح جامع الاتحاد الرئيسي في مدينة كولونيا، بحضور الرئيس رجب طيب أردوغان، عن تقارير تؤكد تورط أئمة تابعين للاتحاد بالعمالة الاستخباراتية لصالح أنقرة، ليتبين في النهاية أنه مجرد يد طويلة لأجندات الدولة التركية السياسية.
وعلى الرغم من ترحيب عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر بأي تأثير خارجي يسهم في تنوير الفكر الديني، إلا أنه اعتبر دولا مثل تركيا وقطر ليست معنية بمسألة تعايش المسلمين كجزء من المجتمع الألماني؛ بل داعمين لجماعات التطرف والإرهاب الذي يقسم المجتمع الألماني في النهاية.
وشدد على أن هناك حاجة ماسة لتجديد الخطاب الديني والإسلامي في ألمانيا، وإعادة النظر في بعض الفتاوى والمواقف المبررة دينياً كي لا يجد المسلم نفسه أمام خيارين: "إما أن أكون مسلماً محافظاً على ديني أو مواطناً أوروبياً"، بل نريد الوصول إلى معادلة الهوية المشتركة، وهذا في النهاية يحتاج تجديدا للخطاب الديني.
والبروفيسور مهند خورشيد مولود في 6 سبتمبر/أيلول 1971 في بيروت لوالدين فلسطينيين، ويحمل الجنسية النمساوية، ونشأ في العاصمة السعودية الرياض؛ حيث تلقى هناك تعليمه المدرسي، وتخرج في مدارس الرياض الأهلية.
كما درس خورشيد علم اجتماع الدين في جامعة فبينا بالنمسا، فضلا عن العلوم الإسلامية الشرعية في جامعة الإمام الأوزاعي ببيروت وحصل على درجة الماجستير ثم الدكتوراه بدرجة الامتياز من جامعة فيينا.
وعمل من عام 2006-2009 أستاذا محاضرا في جامعة فيينا، وذلك في مجال التربية الدينية الإسلامية، كما حصل عام2010 على كرسي الأستاذية للتربية الدينية الإسلامية في جامعة مونستر، وأستاذا زائرا في جامعة لينز، وفي جامعة سالزبورغ النمساويتين وفي جامعة أوغسبورغ الألمانية وبيرن السويسرية.
وأسس خورشيد معهد الدراسات الإسلامية والتربية الدينية في الجامعة الذي ترأسه منذ نشأته حتى الآن، وألقى كلمة باسم المسلمين عام 2011 أمام بابا الفاتيكان السابق بندكت السادس عشر أثناء زيارته لألمانيا.
كما لديه مجموعة من المؤلفات باللغة الألمانية تتركز حول الرحمة في الإسلام، وضرورة تجديد الخطاب الديني، والحوار الإسلامي المسيحي، وقراءة معاصرة للقرآن الكريم.
كما ألف كتابا مع الكاردينال كاسبر (وهو من مستشاري بابا الفاتيكان الحالي) تناولا فيه "الرحمة في الإسلام والمسيحية"، وصدر الكتاب باللغة الألمانية في سنة 2017.
aXA6IDMuMTcuMTU0LjE0NCA= جزيرة ام اند امز