شراء عقار في العاصمة الألمانية بـ4 ملايين يورو دفع بملف تمويل الإخوان إلى دائرة التحقيقات وجعله أولوية ببرلمان هذا البلد الأوروبي.
فبعد مشاريع قرارات وطلبات إحاطة حول هذا الأمر قدمتها أحزاب الاتحاد المسيحي؛ (حزب المعارضة الرئيسي)، والبديل لأجل ألمانيا (شعبوي)، واليسار، على مدار الأشهر الخمسة الماضية، ردت الحكومة بمذكرة حملت إشارات عن تحقيقات جارية.
المذكرة الحكومية وصلت البرلمان الألماني مؤخرا، ردا على طلب إحاطة قدمه حزب اليسار ونشرت "العين الإخبارية" مقتطفات منه في وقت سابق.
ورغم أن المذكرة لم تمنح إجابة تضم معلومات وافية عن تحقيقات جارية ضد تمويل الإسلام السياسي، لكنها أقرّت بوجود هذه التحقيقات في وحدة الاستخبارات المالية المعنية بفحص حالات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وحاولت حماية سريتها ومسارها.
وردا على سؤال حول وجود تحقيقات ضد تمويل التنظيمات الإسلاموية في ألمانيا، قالت المذكرة التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها: "لا يمكن الإجابة على السؤال علنًا.. قد تكون معرفة الأشخاص غير المصرح لهم على الأقل بالإجابة على هذا السؤال، لا تصب في مصلحة جمهورية ألمانيا الاتحادية".
وأضافت: "وفقًا للمعايير الدولية لمجموعة العمل المالي ومتطلبات القانون الأوروبي، تعمل وحدة الاستخبارات المالية بشكل مستقل، وتخضع إجراءات العمل وخطوات التحليل الخاصة بها لأنظمة سرية صارمة".
وأوضحت المذكرة أنه "إذا أصبحت أساليب عمل وحدة الاستخبارات المالية، والتي يسبق عملها الملاحقة الجنائية مباشرة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، معروفة، فلن يكون هذا في مصلحة التحقيقات المعنية نفسها، وبالتالي لن يكون في مصلحة أمن ومصالح جمهورية ألمانيا الاتحادية".
وردت الحكومة في مذكرتها بنفس الرد على سؤال تضمنه طلب الإحاطة الذي قدمه حزب اليسار، عن عدد الحالات المشتبه بها بموجب قانون مكافحة غسل الأموال التي تم الإبلاغ عنها لوحدة الاستخبارات المالية منذ عام 2017، والتي كان فيها صلة بالمعاملات العقارية أو مشاريع البناء من قبل أشخاص أو منظمات من المشهد الإسلاموي.
وتستخدم الأوساط السياسية الألمانية مصطلح الإسلاموية، لوصف شبكات تنظيمات الإسلام السياسي العاملة في البلاد، خاصة الإخوان الإرهابية.
في قلب الاهتمام
ووفق مراقبين، فإن المذكرة الحكومية حاولت حماية المعلومات حول مسار العمل الحالي في وحدة الاستخبارات المالية ضد ملف تمويل الإسلاموية، ولم تكشف عن أية معلومات قد تضر هذا المسار أو تنبه الخاضعين للتحقيقات.
وحظى ملف تمويل الإسلام السياسي باهتمام كبير في الأشهر الماضية، بعد تفجر قضية استحواذ مؤسسة "أوروبا ترست"، صندوق الإخوان الاستثماري بالقارة الأوروبية، على عقار في حي فيدنج ببرلين، مقابل 4 ملايين يورو، وانتقال منظمات إخوانية للعمل من العقار فيما بعد، دون امتلاك الأجهزة الأمنية الإمكانات المطلوبة والتفويض القانوني للتحقيق في أمر هذه الصفقة.
وكان حزب اليسار قدم طلب الإحاطة التي استدعت هذا الرد الحكومي قبل أسابيع، وذكر في ديباجته: "تعد الإسلاموية مصطلحًا جماعيًا للعديد من الأيديولوجيات والحركات الأصولية، بما في ذلك الإسلام الراديكالي".
وتابع "القاسم المشترك بين هذه التنظيمات هو أن الدين يجب أن يكون أساسًا للدولة والنظام الاجتماعي الذي يحدده الدين فقط، بالإضافة إلى رفض الفصل الدستوري بين الدولة والدين".
وأكد أن "الإسلاموية ترفض أيضا مبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان والمساواة"، مشيرا إلى أنه "لذلك، فإن الهيئات الحكومية والإدارات وكذلك الجماعات الدينية الأخرى وغير المسلمين مدعوون إلى فصل التيارات والحركات الأصولية والعنيفة والتي تحض على الكراهية، عن ممارسة الشعائر الدينية التي يحميها الدستور".
ومضى قائلا "بالإضافة إلى متابعة وكشف تمويل الخلايا والشبكات الإرهابية للأفراد أو الجماعات الإسلاموية، ينصب التركيز أيضا على الدعم المالي لمجتمعات المساجد في ألمانيا وتمويل تدريب الأئمة" في ألمانيا.
ووجه طلب الإحاطة أسئلة للحكومة عن "التحقيقات التي أجرتها الشرطة والاستخبارات المالية منذ عام 2017، وتتضمن تورط منظمات إسلاموية في قضايا تمويل إرهاب أو تلقي تمويلات مالية"، وسؤال آخر "عن حالات الاشتباه التي يتورط فيها منظمات أو أشخاص في الأوساط الإسلاموية في ألمانيا".
وإجمالا، أقدمت الأحزاب الألمانية، خاصة الاتحاد المسيحي، على ٨ تحركات برلمانية تشمل مشروعات قرارات وطلبات إحاطة، في ٥ أشهر فقط، وانفردت "العين الإخبارية" بها جميعا، ما دشن مسارا لمكافحة الجماعة والإسلام السياسي في البلاد.
كما ردت الحكومة الألمانية بأربع مذكرات متتالية في آخر شهرين، تناولت ملفات تمويل الإسلام السياسي، ومحاولات هذه التنظيمات التأثير على الشباب.