الجالية المسلمة الناطقة بالروسية في تركيا تنتظر الاعتقال أو الترحيل
الجالية المسلمة الناطقة بالروسية وجدت بابا مفتوحا في معظم فترة حكم أردوغان ولكن بدأت إجراءات جديدة لترحيلها
كثّفت تركيا من متابعتها للجاليات المسلمة الناطقة باللغة الروسية في الأشهر الماضية بعد سلسلة هجمات أُلقي باللائمة فيها على تنظيم داعش الإرهابي، فيما يعد مؤشرًا على تحسن العلاقات مع موسكو التي سبق وطالبت تركيا بعدم استقبال فارين من الأراضي الروسية أو القوقاز.
وأظهرت مقابلات مع مسلمين روس يعيشون في إسطنبول أن الشرطة التركية داهمت منازل مهاجرين ناطقين بالروسية في إسطنبول واعتقلت الكثير منهم ورحّلت غيرهم.
ويشير هذا النشاط الأمني إلى تبادل للمعلومات بين روسيا وتركيا ضمن التحالف الذي تجدد مؤخرا، وشهد أيضا تعاون موسكو وأنقرة من أجل التوصل لاتفاق للسلام في سوريا.
ويأتي التعاون في الوقت الذي تلعب فيه روسيا دورا متزايدا في سوريا في ظل الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس باراك أوباما.
ويمثل القبض على المهاجرين تغيرا بالنسبة لتركيا التي رحبت تاريخيا بالمسلمين الفارين مما يصفونه بالقمع في دول منها روسيا، وبينهم أبناء مناطق حاربوا القوات الحكومية بمنطقة شمال القوقاز في روسيا.
بعد الهدنة.. روسيا تتطلع لتعاون ممتد مع تركيا وإيران بشأن سوريا
وقال محمد سعيد عيساييف وهو مسلم من جبال شمال القوقاز الروسية انتقل إلى إسطنبول قبل ثلاث سنوات: "هناك نحو 10 من معارفي في السجن حاليا."
وأضاف أن خلال معظم الوقت الذي قضاه في تركيا لم يواجه مشكلات مع السلطات.
وقال إنه لم يفعل شيئا يضر بالمواطنين الأتراك، لكنه الآن يشعر بأنه لم يعد بمأمن من خطر الاعتقال.
وواجهت تركيا انتقادات من بعض حلفائها الغربيين لتباطؤها في اتخاذ إجراءات لوقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يعبرون حدودها لينضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق في السنوات الأولى لصعود التنظيم.
لكن تركيا رفضت تلك الانتقادات قائلة إنها بحاجة لمزيد من تبادل المعلومات مع حلفائها لاعتراض من يسعون للانضمام إلى الإرهابيين.
وشددت الرقابة على حدودها وبدأت في أغسطس/ آب الماضي حملة عسكرية في سوريا تحت اسم درع الفرات، قالت إن هدفها إبعاد الإرهابيين عن الحدود التركية، فيما تعتبر دمشق هذا التدخل اعتداء على السيادة.
وألقي باللائمة في العديد من هجمات داعش في الآونة الأخيرة في تركيا على مهاجمين ناطقين بالروسية.
وبعد هجوم بالأسلحة والقنابل بمطار أتاتورك في إسطنبول أسفر عن مقتل 45 شخصا في يونيو/ حزيران الماضي ألقت الشرطة القبض على اثنين من منطقة شمال القوقاز للاشتباه فيهما.
وتم توجيه الاتهام لأوزبكي بتنفيذ هجوم بسلاح ناري على ملهى ليلي في إسطنبول في ليلة رأس السنة قتل فيه 39 شخصا.
وقال عبد العليم محسودوف، الناشط الروسي المسلم، الذي عاش في إسطنبول لعدة سنوات "قبل ذلك كانت تركيا مخلصة جدا لمن جاءوا من دول سوفيتية سابقة."
وأضاف: "اعتدنا منذ فترة طويلة الانتقال إلى تركيا لأسباب دينية وللهروب من الضغط. الهجمات الإرهابية لطخت هذه السمعة."
ووفرت تركيا الملاذ للمسلمين من روسيا منذ القرن 19 حين غزا التتار منطقة شمال القوقاز ذات الأغلبية المسلمة.
وتدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين نتيجة حربين في الشيشان في التسعينيات والعقد الأول من الألفية الجديدة بالإضافة إلى حملة على تنظيمات إسلامية في جنوب روسيا لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
وقال مصدر أمني تركي إن العمليات زادت بعد الهجمات الأخيرة وإن المداهمات في المناطق التي يعيش بها أجانب أظهرت أن إرهابيين يعيشون ويختبئون وسط هذه الجاليات.
وقال مسؤول بالشرطة التركية لوكالة رويترز: "عملياتنا لا تقتصر على أجزاء معينة من إسطنبول وإنما في كل أنحاء المدينة. تتعلق بالأجانب الذين لا يحملون الوثائق اللازمة سواء جوازات السفر أو بطاقات الهوية. نكافح الجريمة أينما يمكن أن تكون."
وقال مسؤول أمني روسي إن موسكو تقدم لأنقرة قوائم بأسماء من يشتبه بأنهم إسلاميون إرهابيون منذ عامين أو ثلاثة أعوام، لكن تركيا لم تبدأ استخدام هذه المعلومات إلا بعد الهجمات الأخيرة لأنها أصبحت هدفا واضحا للإرهابيين.
ولم ترد وزارة الخارجية وجهاز الأمن الاتحادي الروسيان على طلبات للتعليق على تبادل المعلومات مع تركيا.
وقالت امرأة تبلغ من العمر 25 عاما وهي من منطقة داغستان في روسيا لـ"رويترز" إنها تعيش بحرية في تركيا منذ 3 سنوات وإن عائلتها لم تواجه أي مشكلات حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأضافت أن عائلتها اشترت عقارا في تركيا وحرصت على تجديد وثائق الهجرة، بينما شارك شقيقها بوصفه محترفا في منافسات للمصارعة ممثلا لفريق رياضي تركي.
ومضت قائلة إن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اقتحم رجال شرطة ملثمون خلال حملة مداهمات لمكافحة الإرهاب شقة العائلة.
وتحدثت إلى رويترز شريطة عدم نشر اسمها لأنها قالت إنها لا تريد تعريض أفراد عائلتها للخطر.
وقالت إن العائلة التي تشمل نساء وأربعة أطفال بالإضافة إلى جارة وأطفالها احتجزت لعدة أيام في مركز للشرطة.
ونقل المحتجزون بعد ذلك إلى مقر الشرطة في إسطنبول، وتم الإفراج عن معظم النساء والأطفال من عائلتها وعائلة جارتها بعد أسبوعين، لكنها قالت إن والدها وشقيقها وزوجة أخيها وابنه الذي يبلغ عمره عشرة أشهر ما زالوا محتجزين. وأضافت أنه لم يتم توجيه اتهامات لهم.
ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من روايتها من مصدر مستقل وقالت شرطة إسطنبول إنها لا تستطيع التعليق على قضايا بعينها.
وقال علي افتييف، وهو مفتٍ روسي سابق يعيش حاليا في إسطنبول، إنه عادة لا تكون هناك محاكمات لمن يتم اعتقالهم لكن الرسالة الواضحة التي توجه لهم هي أنهم لم يعودوا محل ترحيب.
وأضاف: "الأتراك لا يمدون تصاريح إقامتهم وحسب. إما أن يذهبوا إلى السجن ويحاولوا الطعن أو يرحلوا."