ناجي العلي.. وطني "غشيم" خدش الجميع بريشته (بروفايل)
"اللي بدو يرسم لفلسطين, بدو يعرف حالو ميت"، مقولة رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي كانت نبوءة لحادث اغتياله الذي تحل ذكراه اليوم.
اشتهر ناجي العلي في رسوماته ومواقفه السياسية بالتشدد لقضية فلسطين، فلم يعترف يومًا بالمفاوضات، وكانت عقيدته "اللى ما بدو يقاتل إسرائيل يفرجينا عرض كتافه".
اغتيال ناجي العلي
مساء 22 يوليو/ تموز 1987، أطلق مجهول النار على ناجي العلي في بريطانيا، بينما كان متأبطا بعض رسوماته ومتوجها إلى عمله، فأصابه برصاصة تحت عينيه.
دخل "العلي" في غيبوبة حتى استشهد في 29 أغسطس/آب من العام نفسه، ودفن في مقبرة "بروك وود" الإسلامية في لندن، حيث قبر بلا شاهد يحمل الرقم 230190.
ورغم مضي 35 عاما على غياب صاحب "حنظلة"، لم يعلن حتى الآن هوية الشخص المجهول الذي أطلق الرصاص عليه، ولم يتم الكشف عن الرابط بين إجباره على الرحيل إلى لندن عام 1985 وبين حادث الاغتيال.
"حنظلة" وحلم العودة
رسم ناجي العلي شخصية "حنظلة" الشهيرة، لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات، وظهرت لأول مرة في لوحاته عام 1969 على صفحات جريدة "السياسة الكويتية"، وكانت بمثابة أيقونة يقف خلفها حلم العودة.
عمر "حنظلة" هو نفسه عمر ناجي العلي عندما غادر فلسطين، ولم يكن الأول ليكبر حتى يعود مبتكره إلى أرض الوطن، حينها فقط كنا سنشهد صبا وشباب ذاك الطفل.
بعد ظهور "حنظلة" عام 1969، اتخذه "العلي" بمثابة توقيع على لوحاته، ولاقت الشخصية ثناء الجماهير العربية، كونها رمزا لصمود الشعب الفلسطيني.
استخدم "العلي" شخصيات عدة في لوحاته لانتقاد قيادات فلسطينية وعربية، مثل "فاطمة" وشخصية جندي الاحتلال طويل الأنف الذي يظهر مرتبكا أمام حجر صغير في يد طفل فلسطيني، لكنها لم تنل شهرة "حنظلة".
"غشيم في حب الوطن"
لناجي العلي مكانة خاصة عند كبار المثقفين العرب، فقال عنه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: "فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان، سريع الصراخ، طافح بالطعنات، وفي صمته تحولات المخيم، مفتوح على الساعات القادمة وعلى دبيب النمل وأنين الأرض، يجلس على سر الحرب وفي علاقات الخبز، خرج على العالم باسم البسطاء ومن أجلهم، شاهرا ورقة وقلم رصاص، فصار وقتا للجميع. وخدش الجميع بريشة لا ترحم ولا تصغي للأصدقاء".
وقال عنه التشكيلي ورسام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري: "كان يمشي كما لو كان يقفز إلى أعلى مثل الكانجرو، وكان يفلسف كل شيء أو يحوله إلى سياسة، وأخذ شخصية (حنظلة) من وحي رسمه لنفسه، حيث كان يرسم نفسه مع الكاريكاتير مثل حنظلة، في حجم (ميكي ماوس)، لكنه صنفه كرمز للنضال الفلسطيني، حتى أصبح من أشهر الكاريكاتورات العالمية".
أما الأديب السعودي عبدالرحمن منيف فقال عنه: "لا تزال رسوم ناجي العلي راهنة، وربما أكثر راهنية من الماضي، وهذا دليل على أن الفن الحقيقي والصادق له قدرة على الحياة والتجدد"، فيما نعاه الشاعر السوري أدونيس: "سلاما ناجي أيها الشهيد الآخر، والشاهد الآخر".
وودعه الشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي بمرثية يقول فيها:
غشيم في حب الوطن.. طبعا غشيم
ياللى تحب الوطن.. من الصميم
على طريقة العرب في الحب.. عيش
ولىِ.. نقى.. متقى.. لكن لئيم
أمايه.. وانتى بترحى بالرحى
على مفارق ضحى
وحدك وبتعددى
على كل حاجة حلوة مفقودة
ماتنسيش يامه في عدوده
عدوده من أقدم خيوط سودا في توب الحزن
لا تولولى فيها ولا تهللى
وحطى فيها اسم واحد مات
كان صاحبى يا امه
واسمه
ناجى العلي.
aXA6IDE4LjE4OS4xODQuOTkg جزيرة ام اند امز