أسماء القوائم المرشحة في فلسطين.. دلالات ومفارقات
ما بين التركيز على البعد الوطني، والتعبير عن أزمات الواقع، والتطلع للتغيير والمستقبل، تنوعت أسماء القوائم المرشحة لانتخابات فلسطين.
وعكست أسماء القوائم وشعاراتها مؤشرات معركة دعائية قوية قبل انطلاقها رسميا، وسط تطلع شعبي للتغيير بعد تعطل الانتخابات لأكثر من 10 أعوام.
رغبات الشارع
الدكتور نشأت الأقطش، خبير الدعاية الإعلامية، يرى أن أسماء القوائم الانتخابية تعبر عن رغبة الشارع الآمل في أن تخرجه الانتخابات من مآزقه المتعددة، لذلك جاءت أسماء من وحي الأزمات والمشاكل.
وتوقع الأقطش، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تكون للأسماء انعكاسات كبيرة على الواقع الانتخابي، مبينا أن الاسم يعبر عن مسارات تفكير المرشحين في القوائم، ويعبر عن طرق تفكيرهم، وهم بذلك يعتقدون أن هذه الأسماء هي عناوين مطلوب توفيرها للناس بعد الانتخابات".
ووفق الإعلان الرسمي من لجنة الانتخابات المركزية، فإن 36 قائمة انتخابية تخوض السباق نحو المجلس التشريعي، وهو عددٌ يزيد أكثر من 3 مرات عن القوائم المشاركة في انتخابات 2006، التي شهدت ترشح 11 قائمة فقط، تمكنت 6 منها من اجتياز نسبة الحسم والتي حققتها حركة حماس آنذاك.
ويشير الأقطش إلى أن المجلس التشريعي الأول (1996) كان فتحاويا بامتياز، والثاني (2006) كان بأغلبية من حماس، وحضور فتحاوي ويساري محدود، أما المجلس الثالث (مقرر في مايو 2021) فسيكون مختلفا، وستكون أسماء القوائم تحت قبة البرلمان مشكلة لوحة متنوعة تعبر عن هموم الناس وتحقق آمالهم بمستقبل آمن وشعب حر.
أسماء ودلالات
ووفق متابعة "العين الإخبارية"، لأسماء القوائم المرشحة، تقدمت فتح باسمها الرسمي ورفعت شعار العاصفة، في حين اختارت حماس اسم "القدس موعدنا"، وجاء تحالف مروان البرغوثي وناصر القدوة تحت اسم "الحرية"، في حين سجل التيار الإصلاحي قائمته باسم "المستقبل".
وجاءت باقي أسماء الكتل بدلالات متعلقة بالوطن والثوابت مثل وطن والعودة وفلسطين تجمعنا، وبعضها عكس أزمات معيشية مثل طفح الكيل، وصوت الناس ونبض الشعب ونبض البلد والعدالة والقدرة وغيرها من الأسماء.
دغدغة المشاعر
ويؤكد الكاتب السياسي حسام أبو النصر، أنه بعد 15 سنة من الانقسام والحصار والوضع السياسي والحروب على غزة وغيرها من الأحداث، كل قائمة اختارت اسما يسلط الضوء على شريحة معينة أو قضية الوطن برمته ومستقبله وحريته، كل هذه المتغيرات كان لها حضور قوي في اختيار الأسماء.
وقال أبو النصر لـ"العين الإخبارية": "كل اسم له دلالات تعبر عن مجموعة تسعى لتحقيق إنجاز في موضوع تراه القائمة مهماً لعموم الناس، ويحمل أبعاداً تحاول من خلالها القائمة التأكيد أن الاسم الذي تقاتل تحته هو العنوان الأهم للناس في التشريعي المقبل".
ومع تأكيده أهمية اسم القائمة إلاّ أن أبو النصر يرى أن الناخب سينتخب شخصيات، فإن لم يجد أنها تتوافق والاسم الذي تحمله القائمة لن ينتخبها.
وأضاف "هناك قوائم تحمل أسماء براقة لكنها ليس بالضرورة تقدم مرشحين يتوافقون مع اسم القائمة، بل ربما يكونون على عكس اسم القائمة".
وذهب إلى أن القوائم اختارت أسماءها لتدغدغ مشاعر المواطنين وتحاول جذبهم لانتخابها، لكن هذا غير مهم عند المواطن إن لم يكن المرشح فيه من صفاء الاسم الذي تحمله قائمته.
الحاجة للتغيير
من جانبه، يقول الكاتب السياسي هاني المصري، وهو مرشح على قائمة الحرية، إن النظر إلى أسماء القوائم، يؤكد أن الأمور وصلت إلى حالة لا تطاق.
وأضاف "هذا يؤكد أننا بحاجة الى تغيير قبل فوات الأوان، ليس على الصعيد السياسي فقط، حيث بتنا من دون مقاومة تزرع ولا مفاوضات تحصد، بل على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وأشار إلى أن الـ 36 قائمة معظمها تضم المستقلين، أو تنتمي إلى فصائل قديمة عاجزة، لم تستطع التجديد والتغيير والتأثير، أو لم تجد أن الفصائل تمثل الشعب، فعبّرت عن الغضب العارم من القوى القائمة وعجزها عن تقديم حلول، ما يجعلها تعكس رغبة الشعب العارمة في التغيير على مختلف الأصعدة.
وأضاف "الخراب كبير ولم يعد ينفع معه الإصلاح، بل بتنا في حاجة إلى تغيير شامل وعميق وعلى مختلف المستويات والمجالات والأصعدة، من دون احتكار للحقيقة والوطنية والدين، وبلا تحريض وشيطنة من طرف للأطراف الأخرى".
هروب من تقديم الحلول
أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت الدكتور عماد الأصفر، اختار أن يحلل مدلولات اسم قائمة حماس (القدس موعدنا)، قائلاً: "الشعار جميل كاسم لعملية فدائية، أو لمعركة في حرب، ولكنه باعتقادي مش (غير) مناسب لدورة مجلس تشريعي مطلوب منه يقدم حلولا للناس حتى تستطيع الاستمرار في العيش والحضور إلى القدس في الموعد".
وشدد على أن "الأغرب في الشعار هو مقدار ابتعاده عن الشعار السابق (الإصلاح والتغيير)، وكأن من وضع الاسم قصد تماما حرف الأنظار عن المصير الذي آل اليه الشعار السابق، كونه شعارا مطلبيا يرسم هدفا قابلا للتحقيق وخاضعا للقياس، واستبدله بشعار بعيد المدى يصعب على الجمهور إخضاعه للمساءلة.
وقال: شعار "القدس موعدنا" يحمل في طياته جميع الذرائع والمبررات الاستباقية للرد على أي تقصير والتهرب من أي مساءلة..